بلومبرغ
واصلت سوق الأسهم الأميركية ارتفاعها القوي في نوفمبر قبل إعلان نتائج شركة "إنفيديا"، مع تنفس "وول ستريت" الصعداء بعدما أدى بيع سندات خزانة بقيمة 16 مليار دولار لمدة 20 عاماً إلى جذب المشترين.
وبعد وقت قصير من نتائج المزاد، عكست عائدات السندات الأميركية لأجل 10 سنوات مسارها، وانخفضت إلى نحو 4.4%. وأغلق مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" عند أعلى مستوى منذ أغسطس، بينما سجل مؤشر "ناسداك 100" أعلى مستوى له في 22 شهراً.
صعدت أسعار أسهم كلّ من "إنفيديا" و"مايكروسوفت" إلى مستويات جديدة، وسط إقبال على قطاع الذكاء الاصطناعي. في أواخر التداول، ارتفعت أسهم شركة "زووم" بفضل مبيعات أفضل من المتوقع، كما انخفض الدولار إلى أدنى مستوى في 11 أسبوعاً.
الأسهم الأميركية تفقد قوتها الدافعة وسط علامات على الإجهاد
وقال جون ستولتزفوس، كبير استراتيجيي الاستثمار في "أوبنهايمر لإدارة الأصول": "ما زلنا إيجابيين بشأن الأسهم"، متوقعاً "توسيع نطاق الارتفاعات التي شهدناها مؤخراً مع استمرار الاقتصاد الأميركي في التوسع المستدام، وإن كان بوتيرة متواضعة".
مبيعات سندات الخزانة
كان التجار يركزون اهتمامهم أيضاً على مبيعات سندات الخزانة، وخاصة بعدما عرضت الولايات المتحدة مؤخراً علاوة كبيرة إلى حد غير عادي على بيع الأوراق المالية لمدة 30 عاماً.
تمارس تلك المزادات تأثيراً متزايداً على الأسهم، مما يؤكد كيف سيطر مسار أسعار الفائدة على الأسواق في الآونة الأخيرة. وحقق مزاد السندات لأجل 20 عاماً عوائد بلغت 4.78%، مقارنة بمستوى ما قبل البيع البالغ 4.79%.
وبعد توقف دام أكثر من ثلاثة عقود، أعادت وزارة الخزانة إحياء سندات مدتها 20 عاماً في مايو 2020. وقبل مزاد يوم الاثنين، لم تكن الوزارة تبيع الأوراق المالية خلال أسبوع "عيد الشكر". لقد تم تداولها بسعر مخفض مقارنة بآجال الاستحقاق الأخرى طويلة الأجل، مما تسبب في درجة من المخاوف قبل البيع.
أسعار الأسهم الأميركية تواصل الصعود وسط آمال "الهبوط السلس"
وأشارت "برينسيبال" لإدارة الأصول إلى أن "سندات الخزانة تقدم عوائد جذابة للغاية، وعلى الرغم من أن إمكانية زيادة رأس المال قد تكون محدودة في مواجهة التباطؤ الاقتصادي الوشيك، فإن ضمان الدخل الثابت من سندات الخزانة يجعلها خياراً قوياً للمستثمرين الذين يمنحون الأولوية للاستقرار مع اقتراب عام 2024 غير المؤكد".
بالنسبة لبيتر بوكفار، مؤلف تقرير "بووك"، فإن المزاد كان مختلطاً إلى حد ما، إذ ركز المتداولون بشكل أكبر على العائد المنخفض مقارنة بالسعر قبله مباشرة، بدلاً من عرض السعر الأقل من المتوسط الذي يجب تغطيته. وأشار إلى أنه نظراً "لحالته الفريدة" إلى حد ما، وصغر حجم الطرح، "لا أعرف ما الذي سأستخلصه من المزاد من حيث الرسائل".
شركات التكنولوجيا
مع اقتراب موسم الأرباح، سيتطلع المستثمرون إلى نتائج مجموعة من تجار التجزئة وشركات التكنولوجيا.
قد تتجاوز النتائج الفصلية لشركة "إنفيديا"، الثلاثاء، توقعات المستثمرين المرتفعة، بفضل الطلب القوي على الذكاء الاصطناعي التوليدي. ومن المقرر أن تعلن شركات "بيست باي" (Best Buy Co)، و "نورد ستورم" (Nordstrom Inc)، و"لويس" (Lowe’s Cos) عن انخفاض المبيعات، مما يعكس التباطؤ في الإنفاق التقديري.
توقع استراتيجيون من "سوسيتيه جنرال" أن يرتفع مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" إلى نحو أعلى مستوى له على الإطلاق في أوائل العام المقبل، ثم يتراجع في منتصف العام، ليعود بعدها إلى نحو أعلى المستويات.
وكتب مانيش كابرا في مذكرة: "يجب أن يكون المؤشر في منطقة الشراء عند الانخفاض، مع استمرار تحسن المؤشرات الرئيسية للأرباح". وأضاف: "ومع ذلك، فإن الرحلة حتى نهاية العام يجب أن تكون بعيدة عن السلاسة"، مشيراً إلى الانكماش الاقتصادي، وعمليات بيع الائتمان التي تلوح في الأفق، والتشديد الكمي المستمر، بصفتها أمور على المتداولين مواجهتها.
ارتفاع غير مستدام
بالنسبة لبعض مراقبي السوق، يبدو ارتفاع مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" غير مستدام على نحو متزايد. توقع استراتيجيون تتبعتهم "بلومبرغ" في منتصف أكتوبر، أن المؤشر سينهي العام في المتوسط عند 4370 نقطة، لكن يتم تداوله بالفعل فوق 4500 نقطة.
للعودة إلى ذروته السابقة، يحتاج المؤشر إلى أكثر من مجرد انتعاش الأرباح الذي يبدو أنه جارٍ، إذ أن تخفيضات أسعار الفائدة ضرورية أيضاً لتحقيق هذه الغاية، وفقاً لنموذج القيمة العادلة الذي أعدته "بلومبرغ إنتليجنس" لمؤشر الأسهم الأميركية، والذي يقول إن السعر المستهدف المتفق عليه لعام 2024 على المقياس يبدو مرتفعاً للغاية.
أسعار المنتجين الأميركيين تسجل أكبر هبوط منذ أبريل 2020
من المتوقع أن يأتي الارتداد المعتاد بعد الإعلان عن الأرباح على خلفية استمرار معدلات الفائدة المرتفعة، ويُحتمل أن يقتصر الارتفاع المحتمل لمؤشر "إس آند بي 500" على المستويات القريبة من تلك التي تشهدها التداولات حالياً، حتى في أفضل السيناريوهات، وفقاً لتوقعات خبراء استراتيجيات الأسهم في "بلومبرغ"، جينا مارتن آدامز ومايكل كاسبر".
وقال جيسون برايد ومايكل رينولدز من "غلينميد": "لم تتجاوز السوق ككل بعد أعلى مستوياتها في أوائل عام 2022، مما يعكس حالة الشد والجذب بين التفاؤل بشأن الهبوط الناعم الذي يعكف بنك الاحتياطي الفيدرالي على هندسته، والاستهانة المحتملة بالرياح الاقتصادية المعاكسة".
في هذه الأثناء، ينقسم بعض كبار الاستراتيجيين في "وول ستريت" عندما يتعلق الأمر بتوقعات أرباح الشركات الأميركية في العام المقبل. وفي حين يتوقع سكوت كرونرت من "سيتي غروب" أن تصمد الأرباح حتى لو انزلق الاقتصاد نحو الركود، يقول ميسلاف ماتيكا، الخبير الاستراتيجي في بنك "جيه بي مورغان" إن تناقص قوة التسعير من شأنه أن يعيق إجمالي الإيرادات والهوامش بغض النظر عن تقلص النمو.
أرباح الشركات الأميركية
يُظهر مؤشر "سيتي غروب" أن التخفيضات في تقديرات الأرباح الأميركية فاق عدد الترقيات لمدة تسعة أسابيع متتالية، وهي أطول سلسلة منذ فبراير. وقال "كرونرت" إن تقديرات المحللين لعام 2024 ستنخفض في الربع المقبل، لكن ذلك لن يؤدي إلا إلى خفض مستوى التوقعات بالنسبة للشركات.
"مع توقف ارتفاع الدولار، سيحتاج الأمر إلى بعض البيانات القوية من الاقتصاد الحقيقي لتحدي السردية الحالية التي تميل للتساهل من جانب مجلس الاحتياطي الفيدرالي، وفقاً لما قاله لوين ثين الرئيس العالمي لاستراتيجية العملات في شركة "براون براذرز هاريمان آند كو" (Brown Brothers Harriman & Co).
وأشار "ثين" إلى أن "الاقتصاد الأميركي يواصل النمو فوق الاتجاه حتى مع انزلاق بقية العالم إلى الركود، في حين تظل ضغوط الأسعار مستمرة بما يكفي، بحيث لن يتمكن بنك الاحتياطي الفيدرالي من خفض أسعار الفائدة في أقرب وقت وبالقدر الذي تعتقده السوق". وأضاف: "رغم ذلك، يظل الدولار ضعيفاً حتى نرى تحولاً في معنويات السوق وتوقعاتها".
بالنسبة لسوليتا مارسيلي من "يو بي إس غلوبال ويلث ما نجمنت" (UBS Global Wealth Management)، يجب أن يظل الدولار مستقراً في الأشهر الأولى من عام 2024 بسبب النمو الاقتصادي القوي وارتفاع أسعار الفائدة مقارنة ببقية العالم.
من ناحية أخرى، واصل النفط مكاسبه، حيث عزز المتداولون رهاناتهم على أن تحالف "أوبك+" سيتدخل في السوق لدعم الأسعار.