بلومبرغ
حقق سهم مجموعة "علي بابا" أكبر مكاسب له في 6 أشهر، بعد أن اشترى الملياردير المؤسس المشارك جاك ما أسهماً فيها، في دفعة تحتاج إليها المجموعة بشدة وهي تصارع أزماتها الداخلية وانهيار سوق الأسهم.
ارتفع سهم رائدة التجارة الإلكترونية في الصين بنسبة تصل إلى 6.7% في هونغ كونغ، بعد أن حلّق بنسبة 8% في نيويورك. قال شخص مطلع إن جاك ما، الملياردير الذي كان يعلن مواقفه صراحة في السابق ولم يعد يظهر في المحافل العامة بعد أن فرضت بكين قيوداً عليه في عام 2020، اشترى أسهماً في المجموعة بقيمة 50 مليون دولار تقريباً في الربع الأخير من العام الماضي.
كما اشترى رئيس مجلس الإدارة جوزيف تساي –وثيق الصلة بجاك ما- أسهما بحوالي 150 مليون دولار في أول عملية شراء من نوعها منذ عام 2017.
ظهر ذلك وسط استمرار الشكوك حول تحول الاقتصاد الصيني بعد وباء كوفيد، الذي ساهم في تدهور سوق الأسهم الذي ضرب قطاعات واسعة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم. فقد سهم "على بابا" أكثر من 40% من قيمته العام الماضي مع تراجع الحصة السوقية للمجموعة، التي كانت ذات يوم أيقونة التجارة الإلكترونية في الصين، لصالح شركة "بي دي دي هولدينغز" (PDD Holdings)، وخضعت لتغيير في إدارتها.
تزامن ارتفاع سهم "علي بابا" في الولايات المتحدة يوم الثلاثاء مع زيادة بنسبة 5% في مؤشر هام يتتبع الأسهم الصينية المدرجة في السوق الأميركية بعد تقرير لـ"بلومبرغ" كشف عن تجهيز بكين لحزمة إنقاذ بقيمة 278 مليار دولار.
تعزيز الثقة في المدى القصير
أثارت أزمات "علي بابا"، وكذلك الخروج المفاجئ للرئيس التنفيذي السابق دانيال تشانغ، تكهنات بأن جاك ما نفسه قد يتدخل بشكل مباشر أكثر في شركته. كثّف المؤسس المشارك في الأشهر الأخيرة نشاطه العام، على الرغم من أنه لا يزال بعيداً كل البعد عن الأيام التي كان فيها منتظم الحضور في دائرة المؤتمرات العالمية.
قال وايلر تشن، المحلل في شركة "فورسيث بار آسيا" (Forsyth Barr Asia): "ربما كان لهذه الخطوة قيمة رمزية بالنظر إلى الصورة الذهنية عن شخصية جاك ما، وقد تعزز ثقة السوق في المدى القصير. وربما أنها أول عملية شراء يقوم بها جاك ما منذ ثماني سنوات مضت".
أضاف: "غير أن السؤال الرئيسي بالنسبة للمجموعة لا يزال متعلقاً بكيفية المنافسة مع (بي دي دي) واستعادة نموها".
قطع أشهر رجل أعمال في الصين في نوفمبر الماضي سنوات من الصمت، موجهاً للموظفين دعوة للاستعداد والتأهب. ولجأ إلى لوحة رسائل داخلية لحث "علي بابا" على "تصحيح مسارها" وأشاد بشركة "بي دي دي"، التي كانت تستولي على حصتها في السوق من خلال تطبيق التسوق الناجح "تيمو" (Temu).
قال ما، إن المجموعة تستطيع أن تنجح مرة أخرى بالتصميم والعمل الجاد.
منعطف حرج لـ"علي بابا"
من غير الواضح ما إذا كانت خطوة جاك ما، التي كانت صحيفة نيويورك تايمز أول من ينشرها، تمثل تحولاً في موقف مستمر منذ سنوات. فقد خفض الملياردير تدريجياً حصته في الشركة مع التركيز على مشاريعه الخاصة بما في ذلك الأعمال الخيرية. وكشف عن خطط للتخلص من 10 ملايين سهم بقيمة 870 مليون دولار تقريباً في 21 نوفمبر، وفقا لملفات الإفصاح المودعة العام الماضي.
لكن إعادة شراء الأسهم من جانبه تأتي في منعطف حرج بالنسبة لشركة تصدرت الصين ذات يوم وصنفت بين أكبر الشركات في العالم من حيث القيمة السوقية.
ويسعى تساي والرئيس التنفيذي الجديد إيدي وو إلى تجديد حيوية "علي بابا" بعد سلسلة من الإجراءات الخاطئة والتدقيق من جانب الجهات الرقابية الذي أدى إلى تآكل هيمنتها في السوق.
حالياً، يتعين على أيقونة الشركات الصينية، التي تحملت تقلبات الطلب الاستهلاكي بعد وباء كوفيد وحملة التضييق الحكومية القاسية المستمرة منذ سنوات، أن تتعامل مع صعود الشركات المنافسة، ومن بينها "بي دي دي" و"بايت دانس".
تراجع عن خطط التقسيم
في العام الماضي، كشفت المجموعة النقاب عن خطة لتقسيم نفسها إلى 6 أجزاء -ثم تراجعت عن ذلك أثناء إقالة رئيسها السابق دانيال تشانغ. ألغت المجموعة فصل وحدة الحوسبة السحابية التي تبلغ قيمتها 11 مليار دولار في شركة مستقلة، وهو ما كان يريده بعض المستثمرين، الذين صرحوا بأن الشركة تحتاج إلى إعادة ضبط هيكلية.
اشترت شركة "بلو بول مانجمنت" (Blue Pool Management)، التابعة لجوزيف تساي، ما يقرب من مليوني سهم من أسهم "علي بابا" المتداولة في الولايات المتحدة في الربع الأخير من العام الماضي، مقابل نحو 152 مليون دولار، وفقاً لملف الإفصاح المودع بالجهة التنظيمية.
كانت هذه هي المرة الأولى التي يشتري فيها صندوق تساي أسهم "علي بابا" منذ الربع الأخير على الأقل من عام 2017، كما بينت مراجعة ملف الإفصاح.
جاك ما، الذي تخلى عن منصبه كرئيس تنفيذي للمجموعة في عام 2019، لكنه لا يزال مساهماً رئيسياً فيها، اشترى أسهماً بقيمة 50 مليون دولار في الربع الرابع، بحسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز، نقلاُ عن شخص مطلع على الأمر.
قال ستيفن ليونغ، عضو مجلس الإدارة التنفيذي في شركة "يو أو بي كاي هيان" (UOB Kay Hian): "سيؤدي هذا إلى توفير تغطية قصيرة الأجل، غير أن المستثمرين على المدى الطويل قد لا يعودون. ولن تعود السيولة طويلة الأجل إلا عندما تتحسن توقعات الأرباح وتتراجع المخاطر السياسية".