بلومبرغ
من المرجح أن يرفع البنك المركزي التركي توقعاته للتضخم للعامين المقبلين اليوم الخميس، وهو تعديل من شأنه أن يشير إلى استمرار الحاجة إلى وصول أسعار الفائدة إلى مستوى أعلى كثيراً حتى بعد خمس زيادات كبيرة.
واكتسبت التوقعات الفصلية أهمية جديدة منذ تعيين المحافظة حفيظة غايا أركان في يونيو، إذ يقول المسؤولون الآن إنهم يريدون ربط السياسة النقدية بالمسار المتوقع لأسعار المستهلكين، بدلاً من معدل التضخم الحالي.
ربط الفائدة بتوقعات التضخم
مع تحول الاهتمام إلى العام المقبل، لم يُظهر التضخم أي علامة تُذكر على التباطؤ، مما قد يجعل توقعات البنك المركزي السابقة لنهاية 2024 البالغة 33% قديمة. وتتوقع "بلومبرغ إيكونوميكس" أن ترفع تركيا توقعاتها للتضخم بنحو 10 نقاط مئوية لهذا العام والعام المقبل، إلى 68% من 58% لعام 2023 وإلى أكثر من 40% في 2024.
ويرى جيم كاكماكلي، أستاذ الاقتصاد المشارك بجامعة دورهام في إنجلترا، أن هناك توقعاً "نهائياً" لتعديل تصاعدي حاد في التوقعات. وقال إن التوقعات الجديدة "بالغة الأهمية لأنها، بشكل غير مباشر، ستكون بياناً بشأن سياسة سعر الفائدة".
تقدم أركان تقرير أسعار المستهلكين النهائي لهذا العام في أنقرة بعدما أقر صناع السياسات بالفعل بأن التضخم من المقرر أن ينتهي هذا العام بالقرب من الحد الأعلى للتوقعات الحالية.
وتفسر الصورة الناشئة للأسعار مدى إلحاح دورة التشديد النقدي التي شهدت بالفعل زيادة سعر الفائدة الرئيسي في تركيا بأكثر من أربعة أضعاف إلى 35%. وبعد تقرير التضخم الأخير في يوليو -والذي عدل التوقعات بالرفع الحاد- عين الرئيس رجب طيب أردوغان مباشرةً أعضاءً جدداً في هيئة صنع القرار في البنك المركزي، وهي خطوة أعقبتها ثلاث زيادات كبيرة في أسعار الفائدة بما يصل إلى 750 نقطة أساس.
كانت أركان، إلى جانب مسؤولين مثل وزير المالية محمد شيمشك، في طليعة التحول في السياسة منذ فوز أردوغان بفترة جديدة في مايو، إذ تحول فريق جديد من التكنوقراط عن الإجراءات غير التقليدية التي يُلقى عليها باللوم في إبعاد المستثمرين الأجانب والتسبب في سلسلة من أزمات العملة.
لكن ما يزيد من تعقيد احتمالات ارتفاع الفائدة على الاقتراض في الأشهر المقبلة هو مجموعة من الانتخابات المحلية في مارس والتي يمكن أن تحول تركيز الرئيس مرة أخرى إلى إعطاء الأولوية للتوظيف والنمو الاقتصادي.
قالت الخبيرة الاقتصادية، سيلفا بحر بازيكي: "نتوقع رفع البنك المركزي التركي توقعاته للتضخم في 2023 و2024 بنحو عشر نقاط مئوية في تقرير التضخم الفصلي الأخير لهذا العام-والذي يصدر في الثاني من نوفمبر. مع ذلك، نعتقد بأن البنك المركزي لن يصل إلى المعدل النهائي لدورة التشديد النقدي بعد الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في مارس من العام المقبل.
رأي "بلومبرغ إيكونوميكس":
في الوقت نفسه، يطالب المستثمرون البنك المركزي باتخاذ موقف أكثر تشدداً، نظراً لأن أسعار الفائدة الأساسية لا تزال أقل بكثير من الصفر عند تعديلها وفقاً للتضخم الحالي. وترى بنوك عالمية، مثل "مورغان ستانلي" و"جيه بي مورغان تشيس آند كو"، أن أسعار الفائدة التركية لن تبلغ ذروتها إلا عند 40%-45%.
بدورهم، قال مسؤولون مثل شيمشك إنهم يركزون على الفرق بين أسعار الفائدة على الودائع والتضخم المتوقع على مدى الأشهر الـ 12 المقبلة، مما يشير إلى أن السياسة أكثر تشديداً بالفعل مما يبدو خلاف ذلك.
ويبلغ عائد الودائع بالليرة حتى ثلاثة أشهر نحو 44% بحسب أحدث البيانات. فيما يبلغ التضخم السنوي أكثر من 12 ضعف المستهدف الرسمي، وربما تسارع إلى ما يقرب من 62% في أكتوبر، وفقاً لأوسط توقعات الاقتصاديين الذين استطلعت بلومبرغ آراءهم.
دور أردوغان في السياسة النقدية
من المرجح أن يثير تقييم قاتم من أركان اليوم الخميس مرة أخرى تساؤلات بشأن ما إذا كانت لا تزال تحظى بدعم أردوغان لمكافحة التضخم. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن تنهي تركيا هذا العام ولديها واحد من أعلى مستويات التضخم في العالم بعد زيمبابوي وفنزويلا والسودان والأرجنتين.
وطالما دافع الرئيس، الذي نصب نفسه عدواً لأسعار الفائدة، عن فوائد الائتمان الرخيص وأزاح ثلاثة من أسلاف أركان لصالح محافظين أكثر تساهلاً وانقياداً.
ودأب شيمشك، وهو مصرفي سابق في وول ستريت، مثل أركان، على القول إن أردوغان يدعم النهج الجديد دعماً كاملاً. وعند عرض تقرير التضخم الأخير في يوليو، قالت أركان إن البنك المركزي "مستقل تماماً".
تمثل التوقعات الأكثر واقعية في عهد أركان تغيراً مهماً عن التقييمات المتفائلة التي كان يقدمها عادة سلفها في المنصب، الذي لم تأخذ قراراته السياسية التضخم في الاعتبار على نحو يذكر.
وكتب كليمنس غراف وباشاك إديزغيل، الخبيران الاقتصاديان في "غولدمان ساكس"، في تقرير "بينما كنا ننظر في السابق إلى قرارات سعر الفائدة التي يتخذها البنك المركزي التركي على أنها غير مواكبة إلى حد بعيد لتطورات التضخم، فإننا نعتقد الآن أن سعر الفائدة على عمليات إعادة الشراء أصبح أداة أكثر أهمية في استهداف التضخم".