بلومبرغ
تقهقر اليوان إلى حد نطاق التداول المُحدَّد مقابل الدولار، إذ تأثرت العملة الضعيفة بتفاقم أزمة العقارات في الصين وقوة الدولار.
تراجع اليوان في التعاملات المحلية هذا الأسبوع منخفضاً بأكثر من 1.9% من السعر الاسترشادي اليومي -الذي حدده بنك الشعب الصيني (المركزي)- والذي يحدد نطاق تحرك العملة عند 2% صعوداً وهبوطاً. كان سعر الصرف أمس الاثنين الأقرب إلى حد النطاق منذ أكتوبر 2022.
تمثل عودة اليوان للهبوط تطوراً محبطاً لصناع السياسات النقدية، الذين تمكنوا من تحقيق استقرار العملة قبل أقل من أسبوعين عبر زيادة تكلفة الرهان على تراجع العملة، وتوجيه تحذير لفظي قوي ضد المضاربين على هبوطها. ولمنع اليوان من الوصول إلى نهاية حد التداول -عند هذه النقطة قد تجف السيولة- يمكن لبنك الشعب الصيني أن يختار خفض نطاق سعر الصرف اليومي، مما يسمح له فعلياً بمواكبة السعر في التعاملات الفورية.
مع ذلك، ما يحدث يرسل إشارة مفادها أن بكين تعطي الضوء الأخضر لخفض قيمة العملة، مما قد يؤدي إلى هبوطها بشكل أكثر حدة وتمويل تدفقات رأس المال المتدفقة إلى الخارج.
من الممكن أن يختار البنك المركزي أيضاً تعزيز دفاعه عن سعر الصرف من خلال تدابير تدخِّل أكثر قوة ـمثل إحداث أزمة سيولة في هونغ كونغ أو تشديد ضوابط رأس المال في الصين. من شأن هذه الإجراءات أن تدفع اليوان إلى الاقتراب من السعر الاسترشادي اليومي دون الحاجة إلى خفضه.
موقف صارم تجاه الدولار
قال شياو جيا تشي، الخبير الاقتصادي لدى بنك "كريدي أجريكول سي آي بي" (Credit Agricole CIB) في هونغ كونغ، إن بنك الشعب الصيني "قد يشعر بالقلق بشأن مخاطر تدفق رأس المال إلى الخارج وتأثيراتها على استقرار النظام المالي وثقة السوق، خاصة وأن المعنويات في الصين ظلت ضعيفة للغاية.. ففي مواجهة قوة الدولار، يُظهر بنك الشعب الصيني موقفاً صارماً للغاية".
أمس الاثنين، تعمقت أزمة "تشاينا إيفرغراند غروب" (China Evergrande Group) بعد أن قالت وحدة الشركة في البر الرئيسي إنها أخفقت في سداد سندات محلية، مما ألحق الضرر بالثقة في الأصول المقومة باليوان وتعافي ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
كما زاد الموقف صعوبة ارتفاع الدولار المستمر بفضل قوة البيانات الأميركية والرهان على تشديد الاحتياطي الفيدرالي للسياسة النقدية.
تقلص حجم التداول
لم يطرأ تغيّر يذكر على اليوان صباح الثلاثاء، إذ استقر عند 7.31 للدولار، مقارنة مع سعر الصرف الذي حدده بنك الشعب الصيني عند 7.17 أمام الدولار. ارتفعت تكلفة اقتراض العملة في هونغ كونغ على المدى القصير إلى أعلى مستوياتها منذ 2022، مما يثير تكهنات بأن الصين ربما تقلص سيولة عملتها في الخارج لدعم سعر الصرف. كما أدى انخفاض حجم التداول باليوان إلى المبالغة في تحركات السوق وأصبح من السهل على العملة الوصول إلى الحد الضعيف. نفذ المستثمرون معاملات بقيمة تقل عن 10 مليارات دولار باليوان.
ابتكار أدوات للدفاع عن اليوان
على الرغم من ضعفه مقابل الدولار الأميركي، إلا أن اليوان أقوى مقابل سلة من 24 عملة تتبعها "بلومبرغ". لكن هذا يعزى إلى الجهود التي يبذلها المسؤولون لمنع العملة من الانزلاق مقابل الدولار، وليس التفاؤل بشأن الأصول الصينية.
قال كين تشيونغ، كبير استراتيجيي العملات الأجنبية في آسيا لدى مصرف "ميزوهو بنك"، إن الفجوة الأوسع بين سعر الصرف الفوري لليوان والتحديد اليومي "تعكس الضغط المتزايد لخفض قيمة اليوان والموقف الثابت لدى بنك الشعب الصيني للدفاع عنه"، موضحاً أن البنك المركزي سيواصل استخدام الأدوات الحالية لدعم العملة وهناك احتمال أن يبتكر أدوات جديدة.