لماذا يجب أن يقلق العالم مجدداً من ارتفاع أسعار الغاز؟

الإضرابات العمالية المرتقبة في أستراليا تهدد بالقضاء على التوازن الهش لإمدادات الغاز العالمية

time reading iconدقائق القراءة - 7
أنابيب لضخ الغاز الطبيعي المسال - المصدر: بلومبرغ
أنابيب لضخ الغاز الطبيعي المسال - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

عادت أزمة الغاز لتهدد الاقتصاد العالمي مع احتمال حدوث إضرابات عمالية في أستراليا التي تعتبر دولة منتجة رئيسية، ما يهدد بالقضاء على التوازن الهش للإمدادات العالمية، ورفع فواتير المستهلكين مرة أخرى.

لا يزال الطلب على الوقود في نصف الكرة الشمالي ضعيفاً، قبل شهرين من بدء موسم التدفئة. لكن احتمال إغلاق المصانع لفترة طويلة والظواهر الجوية المتطرفة التي اختبرت أنظمة الطاقة هذا الصيف، فضلاً عن النكسات الراهنة بين الدول الكبرى المنتجة، قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار الغاز بالجملة.

الغاز الأوروبي يتأرجح وسط مخاوف إضرابات العمال في أستراليا

أثارت زيادة المخاوف بشأن الإمدادات نزاعاً حول الأجور والظروف العمالية في محطات إسالة الغاز الأسترالية التابعة لشركة "شيفرون" (Chevron) ومجموعة "وودسايد إنرجي" (Woodside Energy)، حيث تشكلان أكثر من 10% من إمدادات الغاز الطبيعي المسال العالمية.

دفعت مليارات الدولارات التي جناها أصحاب المحطات من الاضطرابات (التي أدت إلى ارتفاع أسعار الغاز إلى مستويات قياسية في الصيف الماضي) العمال إلى المطالبة بالحصول على تعويضات أعلى أيضاً، في وقت يُتوقع أن تواصل النقابات العمالية المفاوضات غداً الثلاثاء.

إضراب محتمل في أستراليا

قال أويستين كاليكليف، الرئيس التنفيذي للشركة المالكة لسفن الغاز الطبيعي المسال "فليكس إل إن جي" (Flex LNG) في أوسلو: "يأتي الإضراب المحتمل في أستراليا في وقت تشهد فيه سوق الغاز مزيداً من المخاطر، على رغم تراجع الأسعار عند مستويات منخفضة نسبياً مقارنةً بالسنوات الأخيرة الماضية".

يزيد حجم الطاقة السنوية الأسترالية المتأثرة قليلاً عن مرتين ونصف من قدرة شركة "فريبورت" (Freeport LNG) الأميركية للغاز الطبيعي المسال في تكساس، حيث أدى الإغلاق الذي استمر شهوراً بسبب انفجار وحريق يونيو 2022 إلى قلب الأسواق رأساً على عقب.

رغم أن أسعار الغاز لا تزال بعيدة عن أعلى مستوياتها قبل حوالي عام، إلا أن تقلبات الأسعار هذا الشتاء قد تعني ارتفاع فواتير تدفئة المنازل والكهرباء في المنازل، ومستهلكي الغاز في المصانع بما في ذلك صناعات الصلب والأسمدة والسيراميك، التي لا تزال تعاني من المستويات المرتفعة العام الماضي.

أسعار الغاز الأوروبي تقفز 21% مع ارتفاع مخاطر العرض للغاز المسال

هشاشة تدفقات الغاز العالمية

تسلط الإضرابات العمالية الضوء على هشاشة تدفقات الغاز العالمية، بعد أكثر من عام من تصحيح وضع السوق بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا. لا تزال أوروبا، التي تضررت بشدة من قرار روسيا الذي يقضي بالحد من تدفقات الغاز عبر خطوط الأنابيب في خطر، حيث حذّر المسؤولون التنفيذيون في شركات الطاقة الكبرى خلال الأسابيع الأخيرة من أن يعرّض الشتاء البارد والانقطاعات غير المتوقعة، المنطقة لخطر نقص الامدادات.

تعتبر آسيا الأكثر تعرضاً بشكل مباشر للتدفقات الأسترالية، وتهدد حرب الأسعار مع أوروبا بدفع فواتير المستهلكين إلى الارتفاع في كلتا المنطقتين.

إذا استمر الإضراب في مصانع "غورغون (Gorgon) ” و"ويتستون" (Wheatstone) و"نورث ويست شيلف" ((North West Shelf للغاز الطبيعي المسال في أستراليا لمدة شهر واحد، قد تتأثر ثلاثة ملايين طن من الإمدادات، ما يؤدي إلى إزالة حوالي 44 شحنة من الغاز الطبيعي المسال من السوق، حسبما قال كلاوديو ستيور، مدير شركة "سينرجي كونسلتينغ" (SyEnergy Consulting).

بحث عن الوقود في الأسواق الفورية

قد يحدث ذلك بشكل وشيك في المنشآت التي تزود مشروع "نورث ويست شيلف" (North West Shelf) الذي تديره شركة "وودسايد" (Woodside)، حيث صوّت العمال بالفعل للموافقة على الإضرابات. يُرجح أن تجتمع "وودسايد" يوم الثلاثاء مع النقابات العمالية، التي يجب أن تقدم إشعاراً قبل 7 أيام قبل التوقف عن العمل.

قد يكون التأثير كبيراً، حيث تلقت كل من اليابان وتايلندا وتايوان حوالي ربع إمداداتها من تلك المنشآت هذا العام ، وفقاً لبيانات صادرة عن شركة "إندبندنت كوموديتي إنتلجينس سيرفسيز" (Independent Commodity Intelligence Services)، المعروفة اختصاراً بـ"آي سي آي إس".

كما أنها قدمت 14% من واردات الصين، و28% من واردات سنغافورة. قد يضطر المشترون المعتادون إلى البحث عن الوقود في الأسواق الفورية بدلاً من ذلك، لأن مجموعة إمدادات الغاز الطبيعي المسال لا تزال محدودة إلى حد كبير.

كما تتعرض الإمدادات في أماكن أخرى لضغوط. حيث تراجعت صادرات الغاز الطبيعي المسال الروسية في الأسابيع الأخيرة بسبب أعمال الصيانة في اثنين من أكبر منشآتها.

مصر توقف صادرات الغاز

تمتلك دولة ترينيداد وتوباغو مصنعاً واحداً للعمل المخطط له خلال معظم شهر أغسطس، كما أوقفت مصر صادرات الغاز تقريباً، مع دعم الطقس الحار الطلب المحلي. كما كان أداء الإمدادات النيجيرية ضعيفاً وسط قضايا طويلة الأمد تتعلق بالغاز والأمن.

تقرر إجراء المزيد من أعمال الصيانة المجدولة خلال الربع الثالث، التي تشمل مشروع "بريلود" (Prelude) وهي منشأة أخرى لإنتاج الغاز الطبيعي المسال في أستراليا.

يُرجح أن تحظى الولايات المتحدة أكبر دولة موردة للغاز الطبيعي المسال وأكثرها مرونة، بالكثير من الاهتمام من المشترين الذين يبحثون عن إمدادات بديلة.

يتزامن التوقيت مع موسم الأعاصير المستمر في المحيط الأطلسي، والذي أنقذ حتى الآن ساحل الخليج الأميركي، حيث يتركز مصدرو الغاز الطبيعي المسال الأميركيون. تتزايد احتمالات حدوث موسم أعاصير نشطة بشكل غير عادي في المحيط الأطلسي مع ارتفاع درجات حرارة المحيطات، وفقاً لخبراء الأرصاد الجوية في الولايات المتحدة.

محطات تسييل الغاز الأميركية

"لن تتمكن محطات تسييل الغاز الأميركية من تسييل كميات إضافية من الغاز بشكل عاجل" بحسب أندريه بيلي، الرئيس التنفيذي لشركة "باليسين" (Balesene OÜ)، وهي شركة استشارية للطاقة في منطقة تالين.

إذا امتد انقطاع الإمدادات الأسترالية إلى سبتمبر، سيؤثر ذلك على الإمدادات والأسعار العالمية في الفترة التي تسبق موسم التدفئة. ستحتاج الأسعار في كل من آسيا وأوروبا إلى الارتفاع لجذب الغاز الطبيعي المسال المتاح والحفاظ على دفء المنازل.

بالنسبة إلى بعض المشترين الأكثر حساسية لتقلبات الأسعار، مثل الهند ، يمكن أن يصبح الغاز الطبيعي المسال مكلفاً للغاية - اختارت البلاد بالفعل عدم قبول عروض التوريد التي سعت إليها مؤخراً لعام 2024.

"في سوق الغاز الطبيعي المسال الضيقة، قد يؤدي ذلك إلى ارتفاع مؤشري الأسعار حيث تتنافس الأسواق الإقليمية الرئيسية على إمدادات الغاز الطبيعي المسال المحدودة"، وفقاً لستيور من شركة "سينرجي كونسلتينغ"، مضيفاً "سيكون ذلك خيراً للمتداولين، حيث لا أحد يعرف أين سيكون سقف سعر السوق الفعلي".

تصنيفات

قصص قد تهمك