اتهمته بالتلاعب فزادت ثروته.. كيف نجا الملياردير "تورلوف" من سهام "هيندنبرغ"؟

شركة البيع على المكشوف اتهمت "فريدوم" بالاحتيال فارتفع سعر السهم لأعلى مستوى

time reading iconدقائق القراءة - 22
تيمور تورلوف خارج بورصة ناسداك - المصدر: بلومبرغ
تيمور تورلوف خارج بورصة ناسداك - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يحاول تيمور تورلوف استيعاب النتائج العكسية لرهان شركة البحوث "هيندنبرغ ريسيرش" (Hindenburg Research) على انخفاض أسهم شركته الكازاخستانية للوساطة، لدرجة أنها حققت له أرباحاً مفاجئة صورية تجاوزت مليار دولار في فترة ما.

شركة البيع على المكشوف الأميركية استهدفت "فريدوم هولدينغ"، التي يملكها الملياردير الكازاخستاني، في أغسطس، باتهامات تتراوح ما بين الاحتيال والتلاعب بالسوق، إلى الالتفاف على العقوبات. بعدها بأيام، ارتفعت أسهم الشركة إلى أعلى مستوياتها.

بعد هذه الأزمة، أطل علينا الملياردير، البالغ 35 عاماً، ليشرح للمرة الأولى كيف تحملت شركته ما وصفه بأنه "درس باهظ وثمين من (هيندنبرغ)". يسيطر "تورلوف" على نحو 71% من "فريدوم"، وتُقيّم حصته حالياً بنحو 3.6 مليارات دولار.

رغم أن "تورلوف" بنى شركة إقليمية عملاقة في الولايات المتحدة بدأها بحصة ضئيلة، سمحت "فريدوم" لعملائها بشراء أسهمها مقابل فرصة الوصول إلى الاكتتاب في الأسهم الأميركية. ويبدو أن التعاون المثير للجدل كان أفضل خط دفاع للشركة في مواجهة "هيندنبرغ".

بالنسبة إلى "تورلوف" المولود في روسيا، أخفق الهجوم؛ إذ خلق –دون قصد- فرصة شراء لا يمكن تفويتها لعملاء شركة الوساطة، المساهمين فيها أيضاً.

في حوار مع "تورلوف" في ألماتي، عاصمة كازاخستان السابقة التي يعتبرها وطنه، قال: "لم تكن تلك الطريقة التي أفضلها لزيادة رأس مال الشركة. السبب في ذلك أن ما أدى إلى ارتفاع سعر الأسهم لم تكن قوتنا، بل خطأ شخص آخر". ورفضت "هيندنبرغ" التعليق على هذا الشأن.

تأثير تقرير "هيندنبرغ"

رغم استمرار تقلب سعر السهم المدرج ببورصة "ناسداك"، إلا أنه ارتفع بنحو 45% هذا العام حتى الآن، وصعد بما يقارب 11% منذ آخر جلسة تداول قبل نشر تقرير "هيندنبرغ" في 15 أغسطس. بلغت الأسهم التي يتم تجنيبها كضمان لقرض، وهي مؤشر على الفائدة قصيرة الأجل، أعلى مستوياتها في منتصف أغسطس متجاوزة نسبة 6% عن سعر الأسهم المتداولة، وانخفضت بأكثر من النصف منذ ذلك الوقت، وفقاً للبيانات الصادرة عن "إس آند بي غلوبال ماركت إنتليجنس" (S&P Global Market Intelligence).

الصراع الذي وقع في السوق لم يكن كافياً لإقناع "هيندنبرغ"، التي قالت إنها بعملية بيع على المكشوف لأسهم "فريدوم" بعد تحقيق في أمر الشركة استمر لمدة عام. كما واصل نيت أندرسون، مؤسس شركة البحوث، الإشارة على منصات التواصل الاجتماعي إلى أن الأسهم لا قيمة لها، واتهم "تورلوف" بأنه "يسارع إلى شراء الأسهم المتداولة".

تقرير "هيندنبرغ" وتبعاته جسدت المخاوف بشأن شركة نمت بسرعة فائقة وخطيرة؛ إذ زاد إجمالي أصولها وحسابات عملاء خدمات الوساطة بأكثر من الضعف خلال عامين، حتى 31 مارس الماضي.

قالت الجهة التنظيمية في كازاخستان، في بيان صدر أواخر أغسطس، إنها خلُصت إلى أن بعض معاملات مجموعة "فريدوم" المرتبطة بأوراق مالية وسندات حكومية أصدرتها وحدة تابعة للبنك المركزي، أُجريت "بغرض التلاعب". وتحقق وزارة العدل، ولجنة الأوراق المالية والبورصات في الولايات المتحدة مع الشركة حالياً، بحسب شبكة "سي إن بي سي".

منذ تقرير "هيندنبرغ"، طلب "الجميع تقريباً"، ومنهم الجهات التنظيمية الكازاخستانية والأميركية، من "فريدوم" إيضاحات، بحسب "تورلوف" الذي وصف تلك الطلبات بأنها "تتسم بطابع تقصي الحقائق". ورغم عدم تعليقه على الإجراءات التنظيمية، لكنه قال إن شركته لا تتوقع أن ينتج عن الأمر تبعات جسيمة أو توجيه أي اتهامات لها.

صفقات جديدة لـ"فريدوم"

سيشتد التدقيق مع تعزيز "فريدوم" حضورها في الولايات المتحدة وغرب أوروبا، وهما السوقان اللتان تولدان 10% من إجمالي الإيرادات في الفترة الحالية. وارتفع سهم الشركة بما يقارب 600% منذ إجراء طرح عام أولي في 2019.

في العام الجاري، وافقت الشركة على شراء "ماكسيم غروب" (Maxim Group) للخدمات المالية، ومقرها في نيويورك، في صفقة نقد وأسهم بنحو 400 مليون دولار، إلى جانب الاستحواذات الحديثة الأخرى في الولايات المتحدة، من بينها شركة "برايم إكسيكيوشنز" (Prime Executions Inc.) للوساطة و"إل دي مايكرو" (LD Micro)، وهي منصة جامعة للشركات ذات القيمة السوقية الصغيرة. تنتشر مكاتب "فريدوم" في أنحاء أوروبا وآسيا الوسطى والولايات المتحدة.

"إس آند بي" تدخل على الخط

قالت وكالة "إس آند بي للتصنيفات الائتمانية" إن "عدد متزايد" من مواطني الاتحاد الأوروبي ينضمون إلى قاعدة عملاء تتكون بشكل رئيسي في الفترة الحالية من كازاخستانيين، وأوكرانيين، وروس لم تفرض عليهم عقوبات. باعت "فريدوم" عملياتها في روسيا بعد غزو أوكرانيا العام الماضي، كما تنازل "تورلوف" عن الجنسية الروسية.

بعد أيام من تقرير "هيندبرغ"، وضعت "إس آند بي" تصنيف "فريدوم" الائتماني طويل الأجل على قائمة المراجعة تمهيداً لخفضه، منتقدة "ضعف امتثال الشركة وآليات إعداد القوائم المالية".

في 31 أكتوبر، أكدت الوكالة تصنيف الشركة مع نظرة سلبية، وقالت إن التداعيات المباشرة لمزاعم "هيندبرغ" جرى احتواؤها نسبياً، لكنها حذرت أيضاً من أنه "رغم تراجع الخطر على السمعة والمخاطر التنظيمية، فاحتمال وقوع مستجدات سلبية في المستقبل على المدى الطويل أمر لا يمكن استبعاده تماماً".

تعافي أسهم الشركة

يرى "تورلوف" أن المواجهة مع "هيندنبرغ" حُسمت فور أن أصبح عملاء "فريدوم" مشترين. انتهى البيع الكثيف بعد يومين، ثم ارتفعت الأسهم في 18 أغسطس، لتقفز بأكثر من 25%.

قال "تورلوف" إن ما حدث عبارة عن تغطية للمراكز المكشوفة، ما يعني أن المتداولين المراهنين على انخفاض أسهم شركته تعيّن عليهم تغطية مراكزهم بسعر أعلى، ما أدى إلى تعافي السهم. وبنهاية أغسطس، ارتفع السهم إلى أعلى مستوياته متجاوزاً 100 دولار.

وأضاف أنه لم يقم ولا شركته بشراء الأسهم، ففي 8 سبتمبر كان يملك نفس عدد الأسهم الذي امتلكه في "فريدوم" قبل هجوم شركة البيع على المكشوف، وأوضح أن شراء أي أسهم أخرى يستدعي تقديم إفصاح للجهة التنفيذية، كما أن سياسات التداول الداخلي المرتبطة بالتقارير المالية تعني أيضاً أن الإدارة ممنوعة من شراء أسهم الشركة.

أصر "تورلوف" أيضاً أن عملاء "فريدوم" اشتروا الأسهم من مالهم الخاص، رغم ذلك، لم يتسنّ التحقق من صحة هذه المعلومات، وأضاف: "ربما رأى العملاء في ذلك فرصة لتحقيق مكاسب في فترة ذعر عام".

رغم أن الأسهم المتداولة محدودة، قال "تورلوف" إن الشركة تضم أكثر من 10 آلاف مساهم. حقق من اشتروا الأسهم خلال انخفاضها- بينهم عدد من كبار العملاء- مكاسب سريعة قدّرها بعشرات الملايين.

قبل "فريدوم"، استهدفت "هيندنبرغ" نحو 30 شركة منذ 2020، لتُسبب انخفاض أسهمها بمتوسط 15% في اليوم التالي، وهو ما يعادل ضعف التراجع في أسهم "فريدوم" في اليومين التاليين لهجوم شركة البيع على المكشوف.

بحسب "تورلوف"، فإن الزلة الكبرى لـ"هيندنبرغ" كانت "الاستهانة بهيكل مساهمينا ومستوى ثقة العملاء فينا". وأضاف: "على خلاف عديد من الشركات متداولة الأسهم، نعرف الكثير من مساهمينا شخصياً".

اتهامات بلا إثبات

الشركة التي تنشط في البيع على المكشوف استهدفت في الآونة الأخيرة شخصيات بارزة، مثل كارل إيكان وغوتام أداني، وتعد أكبر خصم يواجهه "تورلوف" حتى الآن خلال حياة مهنية لازمتها الاتهامات والتحقيقات.

ردت "فريدوم" على الانتقادات السابقة بقولها إن نشاطها يتوافق مع ممارسات السوق، وهو رأي كرره تورلوف. ووصفت الشركة تقرير "هيندنبرغ" بأنه "تكهنات ومجموعة من الوقائع لا يوجد ما يثبت حدوثها".

رغم تعافي الأسهم، قال "تورلوف" إن التجربة سببت قدراً من المساءلة لشركته.

تسعى "فريدوم" إلى تعيين كبير لموظفي المخاطر ومدير للشؤون القانونية بنهاية 2023، ضمن جهود تتضمن خطة لإصدار تقرير يعتمد على التحقيقات بنهاية العام سيتصدى للاتهامات التي ساقتها "هيندنبرغ".

تصنيفات

قصص قد تهمك