بلومبرغ
قال اثنان من أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم، إنَّ المستثمرين عليهم أن يتوقَّعوا تحقيق عائدات أقل بكثير في المستقبل، وأرجعوا ذلك إلى تراجع عائدات استراتيجية الاستثمار النموذجية "40/60"، التي تشير إلى توزيع أوزان الاستثمارات بين الأسهم والسندات داخل المحافظ في ظل بيئة الفائدة المنخفضة الحالية.
وذكر كلٌّ من صندوق الثروة السنغافوري GIC، وصندوق المستقبل الأسترالي أنَّ المستثمرين حول العالم اعتمدوا على سوق السندات لعقود من الزمن لتحقيق عائد استثماري مضمون، ولتعادل أوزان المخاطر مع الأسهم في محافظهم، ولكن تلك الأيام قد انتهت بسبب ارتفاع عائدات السندات بشكلٍ كبير.
استراتيجية "40/60"
وقالت سو بريك كبيرة مسؤولي الاستثمار في الصندوق الأسترالي: "لم تعد السندات تقدِّم الهدايا كما كان الحال في الماضي، إنَّ الارتفاعات التي استمرت 40 عاماً حقَّقت مكاسب لكلِّ المحافظ"، مضيفةً: "كل ذلك انتهى، لا يمكن استبدال السندات بفئة أصول واحدة".
وقال ليم تشو كيات، الرئيس التنفيذي للصندوق السيادي السنغافوري GIC، إنَّ المحافظ التي توزَّع أصولها باستراتيجية 40/60 سوف تحقِّق عوائد حقيقية – بعد احتساب التضخم – يتراوح بين 1 – 2% فقط سنوياً على مدار السنوات العشر المقبلة في ظل تراجع العائد على الاستثمار في السندات.
وأضاف ليم خلال المؤتمر الذي نظَّمته جمعية إدارة الاستثمار في سنغافورة بالتعاون مع بلومبرغ يوم الثلاثاء: "لهذا، لم يعد ذلك الاستثمار مثيراً".
وأشارت بريك إلى أنَّ صندوقها وباقي الصناديق يجب أن يعملوا بجدية أكبر من أجل تنويع محافظها الاستثمارية للحصول على عوائد مجزية.
أسباب التراجع
وحدَّدت بريك 6 عوامل أثَّرت على أداء الأسواق خلال الجائحة من بينها: زيادة تدخُّل الجهات التنظيمية، وارتفاع مخاطر التضخم، وظهور عوامل جديدة لتحديد الأداء، كما أنَّ الأسواق أصبحت أكثر هشاشة.
وقالت بريك، إنَّ الصناديق "تبكي كالذئاب" الآن بعد تحذيرات لأكثر من عقد من الزمان من تراجع العائد، وقد تجاهلوها فقط لرؤية استمرار المكاسب. ولكن يجب على المستثمرين الآن أن يتوقَّعوا عوائد أقل في المستقبل.
وعلَّقت بريك التي حقق صندوقها عائداً سنوياً 9.2% على مدار العقد الماضي قائلة: "نكرر ما حذرنا منه من قبل، سيكون من الصعب استمرار وتيرة العائدات نفسها، ولا يمكن لنا أن ننسحب إلى الزاوية، ونتوقَّف عن الاستثمار أو أن نضطر للحصول على تلك العائدات، وأعتقد أنه لا يجب أن نستثمر بتلك الطريقة الآن".
وحذَّر ليم من الإفراط في التحفيز الحكومي، وأثر ذلك على رفع معدَّلات التضخم، مضيفاً: "كمستثمر طويل الأجل، لدينا بعض المخاوف من التحفيز".
وتابع: "نفضِّل الإنفاق الاستثماري، وإنفاق الأموال التي تهدف إلى تحقيق نمو طويل الأجل، وبناء عوامل تحفيز طويلة الأجل بدلاً من استخدام الأموال في الإنفاق الاستهلاكي".
وأشار ليم الذي حقَّق صندوقه عائداً حقيقياً سنوياً 2.7% خلال عشرين عاماً الماضية، إلى أنَّ المستثمرين سيتعيَّن عليهم التعامل أيضاً مع المخاطر الجيوسياسية.
وقال: "إنَّها قضية ستستمر طويلاً"، وأضاف: "علينا إدارة الأمور بشكل صحيح، مثل التعامل مع الأمراض المزمنة، إذ ستستمر تلك العوائد لفترة طويلة، وقد تتأزَّم الأمور من حين لآخر".