بلومبرغ
أصبحت صناديق التحوط أكثر سلبية من أي وقت مضى تجاه اليورو قبل قرار سعر الفائدة الذي سيتخذه البنك المركزي الأوروبي الأسبوع الجاري والذي يصعب التنبؤ به.
تخلصت الصناديق من 90% من صافي مراكزها الشرائية باليورو في شهر واحد فقط وسط تكهنات متزايدة بأن صناع السياسة سيوقفون دورة رفع أسعار الفائدة القوية. ينقسم الاقتصاديون والأسواق فعلياً حيال قرار البنك الأوروبي، حيث يتوقع المتعاملون نسبة لا تتعدى 40% لرفع سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية يوم الخميس.
أطول سلسلة خسائر منذ 2014
رغم أن التضخم لا يزال ثابتاً وأعلى كثيراً من هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2% -وهي الخلفية التي تستدعي أسعار فائدة أعلى- فإن الدلائل تتزايد على أن النمو آخذ في التدهور، وهذا يوفر أرضاً خصبة للرهانات على التخلي عن العملة الأوروبية الموحدة، والتي انخفضت بالفعل 5% تقريباً منذ منتصف يوليو في أطول سلسلة من الخسائر الأسبوعية منذ 2014.
قالت جانيت موي، رئيسة تحليل السوق في "آر بي سي بروين دولفين" (RBC Brewin Dolphin) في لندن: "ضعف اليورو له ما يبرره، وأعتقد أن البنك المركزي الأوروبي سيتوقف مؤقتاً عن رفع الفائدة"، مضيفة أن ذلك سيكون قراراً لا مناص منه. إذا توقف عن رفع أسعار الفائدة، فقد يضعف اليورو أكثر قليلاً".
وجهة النظر هذه تزداد شيوعاً، فبينما يشير متوسط التوقعات إلى أن اليورو سيختتم العام عند 1.09 دولار، مرتفعاً من 1.07 حالياً، كانت التوقعات قبل بضعة أسابيع تبلغ 1.12 دولار. وهذا أسرع تراجع في التوقعات منذ أكثر من عام.
يذهب كثيرون إلى ما هو أبعد من ذلك ويحذرون من انخفاض أشد صوب التكافؤ مع الدولار. فقد خفضت "إتش إس بي سي هولدينغز" توقعاتها لليورو إلى 1.03 دولار بعد أن كانت تتوقع صعوده إلى 1.15 مقابل العملة الأميركية. وتعتقد "كابيتال إيكونوميكس" (Capital Economics) أن يصل اليورو إلى دولار واحد بحلول نهاية العام، وهو مستوى تاريخي لم تنحدر إليه العملة الأوروبية منذ أواخر 2022. وقد بدأ المستثمرون في الاستجابة لهذه النداءات.
ضعف نمو أوروبا يهوي باليورو
قال أنتوني فوستر، رئيس التداول الفوري للعملات العشر الكبرى في "نومورا إنترناشيونال" (Nomura International): "معظم صناديق التحوط تراهن على انخفاض اليورو، وبشكل عام على صعود الدولار. تشير المناقشات مع العملاء إلى أنهم قلقون بشأن استمرار بيانات المسح الضعيفة، ولكن التضخم يظل ثابتاً. إنهم قلقون بشأن أسعار الطاقة والصين".
يسهل أن نرى سبب تلاشي التفاؤل. لم ينمُ اقتصاد منطقة اليورو إلا بالكاد في الربع الثاني، وزادت وتيرة إفلاس الشركات إلى أكثر من الضعف، في حين أظهرت القراءة الأخيرة لنشاط القطاع الخاص أن الانكماش يزداد حدة.
منذ وقت ليس ببعيد، كانت السوق تراهن على أن الأمر سينتهي بالولايات المتحدة إلى الركود بينما ستتمكن أوروبا من الإفلات منه. والآن أصبح الأمر على العكس من ذلك. وقد عزز ذلك العملة الأميركية في جميع المجالات، إذ حقق مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري أطول سلسلة أسبوعية من المكاسب منذ إنشائه في 2005.
قد لا يكون التحول في المعنويات قصير الأجل. فتحليل تحديد مراكز الشراء والبيع (الدائنة والمدينة)، الذي يأخذ في الاعتبار المتوسط المتحرك لليورو وتقلبه، يشير إلى مسار نزولي مستمر لأول مرة في 2023، وفق "بنك أوف أميركا".
قال أثناسيوس فامفاكيديس، رئيس استراتيجية العملات العشر الرئيسية في البنك: "يشير هذا إلى أن هذا الاتجاه النزولي لليورو/الدولار يمكن أن يستمر. بيانات منطقة اليورو كانت سلبية على نحو مفاجئ ومستمر في الأشهر القليلة الماضية، خاصة بالمقارنة مع البيانات في الولايات المتحدة. في ألمانيا، كانت البيانات قاتمة".
المركزي الأوروبي مستمر في كبح التضخم
لمواصلة الانخفاض، يجب على اليورو أولاً أن يخترق مستوى 1.05 دولار، وهي عقبة ارتد عنها عدة مرات هذا العام بالفعل. كما يمكن أن يجذب بعض المستثمرين لجني الأرباح من مراكزهم البيعية. وهذا يجعله مستوى دعم يراهن متداولو الخيارات أن يستمر في الغالب.
حذّرت جريس بيترز، رئيسة استراتيجية الاستثمار لأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في "جيه بي مورغان برايفت بنك" (J.P. Morgan Private Bank)، من أن السوق يجب ألا تقلل أيضاً من عزم البنك المركزي الأوروبي على مكافحة التضخم. وهي ضمن المعسكر الذي يرى أن رفعاً آخر لأسعار الفائدة الأسبوع الجاري من شأنه أن يدعم اليورو.
قالت بيترز: "أنا أكثر ميلاً لشراء اليورو عند هذه المستويات. من السهل أن تكون مضارباً على انخفاض اليورو في الوقت الحالي بسبب التركيز على النمو، لكن البنك المركزي الأوروبي لديه تفويض واحد وهو السعر. قد يكون هذا هو الارتفاع الأخير لهذه الدورة، ولكن سيتعين على البنك المركزي الأوروبي أن يظل متشدداً. اليورو لديه هامش للارتفاع".
في حين أن نتيجة اجتماع الأسبوع الحالي قد تكون متقاربة للغاية -بل إن وجهات نظر أعضاء مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي متباينة- فإن الأمر الواضح هو أن منطقة اليورو من غير المرجح أن تكون قادرة على التعامل مع تكاليف الاقتراض الأعلى. وهذا يعطي الدولار ميزة، نظراً للقوة الأكبر التي يتمتع بها الاقتصاد الأميركي.
قال لوك هيكمور، مدير الاستثمار في "أبردن" (Abrdn): "لست متأكداً من أن اقتصادات أوروبا يمكنها تحمل المزيد، وهناك خطر كبير من حدوث ركود تضخمي هنا، وهو أمر ليس جيداً لكل أنواع الأصول تقريباً، بما في ذلك اليورو".