الشرق
كثفت مصر مشترياتها الخارجية من القمح خلال شهر ونصف الشهر، سواء من خلال المناقصات العالمية أو الشراء بالأمر المباشر، ليصل إجمالي الكميات المتفق عليها منذ مطلع سبتمبر حتى الآن نحو 1.6 مليون طن، في مقابل نحو 120 ألف طن فقط تم الاتفاق على شرائها خلال نفس الأشهر المماثلة من 2022.
كما أن ثلاثة من التجار العالميين في القمح أرجعوا لـ"الشرق" أسباب توسع مصر في شراء القمح مؤخراً إلى مخاوف الحكومة من تفاقم التقلبات السياسية في المنطقة، وفرض عقوبات على الدول التي تستورد منها الحبوب، بجانب تراجع الأسعار العالمية خلال الفترة الحالية 32% عن العام الماضي، لذلك؛ فهو وقت مناسب للتحوط.
لم ترد وزارة التموين في مصر على طلبات من "الشرق" للتعليق على أسباب تكثيف مشتريات القمح الفترة الأخيرة.
تُعد مصر أحد أكبر مستوردي القمح في العالم، كما أن مشترياتها تُتابع عن كثب كمرجع عالمي، وهي تشتري عادةً من الخارج ما يصل إلى 12 مليون طن سنوياً للقطاعين الحكومي والخاص.
التحوط
قفزت واردات مصر من القمح بنحو 30% خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي إلى 8.34 مليون طن مقابل 6.43 مليون طن في الفترة ذاتها من 2022، بحسب وثيقة رسمية اطلعت عليها "الشرق".
أرجع نقيب عام الفلاحين بمصر حسين عبدالرحمن أبو صدام تكثيف الدولة شراء القمح من الخارج إلى "تعزيز المخزون الاستراتيجي من السلعة الأساسية، إلى جانب التحوط من الأوضاع الجيوسياسية التي يمر بها العالم، وتغيرات سعر الصرف"، وأضاف: "التكهنات كلها تشير إلى حدوث تحرير في سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، وهو ما سيدفع العملة الخضراء للارتفاع".
تعاني مصر من شح واضح في العملة الصعبة، على الرغم من تخفيضها قيمة الجنيه ثلاث مرات منذ بداية 2022، وفقدانه ما يقرب من نصف قيمته أمام الدولار.
إن احتياطي مصر الاستراتيجي من القمح يكفي الاستهلاك المحلي 4.7 شهور، بحسب بيان لمجلس الوزراء المصري الأحد الماضي.
أبو صدام أوضح لـ"الشرق" أن لدى مصر عجزاً بين الاستهلاك المحلي والإنتاج يصل إلى 50%، إذ يتم استهلاك نحو 20 مليون طن سنوياً في مقابل إنتاج يصل إلى 10 ملايين طن، وهو ما يدفع القطاع الحكومي والخاص لاستيراد الفارق من الخارج.
أحد كبار التجار في سوق القمح عالمياً قال لـ"الشرق" طالباً عدم نشر اسمه: "التقلبات السياسية في المنطقة تؤدي إلى تفاقم المخاوف من تطور الحرب وفرض عقوبات من الدول التي نستورد منها الحبوب، وهو السبب الرئيسي لاتجاه الحكومة لتوفير كميات قمح تكفي حتى 6 أشهر.
السداد الآجل
يبدأ موسم زراعة القمح في منتصف شهر نوفمبر حتى نهاية شهر يناير، في حين يبدأ موسم الحصاد من منتصف أبريل حتى منتصف يوليو.
قال أحد كبار التجار في سوق القمح لـ"الشرق" طالباً عدم نشر اسمه: "لأول مرة تتجه هيئة السلع التموينية بمصر لشراء القمح بنظام سداد آجل لمدة 270 يوماً، إذ كانت أقصى مدة بالسابق تبلغ 180 يوماً، وهو ما ساهم في زيادة الكميات المُتعاقَّد عليها، والهدف من زيادة المدة الزمنية هو القدرة على توفير الدولار".