بلومبرغ
وقعت سرقة سافرة أخرى لزيت الزيتون الإسباني، تتجاوز قيمتها نصف مليون دولار هذه المرة، في أحدث مثال كيف أفضت الأسعار المرتفعة بشكل قياسي إلى ارتفاع معدل الجريمة في أكبر دولة زراعة للزيتون.
اختفى ما يقارب 50 ألف لتر من زيت الزيتون البكر الممتاز المجهز للتعبئة في الساعات الأولى من 30 أغسطس من معصرة في مقاطعة قرطبة في إسبانيا. حمّل اللصوص زيتاً عالي الجودة بقيمة 500 ألف يورو في خزانين وسط الظلام، وقالت مجموعة المنتجين المحليين إن السرقة استغرقت ساعتين على الأرجح.
الجرائم في قطاع الغذاء ليست أمراً جديداً، لكن موجة سرقات زيت الزيتون في الآونة الأخيرة توضح مدى الاهتمام بهذه السلعة الأساسية، بعدما أفضى الجفاف الذي ضرب إسبانيا إلى ارتفاع كبير في الأسعار. وتمثل السرقات وعمليات بيع المنتجات المغشوشة في المتاجر مشكلة أخرى للمنتجين الذين يواجهون أحوال طقس متطرفة، وارتفاع التكاليف، والمخاوف حول الطلب في ظل تراجع إنفاق المستهلكين المفتقرين إلى المال.
وقال مارتين بارا، مدير بشركة "مارين سيرانو إل لاخار" (Marin Serrano El Lagar SL)، وهي الشركة التي تعرضت للسرقة التي وقعت في الأسبوع الماضي بمدينة كاركابويي في مقاطعة قرطبة: "الجميع قلقون نظراً لاستمرار الأسعار في الارتفاع، وأصبح زيت الزيتون ذهباً سائلاً حقيقياً".
ارتفاع أسعار زيت الزيتون يسبب لي صدمة شخصية
تعد أزمة الزيتون في إسبانيا تذكيراً بكيف يمكن لتغير المناخ تهديد الإمدادات؛ فقد أدى الجفاف المدمر إلى انخفاض إنتاج البلد من زيت الزيتون في منتصف موسم 2022-2023، كما ساعدت التحديات التي يواجهها الإنتاج في إيطاليا على تقليص الإمدادات على مستوى العالم. وهدد الجفاف وموجات الحر في العام الجاري محصول إسبانيا المقبل، وبطريقة مشابهة، ويتوقع اتحاد "أساخا" (ASAJA) للمزارعين محصولاً سيئاً.
ارتفاع الأسعار وزيادة السرقات
ساعد ذلك على ارتفاع الأسعار الفورية في جنوب البلد لأكثر من الضعف عن مطلع العام الماضي. كما قفز سعر زجاجة زيت الزيتون البكر الممتاز بنحو 15% منذ منتصف يوليو في محال البقالة الإسبانية، وفقاً لرابطة "أو سي يو" (OCU) للمستهلكين.
غالباً ما يفضي ارتفاع الأسعار إلى ارتكاب مزيد من الجرائم في قطاع السلع الأولية، من البلاتينيوم والنحاس إلى الخشب. أما عن الزيتون، فيستهدف اللصوص الثمرة، سواء قُطفت حديثاً أو ما زالت على الأشجار، إلى جانب الزيت المجهز. وقد سُرق نحو 259 ألف كيلوغرام من الزيتون بمنطقة خايين المهمة في إسبانيا خلال موسم 2022-2023، في ارتفاع بنسبة 29% عن العام الماضي، وفقاً لجهة حكومية.
حمية البحر المتوسط لن تحمي المستهلكين من تضخم أسعار الغذاء
في منتصف أغسطس، استهدف اللصوص 7 آلاف لتر من زيت الزيتون المخزن في مدينة تيبا، مالقة. وسرقوا زيتاً معبأ، بل وسكبوا بعضه على الأرض خلال محاولتهم تعبئة قدر منه بأنفسهم.
يشيع أيضاً غش السلعة الأساسية، ففي مارس، سحبت السلطات في منطقة إكستريمادورا 11 علامة تجارية من الأسواق مُزجت بزيوت أخرى ولم تكن صالحة للاستهلاك.
ولتعزيز التأمين، يتجه المنتجون مثل بارا إلى تركيب بوابات جديدة أو دراسة توظيف خفراء. يتمثل الأمل الوحيد في الزيت المسروق من كاركابويي أن تعثر الشرطة على الجناة نظراً لعدم امتلاكهم مستندات تتبع المنشأة الرسمية، حسب مكارينا سانشيز، مديرة رابطة معاصر زيت الزيتون المحلية.
قال بارا: "لكن إذا غادروا البلاد، سأعُد هذا الزيت مفقوداً بالتأكيد".