كيف يؤثر خفض إنتاج "أوبك+" على أسعار البنزين؟

تغير الأسعار سينعكس على العقود المستقبلية للوقود وتكلفة بيع الجملة

time reading iconدقائق القراءة - 13
مصفاة لتكرير النفط في ميناء عسلوية، إيران - AFP
مصفاة لتكرير النفط في ميناء عسلوية، إيران - AFP
المصدر:

بلومبرغ

أعلن تحالف "أوبك+" عن خفض إضافي للإمدادات في 2024، ومع ذلك تراجعت أسعار النفط على نحو غير متوقع. كشف ذلك عن تراجع سيطرة التحالف على السلعة الأكثر تداولاً في العالم، فسعر النفط هو العامل الأهم في تحديد المبلغ الذي يدفعه قائدو السيارات في محطات الوقود.

لذلك؛ فإن الجهود التي يبذلها تحالف "أوبك+" للحفاظ على مكانته، فضلا عن النفوذ المتنامي للمتداولين الذين يعتمدون على البرامج الآلية، ستكون لها تبعات على المستهلكين.

1) ماذا يحدث في "أوبك+"؟

اتفق تحالف الدول المنتجة للنفط، الذي تقوده السعودية، في 30 نوفمبر على خفض إضافي في الإنتاج بمقدار 900 ألف برميل يومياً خلال الربع الأول من 2024، بالإضافة إلى خفض السعودية الإنتاج طوعاً بمقدار مليون برميل يومياً، الذي لا يزال سارياً.

اقرأ أيضاً: توقعات بتزايد معروض النفط وتباطؤ الطلب.. 2024 تحد جديد لـ"أوبك+"

يهدف هذا الإجراء إلى تقليص فائض الإمدادات المرتقب في العام المقبل، لكن بما أن الخفض الجديد كان طوعياً، فلم يقتنع التجار بأن الاتفاق سيخفض المعروض بالسوق بشكل حقيقي، وهبط سعر خام غرب تكساس الأميركي بعد الإعلان عن خفض الإنتاج. وفي 21 ديسمبر، أعلنت أنغولا الانسحاب من التحالف بعد اعتراضها على خفض حصص الإنتاج.

2) لماذا لم ترتفع أسعار النفط؟

تنقسم الإجابة إلى شقين، وترتبط بتغير هيكلي في إمدادات النفط العالمية، والتطور الحديث نسبياً في كيفية تداول النفط.

الشق الأول؛ أن حجم إنتاج الدول غير الأعضاء في "أوبك+" زاد عمّا كان عليه، فالدول المنتجة للنفط في النصف الغربي من الكرة الأرضية ستضيف أكثر من 1.6 مليون برميل يومياً في العام الجاري، لتتحول مقاليد التوازن بعيداً عن التحالف الذي قاد الزيادة في الإنتاج العالمي حتى هذا العام.

سجلت الولايات المتحدة مستوى قياسيا من الإنتاج والتصدير، وتستعد كندا لزيادة كبيرة في الإنتاج والصادرات بعد توسعة خط أنابيب رئيسي. لذلك؛ فإن محاولات تجنب وجود فائض في الإمدادات ستحتاج إلى خفض ملموس أكبر مما اتفقت عليه "أوبك+"، أو ما يمكن تنفيذه.

الشق الثاني؛ هو تزايد سيطرة المضاربين على تداول عقود النفط المستقبلية، عوضاً عن الجهات التقليدية، مثل الشركات المنتجة وشركات التكرير، لا سيما بعد أن سبب مديرو الأصول المعتمدين على التداول باستخدام الخوارزميات، الذين يسيطرون حالياً على نحو 60% من حجم التداول في الولايات المتحدة، تقلب الأسعار وانفصالا بين الأسواق المادية والمالية. والسبب المرجح لذلك هو إنهم يتبعون الاتجاه السائد؛ فهم يستخدمون مؤشرات فنية لتحديد اتجاه الأسعار، ثم يضخمونه، ما يؤدي إلى تقلبات أكبر في الأسعار قد يبررها أو لا يبررها العرض والطلب الماديين.

3) إلى أين تتجه أسعار البنزين؟

إن إخفاق "أوبك+" وحلفاءه في رفع أسعار النفط يعني أن تكاليف البنزين ستكون مرشحة لانخفاض أكبر، وتراجع سعر البنزين في محطات الوقود في الولايات المتحدة شهرين متتاليين، قبل أن يتوقف الانخفاض في أواخر نوفمبر. بحسب البيانات الصادرة عن جمعية السيارات الأميركية، بلغ متوسط سعر البنزين نحو 86 سنتاً للتر (3.246 دولارات للغالون) في 29 نوفمبر، ما يعد انخفاضاً بأكثر من 7% عن الفترة نفسها في العام الماضي.

يُرجح أن تؤدي وفورات التكلفة بمحطات الوقود إلى زيادة الإنفاق على مبيعات التجزئة خلال العطلات، فقد أنفق المستهلكون الأميركيون، الذي يمثل إنفاقهم الاستهلاكي نحو ثلثي الاقتصاد الأميركي، مبلغاً قياسياً بلغ 9.8 مليار دولار عبر الإنترنت خلال "الجمعة السوداء" أو "البلاك فريداي".

4) كيف تؤثر أسعار النفط على أسعار البنزين؟

النفط يعد المادة الخام للبنزين، ويؤدي الدور الأهم في تحديد الأسعار بمحطات الوقود، ففي 2022، مثلت تكلفة النفط الخام 57% من سعر البنزين، بحسب إدارة معلومات الطاقة، واستحوذ التكرير، أي معالجة وتحويل الخام إلى وقود، على 18% أخرى من السعر، ووزعت بقية التكلفة بين الضرائب والتوزيع والتسويق.

عندما ترتفع أسعار النفط، تحذو عقود البنزين المستقبلية حذوها في الأغلب، ثم تصعد أسعار بيع الوقود بالجملة أيضاً. رغم ذلك، يميل مالكو محطات البنزين إلى الامتناع عن رفع أسعار بيع التجزئة لأطول فترة ممكنة للتنافس على العملاء، بل يواصلون ذلك في بعض الأحيان، رغم تكبدهم خسارة.

لكن عندما تبدأ أسعار بيع الجملة الانخفاض، يتجه بائعو التجزئة للإبقاء على الأسعار المرتفعة بمحطات البنزين لتعويض الضرر السابق على أرباحهم. لذلك؛ عادةً ما يوجد تأخر في حركة الأسعار بمحطات الوقود، مقارنة بالنفط.

5) هل هناك عوامل أخرى قد تؤثر على أسعار البنزين في المستقبل؟

تزيد شركات التكرير الأميركية إنتاج الوقود بعد العودة من موسم الصيانة الشاملة، وُيرجح أن يستمر تراجع الطلب خلال أشهر الشتاء، كما جرت العادة. يعني ذلك أن المخزون سيرتفع حتى فصل الربيع، حيث سيجذب الطقس الدافئ عدداً أكبر من سائقي السيارات على سبيل المتعة إلى الطرق.

هذا المزيج من زيادة العرض وانخفاض الطلب، يُرجح أن يمنع الأسعار من الارتفاع خلال الأشهر القليلة المقبلة. إلا أن بعض أنحاء البلاد أكثر عرضة لنقص الإمدادات وارتفاع الأسعار، فعلى سبيل المثال، تعتمد نيويورك على واردات البنزين القادمة من أوروبا، نتيجة سعة التكرير الإقليمية المحدودة وسعة خط الأنابيب التي لا تكفي لنقل الوقود من مركز خليج المكسيك. وتراجع حجم تلك الواردات في نوفمبر إلى 62 ألف برميل يومياً، أي أقل من نصف حجمها في أكتوبر، في ظل تحول المنتجين إلى الأسواق الأكثر دراً للأرباح في أفريقيا وآسيا. وإذا استمر ذلك التوجه، فقد يسبب أزمة إمدادات مؤقتة بالأسواق في الساحل الشرقي الأميركي، ما قد يرفع الأسعار.

تصنيفات

قصص قد تهمك