تحويل "كوين بيس" لشركة عامة خطوة غير موفقة

مع زيادة أهمية حماية المستثمرين لم تعد الأطر التنظيمية التقليدية جيدة بما فيه الكفاية

time reading iconدقائق القراءة - 6
شاشات تعرض شعار \"كوينبيس\" أثناء الطرح العام الأولي للشركة عند بورصة \"ناسداك\" في نيويورك ، الولايات المتحدة ، يوم الأربعاء ، 14 أبريل 2021 - المصدر: بلومبرغ
شاشات تعرض شعار "كوينبيس" أثناء الطرح العام الأولي للشركة عند بورصة "ناسداك" في نيويورك ، الولايات المتحدة ، يوم الأربعاء ، 14 أبريل 2021 - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

بعد أن أصبحت "كوين بيس غلوبال" (Coinbase Global)، بورصة العملات الرقمية الأميركية الوحيدة المدرجة، هدفاً لحملة لجنة الأوراق المالية والبورصات على القطاع، يبرز الآن تساؤل: هل كان ينبغي السماح للشركة بالاكتتاب العام؟

عندما أدرجت "كوين بيس" أسهمها في 2021، بتقييم يعادل "نتفلكس" بلغ 86 مليار دولار، مستغلةً نوبة نشاط من المستثمرين الأفراد، حذّرتُ من أن الشركة لا تبدو وكأنها تحمل مقومات السهم التكنولوجي الكبير التالي، وإنما هي أقرب لأصول المضاربة مثل "بتكوين" أو صندوق "آرك إنوفيشن" (ARK Innovation) التابع لكاثي وود. اتضح أن حتى هذا التصور المتشائم كان متفائلاً للغاية.

60 صفحة من التحذيرات لم تردع المستثمرين

كان انخفاض سعر سهم "كوين بيس" 85% من ذروته في 2021 إلى القيمة السوقية الحالية البالغة 12.5 مليار دولار أكبر من الجميع، وقدّم أداءً أضعف من العملة المشفرة و"آرك". مع تبخر الحرص على حيازة العملات الرقمية والهوس بها، تبخرت أحجام تداول "كوين بيس" وكذلك إيراداتها. بينما حاولت البورصة تنفيذ خطة رئيسية لطرح منتجات وتطبيقات جديدة، أشهرت الجهات التنظيمية سيف المنع في وجهها لاحتمال تعارضها مع قانون الأوراق المالية. وعليه، هوت عوائدها 57% العام الماضي ومن المتوقع ألا تحقق ربحية حتى 2024. لذا، فالأمر هنا لا ينطوي على استثمار في شركة تخدم القطاع وإنما على خسارة محققة.

كيف يمكن اخضاع "كوين بيس" و"بينانس" للقانون؟

من الواضح أنه لا يوجد شيء في الإدراج بسوق الأوراق المالية يمنع التقييم المبالغ فيه أو الانخفاض الشديد في سعر سهم أو حتى الملاحقة القضائية لإدارة بورصة غير مسجلة. تضمنت نشرة الاكتتاب تحذيرات صريحة للمستثمرين عبر نحو 60 صفحة من "عوامل الخطر"، بينها أن الكثير من الأمور يمكن أن تسوء رغم وعود "كوين بيس" بعالم مثالي تقود خلاله عصر "إنترنت القيمة".

تدقيق الهيئات التنظيمية وتحقيقاتها وغراماتها وعقوباتها الأخرى تمثل جميعها تهديدات محتملة، بالإضافة إلى الطبيعة المتقلبة لتداول العملات المشفرة وخطر أن تعتبر هيئة الأوراق المالية والبورصات ذات يوم الرموز المميزة على منصة "كوين بيس" أوراقاً ماليةً غير مسجلة، وهو ما فعلته الجهة التنظيمية الأسبوع الماضي. قد يوافق المستثمرون أو لا يوافقون، لكن الصورة كانت واضحة أمامهم تماماً.

من يتحمل مسؤولية تحديد ملاءمة شركة للإدراج؟

مع ذلك، ربما يجب أن نناقش اشتراطا أكثر أهمية عندما يتعلق الأمر باكتتاب عام أولي مثل "كوين بيس". بالنظر إلى هذه المخاطر الواضحة للعيان، هل تبدو هذه شركة مناسبة لأن يتعاطى معها المستثمرون -أي هل نموذج أعمالها مستدام ذو مخاطر امتثال معقولة ويخدم أغراضاً غير المضاربة؟ بعد معرفة ما آلت إليه الأمور، ربما الإجابة لا. يقول مارتن فينيغان، الشريك في "بونتر ساوثهول لو" (Punter Southall Law)، إنه رغم وقوع مسؤولية عدم خرق القانون على عاتق "كوين بيس"، فمن الصحيح أيضاً أن البورصات هي "المسؤول الأول" عندما يتعلق الأمر بملاءمة الاكتتاب العام الأولي- وفي هذه الحالة، ربما تستحق المخاطر القانونية أكثر من مجرد قائمة تحذيرات.

مليارات الدولارات تتبخر من ثروات رواد بورصات العملات المشفرة

أما الحجة المضادة، مثلما قالت الرئيسة التنفيذية لــ"ناسداك"، أدينا فريدمان، الأسبوع الماضي، هي أن تحديد مدى التزام الشركات المدرجة بقواعد تداول الأوراق المالية "هو حقاً وظيفة هيئة الأوراق المالية والبورصات". وفي حالة "كوين بيس"، يبدو أنه كان هناك تأكيد على عوامل الخطر المفصح عنها، وربما لتسليط الضوء مرة أخرى على أن الرموز المميزة على منصة "كوين بيس" قد تفشل في اختبار "هاوي" (Howey)، الذي يعود إلى قرار للمحكمة العليا صدر في عام 1946، حتى تقرر أنَّ شيئاً ما يعد ورقة مالية. وقد يتعاطف المرء مع محنة رئيس هيئة الأوراق المالية والبورصات غاري غينسلر: فالسماح لبورصة عملات مشفرة كبيرة بالإدراج والبقاء في الولايات المتحدة قد يبدو بديلاً أفضل من رؤيتها تذهب إلى الخارج بعيداً عن نطاق سلطة الهيئات التنظيمية المحلية.

الأطر التنظيمية المعتادة غير كافية

لكن مرة أخرى، بالنظر إلى تنوع كل هذه المخاطر وشدتها، يبدو هذا المنطق أجوف بعض الشيء. صحيحٌ أن "كوين بيس" مسؤولة عن عدم خرق القانون، لكن مع وجود خطر عدم امتثال واضح على هذا النحو، يوجد تهديد جلي لسمعة السوق العامة هنا، والتي لم يساعدها سجل الأداء السيئ للسهم. لن تكون العملات المشفرة الصناعة الأولى التي تقف بوجهها الهيئات التنظيمية بعد الهوس بسهم من الأسهم في البورصة- يتبادر إلى الذهن المقامرة عبر الإنترنت والتبغ كصناعتين مرتا بفترات ازدهار وانهيار قائمة على المضاربة رغم الافتقار إلى الوضوح القانوني. لكن في وقت تزداد به أهمية حماية المستهلكين والمستثمرين في وجه صناعة تشفير تحرض على عمليات الاحتيال والنشاط الإجرامي وبرامج الفدية التي تستهدف البنية التحتية الحيوية، فإن الأطر التنظيمية المعتادة ليست جيدةً بما فيه الكفاية.

انهيار جماعي للعملات المشفرة بعد اتهامات أميركية لـ"بينانس"

لم ينجح التمويل التقليدي في حصد الثناء على إدراج "كوين بيس": فمن الواضح أن المصرفيين والمحللين والمستثمرين كانوا يشجعون القطاع بقدر مناصري التمويل اللامركزي الأشد انتقاداً للقطاع المصرفي التقليدي.

مع تعثر المواجهة التنظيمية في اختبار "هاوي"، ربما ينبغي على قطاع التشفير أن يفكر أكثر في الجدارة- قبل أن تظهر حالة هوس جديدة بقطاعٍ آخر.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

نيويورك

3 دقائق

3°C
غيوم قاتمة
العظمى / الصغرى /
35.2 كم/س
82%
الآراء الأكثر قراءة