بلومبرغ
الرهان على ارتفاع سوق السندات ليس واضحاً حتى الآن.
فعلى ما يبدو أن رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول أعطى المتعاملين يوم الأربعاء إشارة إيجابية كانوا ينتظرونها- وهي أن البنك المركزي ربما ينهي أخيراً أكبر رفع لأسعار الفائدة منذ أوائل الثمانينيات. ثم في اليوم التالي، قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد إن لديها "عقلاً منفتحاً" على زيادة تشديد السياسة النقدية، مما يبرز المعنويات المتغيرة عند البنوك المركزية حول العالم.
بيانات اقتصادية قوية
لكن هناك قوى أخرى تخفف من شدة التفاؤل.
فالمتعاملون في الأوراق المالية في وول ستريت يتوقعون أن تبدأ مبيعات سندات الخزانة بكثافة قريباً مع زيادة اقتراض الحكومة. ويمكن أن يواصل بنك الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة-أو الإبقاء عليها مرتفعة لفترة أطول-إذا ثبت أن التضخم عصي على التراجع أكثر مما كان متوقعاً. أما بنك اليابان، فتراجع عن سياسته النقدية التيسيرية للغاية من خلال السماح لعوائد السندات بالارتفاع، مما يمنح المشترين اليابانيين حافزاً أكبر للاستثمار في الوطن وسحب الأموال من الولايات المتحدة.
تبدت المخاطر يوم الخميس، عندما ارتفعت عوائد السندات بعد صدور بيانات أقوى من المتوقعة عن الاقتصاد الأميركي وتسرب أخبار عن التحرك الوشيك لبنك اليابان. وقد عوض ذلك أي انخفاض حدث بعد اجتماع الاحتياطي الفيدرالي، مما دفع عوائد سندات الخزانة لأجل عشر سنوات إلى أعلى مستوياتها خلال العام.
قال كين شينودا، مدير المحافظ بشركة "دابل لاين كابيتال" (DoubleLineCapital) ، لـ"تلفزيون بلومبرغ": "جيروم باول تأخر قليلاً في بدء دورة رفع أسعار الفائدة وقد يبقبها مرتفعة. السوق تتوقع الخفض في وقت قريب ربما العام المقبل، وقد تظل أسعار الفائدة مرتفعة لفترة طويلة".
تهدد هذه العوامل بإطالة أمد التعافي المتقطع لسوق السندات من تراجع العام الماضي، عندما ألحق رفع أسعار الفائدة بالمستثمرين أكبر خسائر منذ عقود.
خسائر شهرية ثالثة
تتجه سوق سندات الخزانة نحو خسارتها الشهرية الثالثة على التوالي، تاركة تلك الأوراق المالية بمكاسب 1% تقريباً لهذا العام، وفقاً لمؤشر بلومبرغ القياسي. وهذا أقل بكثير من الارتفاع الذي كان يتوقعه البعض في وول ستريت عندما بدأ العام.
قال جيسون برايد، مدير استراتيجية الاستثمار والبحوث في "غلينميد" (Glenmede) التي حوّلت الأموال إلى نقد وديون قصيرة الأجل للتحوط من تقلبات السوق: "سندات الخزانة ستُسّعر بشكل أفضل عندما تعكس السوق تماما احتمال إبقاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي معدلات للفائدة أعلى من 5% في منتصف العام المقبل وخفضها تدريجياً فقط من ذلك المستوى".
بالطبع، ما من شك في أن دورة رفع الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة انتهت إلى حد بعيد، نظراً لأن التضخم ينحسر باطراد وهو أقل بكثير من العام الماضي.
يتوقع متداولو عقود المقايضة أن يصبح رفع سعر الفائدة يوم الأربعاء الماضي-والذي دفع مؤشرها المعياري إلى نطاق مستهدف من 5.25% إلى 5.5%- آخر رفع يقدم عليه الاحتياطي الفيدرالي. وتظهر العقود احتمالاً أقل من 50% بأن ترتفع أسعار الفائدة مرة أخرى هذا العام، على أن يبدأ خفضها في وقت قريب ربما في مارس. ومن المتوقع حالياً خفضها بنقطة مئوية كاملة في 2024.
ولكن مع اتباع باول نهجاً يعتمد على البيانات، يمكن أن تتغير هذه التوقعات بسهولة إذا تسارع النمو الاقتصادي أو التضخم. ويصدر الأسبوع الجاري عدد كبير من البيانات الأميركية الرئيسية، منها تقرير الوظائف الشهري لوزارة العمل. ويتوقع الاقتصاديون أن يُظهر تباطؤاً طفيفاً في نمو الأجور والرواتب، والذي من المحتمل أن يدعم وجهة النظر القائلة بأن الاحتياطي الفيدرالي سيبقي أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه التالي في سبتمبر.
ضغوط من الخارج
تصدر وزارة الخزانة الأسبوع الحالي إعلانها الفصلي بخصوص إعادة تمويل السندات، والذي يوضح المبلغ الذي تتوقع أن تقترضه في الأشهر المقبلة. يتوقع المتعاملون أن تبدأ موجة تستمر عدة فصول من زيادة معروض السندات في ظل ما تواجهه الولايات المتحدة من عجز متزايد في الموازنة، لأسباب منها ارتفاع تكاليف الفائدة.
قال مارك كابانا، رئيس استراتيجية أسعار الفائدة الأميركية في "بنك أوف أميركا": "هذا يزيد مخاوفنا بشأن حالة العرض والطلب فيما يتعلق بمعدلات الفائدة الأميركية. نتوقع مخاطر استمرار انخفاض قيمة سندات الخزانة من أجل تحفيز الطلب".
ضغوط أخرى تأتي من الخارج. فقد أشار بنك اليابان يوم الجمعة إلى أنه سيضاعف فعلياً النطاق الذي يحدده لأسعار السندات لأجل 10 سنوات من خلال عرض شرائها بعائد 1%، وهي خطوة صغيرة إلى الوراء عن السياسة النقدية الفضفاضة التي جعلته يغرد خارج سرب البنوك المركزية الرئيسية في العالم.
هذا مهم لأنه يعني أن "عوائد السندات العالمية تسير دون هدى إلى حد ما"، حسبما قال جيم كارون، كبير مسؤولي الاستثمار للمخاطر العالمية المتوازنة في "مورغان ستانلي إنفستمنت مانجمنت"، لـ"تلفزيون بلومبرغ".