يبدو أن مجموعة "سوفت بنك" تجاوزت الأسوأ، فقد بلغ سعر سهمها ذروته، ويرجع الفضل في ذلك جزئياً إلى العمليات الجريئة في إعادة شراء الأسهم، والاكتتابات العامة الأولية الناجحة للشركات الناشئة الضخمة الملقبة بشركات "اليونيكورن"، مثل شركة توصيل الطعام "دورداش".
لكن قوة النجم المؤسس ماسايوشي سون تتضاءل. حيث إن "سوفت بنك" جمع 600 مليون دولار فقط، العام الماضي، في طفرة شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة الأمريكية.
في المقابل، جمع شاماث باليهابيتيا، المدير التنفيذي السابق لشركة "فيسبوك"، صاحب رأس المال الاستثماري والمؤثر الاجتماعي، 2.1 مليار دولار في يومٍ واحدٍ من شهر أكتوبر. إنه النجم الجديد على الساحة.
ماضي "سوفت بنك" يطارد "سون"
وربما يرجع هبوط نجم "ماسايوشي سون" إلى ماضي "سوفت بنك" المضطرب، وهو الأمر الذي لم يكن له هذا التأثير القوي في الماضي.
فلا تزال كارثة فشل الاكتتاب العام لشركة "وي وورك" في عام 2019 حية، إلى جانب التشابك الفوضوي مع "واير كارد" في العام الماضي.
كما تدرس "سوفت بنك" تخفيض حصتها البالغة 1.5 مليار دولار في "غرينسيل كابيتال"، والتي كانت تستخدم الخصم العكسي لتعطيل قطاع تمويل سلسلة التوريد.
والسؤال: هل يمكن لماسايوشي استئناف عام 2021 بسجلٍ نظيف، ودفع القادمين الجدد مثل "شاماث" جانباً، والظهور من جديد باعتباره صاحب رأس المال الاستثماري الأول في العالم؟
"كوبانغ"
دعونا نلقي نظرة على ما يريده مؤسس "سوفت بنك" ومديرها التنفيذي. يجهز صندوق "فيجن" الخاص به واحدة من الشركات الضخمة (يونيكورن) التي رعاها منذ فترة طويلة لاكتتاب عام أولي: إنها "كوبانغ" عملاق التجارة الإلكترونية في كوريا الجنوبية، والتي تشمل عملياتها توصيل البقالة وطلبات المطاعم عبر الإنترنت وحتى بث الفيديو.
وتسعى "كوبانغ" لجمع ما يصل إلى 3.6 مليار دولار في نيويورك. ويحتوي هذا الأمر على لمحة من وصفة سون القديمة للنجاح، والتي تم تجسيدها في "وي وورك"، عندما دخلت شركة مساحات العمل المشتركة هذه إلى السوق في عام 2019، حيث شعر المستثمرون بالقلق بشأن كومة ديونها الهائلة، بما في ذلك التزامات إيجارية بقيمة 47 مليار دولار.
لقد كان مثالاً صارخاً على ما أحبه ماسا – الشركة اليونيكورن التي تغذيها الديون والتي يبدو أنها تنمو على الرغم من الصعاب.
ويبدو أن "كوبانغ"، مثل "وي وورك"، تأسست قبل عقدٍ من الزمن، وهي متعطشة للمال إلى الأبد. وفي عام 2020، قفزت إيرادات الشركة بنسبة 91% على أساس سنوي إلى 12 مليار دولار، لكن تكاليف التشغيل ارتفعت بنسبة 81% أيضاً. في ذلك الوقت، تحول رأس مالها العامل إلى عجز قدره 892 مليون دولار بعد أن كان لديها 273 مليون دولار كفائض قبل عام.
بسبب الاستنزاف المالي، تملك "كوبانغ" حقوق ملكية سالبة اعتباراً من نهاية عام 2020، رغم وجود 2 مليار دولار من استثمارات صندوق "فيجين" الذي تبلغ قيمته 100 مليار دولار، والمتفق عليها في ديسمبر 2018.
ولدى هذه الشركة الكورية الجنوبية ديون بقيمة 5.7 مليار دولار؛ نصفها تقريباً، أو 2.9 مليار دولار، حسابات مستحقة الدفع لمورديها.
بعد كل ذلك فإنه ليس من المستغرب أن "كوبانغ" حريصة على التحول إلى شركة عامة مساهمة!
ويبقى السؤال بالنسبة للمستثمرين: أين الرافعة التشغيلية لهذه الشركة التي أصبح عمرها 10 سنوات، أو اقتصاديات الحجم الخاص بها؟ تبدو الربحية بعيدة المنال.
ومن المؤكد أنه طالما باستطاعة "كوبانغ" أن تصبح مدرجة في البورصة، فإن ذلك سيعد فوزاً لـ "ماسا".
وعلى مر السنوات الماضية، استثمرت "سوفت بنك" 3 مليارات دولار في الشركة الكورية، وبعد طرحها للاكتتاب العام، ستمتلك حصة 37% من خلال صندوق "فيجن"، ما يساوي 18 مليار دولار.
ولن يبيع صندوق "فيجين" حصته بعد الظهور الأول لـ"كوبانغ" في نيويورك، ولكن يمكنه تسجيل مكاسب ورقية رائعة.
كل شيء يسير بشكل جيد، لكن "كوبانغ" تذكرنا بعددٍ من شركات اليونيكورن التي لا تزال "سوفت بنك" متمسكة بها من خلال صندوق "فيجين". ما الذي يميز "كوبانغ" فعلاً، باستثناء استنزاف السيولة النقدية؟
شاماث باليهابيتيا
من ناحية أخرى، يبدو أن باليهابيتيا يعمل على شركات مميزة. فقد قام بدمج أول شركة استحواذ لأغراض خاصة مع شركة السياحة الفضائية "فيرجن غالاغتيك هولدينغز" العائدة لريتشارد برانسون.
أما ثاني عملية دمج لشركة استحواذ للأغراض الخاصة فكانت مع شركة التكنولوجيا العقارية الناشئة "أوبن دور تكنولوجيز"، التي دعمها "ماسا" لأول مرة في عام 2018. ومع ذلك، كان "باليهابيتيا" هو من أدرجها.
صندوق فيجن
لنلقِ نظرة على المحفظة الاستثمارية لصندوق "فيجين". فمنذ إنشائه في عام 2017، تم طرح 11 شركة ناشئة فقط في محفظته للاكتتاب العام؛ و74 شركة فقط بما فيها شركة التجارة الإلكترونية الإندونيسية "توكوبيديا" وصلت إلى الجولة الأولى من التمويل، ولا تزال مملوكة للقطاع الخاص.
واعتباراً من ديسمبر 2020، حقق صندوق "فيجين" أرباحاً رأسمال قدرها 18 مليار دولار مقارنة بالعام الماضي.
ولكن هل يمكن تحويل هذه المكاسب إلى أرباح نقدية؟ يتوقع الصندوق أن يبلغ إجمالي العائدات المحققة من بيع شركة "آرم هولديمغز" إلى "نفيديا" 10.1 مليار دولار، وإن كانت الصفقة لم تغلق بعد.
تأتي محاولة "سوفت بنك" لركوب طفرة شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة مليئة بالعيوب. حيث ألغت "سوفت بنك" الضمانة التي تسمح لحاملي أسهمها بشراء مزيد من الأسهم بعلاوة 15% على سعر الإصدار البالغ 10 دولارات في نشرة الإصدار المعدَّلة الخاصة بشركة الشيكات على بياض.
وتحظى شركة الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة بإعجاب كبير من جانب صناديق التحوط والمستثمرين الأفراد، حيث ترى الأولى أنها منتج دخل ثابت مع الكثير من الجوانب الإيجابية - بفضل مذكرة الضمان - بينما يستخدمها المستثمرون الأفراد كصندوق أسهم خاص "للرجل الفقير".
ومن المؤكد أن سعر سهم "سوفت بنك" عاد إلى ذروته. لكن هل هذا حقاً شيء يستحق الاحتفال؟ فكذلك فعل مؤشر ناسداك، الذي ارتفع إلى ما هو أكثر من ارتفاعاته القديمة. العالم سار قدماً. بدا "ماسا" يبدو وكأنه اسم من الماضي. ففي يوم من الأيام كان يدير أكبر صندوق لرأس المال الاستثماري في العالم.