الأسهم تسحق السندات في أكبر تحول لمعنويات المستثمرين منذ 1999

المستثمرون أكثر تفاؤلاً بالأسهم وسط سيل من الطلبات عليها يطلق العنان لارتفاعات محمومة

time reading iconدقائق القراءة - 13
موظف في شركة تداول أوراق مالية يغطي وجهه بيديه محاولاً أخذ قسط من الراحة لعينيه من النظر إلى الشاشات داخل بورصة نيويورك للأوراق المالية، الولايات المتحدة - المصدر: بلومبرغ
موظف في شركة تداول أوراق مالية يغطي وجهه بيديه محاولاً أخذ قسط من الراحة لعينيه من النظر إلى الشاشات داخل بورصة نيويورك للأوراق المالية، الولايات المتحدة - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

افترضت جميع الأحاديث التي دارت منذ ديسمبر الماضي أن 2023 سيكون "عام السندات"، وقد بدا ذلك الافتراض صحيحاً، لفترة أو لأخرى خلال فصل الشتاء، وسط ما أعقبه من أوضاع اقتصادية قاتمة.

لكننا قد تجاوزنا هذه التقديرات الآن؛ حيث بدأ سيل من الطلبات على الأسهم يطلق العنان لارتفاعات محمومة في جميع أنحاء العالم، في إشارة إلى أن مسيرة المكاسب من المرجح ألا تكون قد انتهت، فقد جعلت هذه الحال المستثمرين أكثر تفاؤلاً بشأن الأسهم على حساب السندات أكثر من أي وقت مضى، منذ أن بدأت نماذج "سنتيمينت تريدر" (SentimenTrader) في قياس هذه المعنويات قبل 24 عاماً.

قال ناثان ثوفت، الرئيس العالمي لتوزيع الأصول في "مانولايف أسيت مانجمنت" (Manulife Asset Management) في بوسطن، الذي قلّص انكشافه الائتماني وركز على زيادة الوزن النسبي للأسهم: "في ظل تزايد المعنويات والجوانب الفنية ومخاطر الركود؛ فإنَّنا تحوّلنا من توصيتنا بتخفيض الوزن النسبي للأسهم إلى زيادتها".

تضافرت في 2023 المقومات التي تؤهله لأن يكون عاماً حاسماً بالنسبة إلى الدخل الثابت. كان من المفترض أن تؤدي نهاية الزيادات المتشددة لأسعار الفائدة التي يقوم بها بنك الاحتياطي الفيدرالي والتحول إلى سياسة أيسر، إلى ارتفاع في السندات وجعلها تحوطاً ضد تراجع النمو.

لكن بدلاً من ذلك، يبدو أن الاقتصاد تمكّن من تحقيق إنجاز استثنائي، إذ تباطأ التضخم في حين تتوفر وظائف جديدة.

يستمر النمو في التسارع، كما أن مسؤولي البنك المركزي الأميركي لم يعد بوسعهم توقع حدوث ركود. فما يزال الاحتياطي الفيدرالي يرفع أسعار الفائدة - على الرغم من أنه ربما يكون قد نفّذ للتو أحدث زيادة هذا الأسبوع- ولم ترقَ السندات إلى مستوى التوقعات بصفتها صمام أمان.

انعكاس مفاجئ

وجد هذا المسار العكسي المفاجئ أن عدداً من أبرز الاستراتيجيين المؤيدين لجانب البيع يعترفون بخطأ التقديرات، بالإضافة إلى أن آخرين يطورون أهدافهم حيال الأسهم، ويخفضون توقعاتهم بشأن الركود، أو يتخلون عنها تماماً.

أكثر من نصف العملاء الذين شملهم استطلاع "جيه بي مورغان تشيس" في الأسبوع الماضي يقولون إنهم مقتنعون الآن بأن الاقتصاد الأميركي يمكن أن يستمر في التوسع على الرغم من الزيادات المتسارعة، أو ما يسمى بالسيناريوهات "الناعمة" أو "عدم الهبوط". يظهر الاستطلاع قفزة في عدد المستثمرين الذين يخططون لزيادة الانكشاف على الأسهم على حساب السندات.

هذا هو الوضع الحاصل بالفعل. فقد زاد المستثمرون من أصحاب التقديرات -الذين يخصصون النقد بناءً على وجهة نظرهم للاقتصاد-وتيرة شراء الأسهم بالتزامن مع توقيت الإعلان عن اللقاح في أواخر عام 2020، وفقاً لـ"دويتشه بنك". تعكس التدفقات على الصناديق المتداولة في البورصة تفضيلاً قوياً للأسهم على الدخل الثابت في الأشهر الثلاثة الماضية، وهو مسار مخالف بشكل كبير للتوجهات التي ظهرت مع بداية العام.

قال كين ماهوني، الرئيس التنفيذي لشركة "ماهوني أسيت مانجمنت" (Mahoney Asset Management): "المراهنون على انخفاض الأسهم هم الذين علت أصواتهم طوال العام وما زالت كذلك، وفي غضون ذلك؛ زادت السوق جدار القلق تماماً طوال الوقت. يمكننا بالتأكيد فهم وجهة نظرهم. لكنهم يفتقدون إلى الجوانب الفنية التي أخبرتنا أن الأسهم في سبيلها إلى الارتفاع".

مكاسب غير متصورة للأسهم

لا يتعلق الأمر بأن تفوق تنبؤات ارتفاع السندات هذا العام كانت خاطئة تماماً -فقد حققت عوائد إيجابية على امتداد المنحنى حيث يحصد المستثمرون عائدات كبيرة مقابل قدر محدود من المخاطر. فالأسهم سجلت مكاسب لم يكن من الممكن تصورها هذا العام- فقد ارتفع مؤشر "ناسداك 100" الذي تغلب عليه أسهم التكنولوجيا بنسبة 44%، وهو الأمر الذي حفّز أداءها النسبي على نحو أذهل المحترفين في "وول ستريت".

على الرغم من أن سيناريو الهبوط الناعم هو الغالب حالياً في السوق؛ لكنه ليس مؤكداً بأي حال من الأحوال.

قال أليكس برازير، نائب رئيس معهد "بلاك روك إنفستمنت" (BlackRock Investment)، في مقابلة مع تلفزيون "بلومبرغ": "الحال الذي تعوّل عليه السوق الآن هو الهبوط الناعم، إذ لابد أن تسير أمور كثيرة في هذا الاتجاه، أما المخاطر فهي في اتجاه واحد".

قد يستغرق التأثير المتأخر البالغ 525 نقطة أساس لرفع أسعار الفائدة الفيدرالية عامين أو أكثر ليلقي بظلاله على الاقتصاد. ربما يكون اتجاه الانكماش صورة عابرة، ويرجع السبب في قدر كبير منه إلى انخفاض أسعار النفط. قد يعني تداول أسهم التكنولوجيا في مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" بمقدار 28 ضعفاً نسبة إلى الأرباح المحتملة أنها قد تكون مؤهلة للبيع، بينما تميل المراكز إلى الاتجاه الصعودي، وإلى أي تراجع يخاطر بهبوط أكبر.

العوامل الفنية والتقلبات

مع ذلك؛ اعترف برازير أن العام الحالي لم يشهد التطور الذي توقعه هو وزملاؤه في "بلاك روك" حتى الآن.

قال: "تفاجأ الكثيرون بما حدث، لا سيما في سوق الأسهم الأميركية".

تشير نماذج "سنتيمنت تريدر" إلى أن التحول قد يستمر. على عكس الماضي؛ فإنَّ المطلعين من الشركات هم من كبار المشترين، في حين أن العوامل الفنية، مثل التقلب الخافت والخيارات الصعودية، تبقي المعنويات مرتفعة تجاه الأسهم.

الحالتان الأخريان الوحيدتان اللتان كانت فيهما معنويات الأسهم مقابل السندات متباعدة للغاية هما في عامي 2003 و2009، وهما الاتجاهان اللذان خرجا من أسواق هابطة مطولة، ويشيران إلى تحول كبير في توقعات المستثمرين، بحسب جيسون غويبفيرت، مدير الأبحاث في "سانديال كابيتال ريسيرش" (Sundial Capital Research) و"سنتيمنت تريدر"، التي تحلل مراكز العقود الآجلة والدراسات الاستقصائية ونشاط الخيارات وتدفقات الأموال، إذ أضاف بالقول: "الاتجاهان سبقا أسواقاً صاعدة جديدة".

تصنيفات

قصص قد تهمك