بلومبرغ
أنهت وول ستريت تعاملات الأسبوع محققةً مكاسب، لتغلق الأسهم عند أعلى مستوياتها على الإطلاق وسط تكهنات بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيبدأ في خفض أسعار الفائدة هذا العام، مما يعزز التوقعات للشركات الأميركية.
جعلت موجة صاعدة جديدة في أسهم التكنولوجيا، التي تُعد الأكثر تأثيراً في السوق، مؤشر "إس آند بي 500" (S&P 500) لأعلى مستوى له على الإطلاق لأول مرة منذ عامين، مدفوعاً بآمال استمرار طفرة الذكاء الاصطناعي في دفع السوق للصعود، تخطى المؤشر مستوى 4800 نقطة لأعلى، متحدياً التحذيرات من أن صعوده لا يزال يتركز في مجموعة أقل من الأسهم.
صعدت أسعار الأسهم يوم الجمعة وسط استمرار انخفاض تقلبات سندات الخزانة، ما عزز معنويات المخاطرة في وول ستريت. كما دعم المعنويات أيضاً التقرير الذي اعتبره الكثيرون "جيداً للاحتياطي الفيدرالي"، والذي يظهر مزيجاً من ارتفاع ثقة المستهلك وانخفاض آفاق التضخم.
قال آرت هوغان من "بي ريلي ويلث" (B Riley Wealth): "الأخبار الجيدة أكثر بكثير من السيئة في البيانات الاقتصادية الأساسية مع دخولنا 2024، مع تباطؤ التضخم". وأضاف: "نتوقع مساراً معقولاً لاستمرار التضخم في التراجع تدريجياً، ونهاية رفع أسعار الفائدة الفيدرالية، وإعادة تسريع النمو الاقتصادي في النصف الثاني من 2024".
صعود بقيادة أسهم التكنولوجيا
ارتفع مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 1%، ليمحو خسائر هذا الأسبوع. ارتفع مؤشر "ناسداك 100" (Nasdaq 100) المكدس بأسهم التكنولوجيا بمقدار الضعف تقريباً، كما سجل سهم "أدفانسد ميكرو ديفايسز" (Advanced Micro Devices) مستوى قياسياً، وقاد سهم "إنفيديا" صعود الأسهم القيادية. لم تتغير عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بشكل ملحوظ. انخفض سعر الدولار.
منذ بلوغه أدنى مستوى له في أكتوبر 2022، ارتفع مؤشر "إس آند بي 500" بنحو 35% وتخطى أعلى مستوى إغلاق له عند 4796.5 نقطة.
إذا استندنا للتاريخ، فهناك احتمال لتحقيق المزيد من المكاسب في المستقبل. مر المؤشر بـ512 يوم تداول دون تسجيل رقم قياسي حتى يوم الخميس، والذي يُصنف على أنه سادس أطول موجة صعود منذ 1928، وفق "نيد ديفيس ريسيرش" (Ned Davis Research). وبعد عام واحد من تسجيله مستوى قياسياً جديداً، ارتفع المؤشر 13 مرة من أصل 14 مرة بمتوسط 13% خلال تلك الفترة.
قال نيكولاس بونساك، من "ستراتيجاس" (Strategas): "يبدو أن المسار الأقل مقاومة لسوق الأسهم هو الصعود، حتى ينسحب الإنفاق الاستهلاكي و/أو تنهار سوق العمل.. في غياب (التصحيح السلس)، لا تزال رؤيتنا إيجابية لسوق الأسهم مع زيادة التعرض للأسهم حتى نهاية العام، ولكننا نشك في نفس المزيج الذي قاد السوق في العام الماضي، أي أن (العظماء السبعة) ستواصل تولي القيادة".
نفس مجموعة الأسهم التي قادت صعود السوق اللافت العام الماضي ستعود مرة أخرى إلى تصدر المشهد في 2024. إذ تصدرت أسهم "مايكروسوفت"، و"إنفيديا"، و"ميتا بلاتفورمز"، و"ألفابت" -وكلها جزء من مجموعة العطماء السبعة- مكاسب مؤشر "إس آند بي 500" خلال الفترة الماضية في يناير. وفي الوقت نفسه، حصلت أسهم أشباه الموصلات على دعم هذا الأسبوع من التوقعات الإجابية لشركة "تايوان لتصنيع أشباه الموصلات".
يعود المستثمرون إلى أسهم النمو والتكنولوجيا و"فقاعة الذكاء الاصطناعي"، في ظل استقرار عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات في نطاق يتراوح بين 3.75% إلى 4.25%، وفق مايكل هارتنت من "بنك أوف أميركا". وفي حين شهدت الأسهم الأميركية عمليات استرداد بقيمة 4.3 مليار دولار في الأسبوع المنتهي في 17 يناير، استقبلت صناديق أسهم التكنولوجيا أكبر تدفق في أسبوعين منذ أغسطس بقيمة 4 مليارات دولار، حسبما قال "بنك أوف أميركا" نقلاً عن بيانات "إي بي إف آر غلوبال" (EPFR Global).
وقال بيتر بوكفار، مؤلف "بوك ريبورت" (Boock Report): "خلاصة القول، لقد خرجنا من مرحلة غليان الصعود والسوق أقل امتلاءً، لكنه لا يزال يميل بقوة إلى الصعود".
رهانات صناديق التحوط
بعد تعثرهم في بداية العام الماضي، ركز مديرو الصناديق على أسهم التكنولوجيا، لدرجة ظهور تحذيرات من أن مؤشر "ناسداك 100" يبدو أكثر عرضة لانسحاب المستثمرين.
تحتفظ صناديق التحوط بأعلى مستوى من صافي المراكز الشرائية في عقود مؤشر "ناسداك 100" الآجلة منذ ما يقرب من سبع سنوات، وفقاً لتحليل "سوسيتيه جنرال" المرجح لبيانات العقود الآجلة للمؤشر والعقود الإلكترونية المصغرة المقدمة من لجنة تداول عقود السلع الآجلة.
وفي الوقت نفسه، أظهر استطلاع لمديري الصناديق العالمية أجراه "بنك أوف أميركا" هذا الشهر أن سياسة التداول التي تشهد أكبر إقبال عليها هي شراء أسهم "العظماء السبعة" وغيرها من أسهم النمو المرتبطة بالتكنولوجيا كوسيلة للاستفادة من آفاق تحول الاحتياطي الفيدرالي لتيسير سياسته النقدية.
قال ماثيو ويلر من "سيتي إندكس" (City Index) و"فوركس دوت كوم": "استنادًا إلى حركة الأسعار الأخيرة، لا يبدو أن متداولي ناسداك 100 قلقون بشكل خاص بشأن تقارير الأرباح القادمة.. والآن، مع تداول أسهم "العظماء السبعة" بشكل جماعي بتقييم "مذهل"، "الشيء الوحيد الذي يمكن أن يسحب مؤشر ناسداك 100 للأسفل قد يكون نتائج الأرباح الضعيفة".
تباين في السوق
في حين أن الأسهم المكدسة في وول ستريت تبهر المستثمرين بقممها الجديدة، فإن مثل هذا التحرك لا يزال يخفي تبايناً متزايداً يشير إلى "مرض فني" مستمر، وفق دان وانتروبسكي من "جاني مونتغمري سكوت" (Janney Montgomery Scott).
أضاف وانتروبسكي: "عدد الأسهم الصغير الذي يقود الصعود يُعد بمثابة تكرار للعام الماضي (الأسهم الكبرى/الذكاء الاصطناعي/العظماء السبعة)، ونعتقد أنه إذا استمرت على هذا النحو، فإنها ستؤدي إلى نوبة أوسع من التقلبات في وقت ليس ببعيد".
الجمع بين النمو الأفضل من المتوقع والتحسن الملموس في التضخم، والذي يمنح الاحتياطي الفيدرالي المرونة لخفض أسعار الفائدة، يزيد قناعة مكتب الاستثمار الرئيسي في "يو بي إس" بالسيناريو الأساسي الذي وضعه للهبوط الاقتصادي السلس. في حين أن هذه النتيجة الحميدة تتوقعها السوق، إلا أن مكاسب الأسهم يمكن أن تتواصل قليلاً، وفق المصرف.
أوضح ديفيد ليفكويتز، من "يو بي إس غلوبال ويلث مانجمنت" (UBS Global Wealth Management): "مستهدفاتنا لمؤشر إس آند بي 500 لشهر يونيو وديسمبر هي 4900 نقطة و5000 نقطة على التوالي". وأضاف: "نحن نبقي على توصيتنا المحايدة للأسهم الأميركية في تخصيص الأصول التكتيكية لدينا. مع وصول تقييمات المؤشر لأعلى مستوياتها من وجهة نظرنا، فإننا نتطلع إلى أن يكون الارتفاع في نمو الأرباح هو المحرك الرئيسي للاتجاه الصعودي المتواضع إلى حد ما الذي نتوقعه".
نتائج الأعمال وتقييمات الأسهم
يشير ارتفاع الأسهم بأعلى من 10% بقيادة الشركات الكبرى في 2023 إلى أن عدداً متزايداً من الأسهم بالمؤشر القياسي مرتبط بشدة بآفاق الأرباح طويلة الأجل، وبالتالي أكثر حساسية لارتفاع العائدات.
ومع استمرار مخاوف التضخم، عادت الارتباطات الإيجابية بين الأسهم والسندات إلى الارتفاع. وتحول الارتباط الذي دام 60 يوما بين مؤشر إس آند بي 500 وسندات الخزانة القياسية إلى الإيجابية مرة أخرى، وهدد دور التحوط الذي تلعبه السندات منذ أغسطس من العام الماضي.
وقال كيث ليرنر من "ترويست ادفايزوري سرفيسز" (Truist Advisory Services): "الخبر السار هو أن السوق قامت بعمل جيد في التغلب على بعض التطرف في الأسعار والمعنويات من خلال التصحيح في الوقت المناسب وعبر التقلب، بدلاً من ضغوط البيع المكثفة.. اتجاهات الاقتصاد والأرباح والائتمان ما زالت تظهر قوةً".
تصريحات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي
من جانب آخر، يراقب المتداولون عن كثب تصريحات مسؤولي البنك المركزي، الذين تحدثوا قبل ساعات فقط من فترة التعتيم التقليدية التي تسبق اجتماع الاحتياطي الفيدرالي.
قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، أوستان غولسبي، إن استمرار انخفاض التضخم سيعزز مناقشة خفض أسعار الفائدة، على الرغم من تأكيده على أن البنك المركزي سيتخذ قراراته كل اجتماع على حدة. وقال نظيره في أتلانتا رافائيل بوستيتش إنه منفتح على تغيير وجهات نظره بشأن توقيت التخفيضات اعتماداً على البيانات، رغم أنه يريد التأكد من أن التضخم يسير "بشكل جيد" في طريقه إلى هدف 2% قبل تيسير السياسة النقدية. من جهتها، قالت ماري دالي، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو، إنه من السابق لأوانه إعلان الانتصار على التضخم.
الأسواق تبالغ في تقدير وتيرة ومقدار تخفيضات أسعار فائدة التمويل لدى الاحتياطي الفيدرالي لأنها تتجاهل التضخم المرتفع بشكل عنيد، وفقاً للخبير الاقتصادي محمد العريان.
وقال العريان، رئيس كلية كوينز في كامبريدج، وكاتب المقالات لدى بلومبرغ: "أعتقد أننا وصلنا إلى التحول، ولكن مقارنة بما تتوقعه السوق، لن يكون الأمر بهذه السرعة أو القدر".
خفف التجار رهاناتهم على تخفيضات أسعار الفائدة، في ظل استمرار قوة البيانات الاقتصادية الأميركية، وأكد مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي على رغبتهم في ضمان ترويض التضخم قبل الشروع في أي تيسير نقدي. وتتوقع الأسواق الآن خفض الفائدة بنحو 1.4 نقطة مئوية هذا العام، مقارنة بتوقعات بلغت 1.7 نقطة مئوية في الأسبوع الماضي.
أداء أبرز المؤشرات:
- صعد مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 1.2% في الساعة 4 مساءً يتوقيت نيويورك
- قفز مؤشر "ناسداك 100" 2%
- انخفض مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري 0.2%
- ارتفع سعر "بتكوين" 1.4% إلى 41638.5 دولار
- صعد سعر "إيثر" 1% إلى 2479.65 دولار
- ارتفع سعر الذهب في المعاملات الفورية 0.2% إلى 2028.23 دولار للأوقية