أكبر صندوق تحوط يتوقع انتكاسة "عنيفة" مقبلة في الأسواق الناشئة

"مان غروب": ارتفاعات الأسواق بين أكتوبر ويناير لم تبررها المعطيات الأساسية الاقتصادية.. وتوقعات بأن ينعكس المسار

time reading iconدقائق القراءة - 11
أحد الزائرين يشير إلى اللوحة الإلكترونية لحركة الأسهم في بورصة\"بي 3\"، ساو باولو، البرازيل - المصدر: بلومبرغ
أحد الزائرين يشير إلى اللوحة الإلكترونية لحركة الأسهم في بورصة"بي 3"، ساو باولو، البرازيل - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

قال صندوق التحوط الذي تفوق على 99% من نظرائه في العام الماضي بموقفه المتشائم تجاه الأسواق الناشئة، إن عمليات البيع الكثيفة المستمرة منذ فبراير، أثبتت صحة شكوكه، وإن الأصول الخطرة ستواجه خسائر أكبر في وقت لاحق من العام الجاري.

صندوق "مان غروب" (Man Group Plc)، أكبر صناديق التحوط المدرجة في العالم، أبلغ بلومبرغ في فبراير بأن صعود الأسواق الناشئة ما بين أكتوبر ويناير، لم تبرره المعطيات الأساسية الاقتصادية، وبالتالي يتوقع أن ينعكس اتجاهه. وقد ثبتت صحة هذا التوقع، مع تكبد المستثمرين في سندات الأسواق الناشئة السيادية المقومة بالدولار خسارة بمعدل 2,2% منذ ذلك الوقت، وانخفاض مؤشر "إم إس سي آي" للأسواق الناشئة بنحو 7%.

قال غويلرمو أوسس، مدير استراتيجيات ديون الأسواق الناشئة في الشركة في نيويورك: "لا يزال توقعنا هذا قائماً.. اعتمدنا واحدة من أهم الاستراتيجيات الدفاعية في تاريخنا".

كما قال إن الارتفاعات المؤقتة في وقت سابق من العام الجاري، كانت مجرد نتيجة لديناميكيات السيولة بالدولار، فيما سعى صانعو السياسات المالية والنقدية لاحتواء تداعيات انهيار مصرف "سيليكون فالي بنك".

تتناقض نظرة أوسس التشاؤمية مع تلك التي لدى شركات "وول ستريت" الأخرى، ومنها "بلاك روك"، ووحدات إدارة الأصول في "مورغان ستانلي"، و"جيه بي مورغان تشيس آند كو"، والتي أوصت بزيادة الاستثمار في الأسواق الناشئة. كما أبدت "غولدمان ساكس غروب" نظرة إيجابية تجاه عملات الأسواق الناشئة.

اقرأ أيضاً: "بلاك روك": رهان الأسواق على خفض "الفيدرالي" للفائدة غير صحيح

حتى الآن، لم تُترجم إعادة فتح الاقتصاد الصيني، وضعف الدولار، وتوقعات تراجع حدة التضخم في أنحاء العالم، إلى العائدات التي توقعها المستثمرون المتفائلون في أسهم وسندات الأسواق الناشئة. جاء أداء مؤشر "إم إس سي آي" للأسواق الناشئة أقل من مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" منذ بداية العام، إذ ارتفعا 1.5% و5.6% على التوالي.

لم يؤت تشاؤم "مان غروب" بثماره أيضاً. فقد خسر صندوق سندات الأسواق الناشئة 1% منذ بداية العام الجاري، وتفوق عليه 90% من نظرائه، وفقاً للبيانات التي جمعتها بلومبرغ. ورفض أوسس التعليق على عائدات الصندوق، التزاماً بسياسة الشركة.

لكنه كرر قناعته بأن الدافع الرئيسي لتباين أسعار سندات الأسواق الناشئة وعملاتها وأسعار الفائدة، هو السيولة الأميركية وليست التغييرات في النظرة المستقبلية للاقتصاد الكلي للدول النامية.

استنزاف السيولة

قال أوسس إن الأشهر الستة إلى التسعة المقبلة، ستكون مختلفة تماماً، متوقعاً استنزافاً كبيراً للسيولة مع استمرار بنك الاحتياطي الفيدرالي في تشديد السياسة النقدية، وزيادة الرصيد النقدي لدى وزارة الخزانة الأميركية، وهو ما سيحدث عند حل أزمة سقف الدين الأميركي بشكل حاسم.

إلى جانب رفع أسعار الفائدة، عمِلَ الاحتياطي الفيدرالي على مدى العام الماضي على خفض حجم ميزانيته، عبر تقليص حيازاته من السندات المستحقة، وهي عملية تعرف باسم "التشديد الكمي". وقد أثرت زيادة القروض الطارئة للبنوك خلال العام الجاري، وبشكل جزئي على جهود تقليص الميزانية، إلا أن ذلك التأثير يتلاشى مع تراجع استخدام هذه التسهيلات.

في الوقت ذاته، يتناقص حجم سندات الاحتياطي الفيدرالي بنحو 95 مليار دولار شهرياً، أي ما يقارب 1.1 تريليون دولار في العام في حال استمرار التشديد، وهو أمر يمكن أن يقوم به الاحتياطي الفيدرالي حتى لو توقّف مؤقتاً عن رفع أسعار الفائدة. ومن وجهة نظر أوسس، فإن هذا التأثير لن يتضاعف سوى من خلال انتعاش الرصيد النقدي لوزارة الخزانة بعد التوصل إلى حل لأزمة سقف الدين في نهاية المطاف.

أوسس، ليس الوحيد الذي يدقّ جرس الإنذار في "وول ستريت".

قالت أولغا يانغول، مديرة استراتيجية الأسواق الناشئة لدى "كريدي أجريكول" في نيويورك: "ارتفاع الأسواق على مدى الأشهر القليلة الماضية، جاء مدفوعاً بشكل كبير بوضع السيولة.. نتوقع حل أزمة سقف الدين، وبدء الانكماش الدوري للائتمان، إضافة إلى احتمال استمرار رفع أسعار الفائدة على الأموال الفيدرالية لفترة أطول في ظل استمرار التضخم، ما سيدفع الأمور باتجاه عكسي. لذا نقوم بخفض مخاطر عملات الأسواق الناشئة مقابل الدولار في محفظتنا الاستثمارية الخاصة بعملات الأسواق الناشئة".

الأصول الخطرة

قال أوسس إن الفارق الكبير في عائدات السندات في الأسواق الناشئة "سيكون أكثر حدة مما شهدناه في مطلع 2022"، عندما غزت روسيا أوكرانيا. فوفقاً لمؤشر بلومبرغ الذي يتتبع سندات الشركات والحكومات المقومة بالدولار، خسرت سندات الأسواق الناشئة 15% في العام الجاري، وهي أكبر خسارة سنوية لها منذ 1994 على الأقل.

أضاف: "عند النظر إلى ما نتوقع حدوثه خلال 6 إلى 9 أشهر من منظور المخاطر والعائدات، سيكون الموقف صعباً للغاية إن كنت معرّضاً لمخاطر كبيرة، لأن كل الظروف ستكون ضد الأصول ذات المخاطر العالية".

قال أيضاً إن بنك اليابان المركزي يمثل تحدياً آخر، إذ قد يخفف من نهج التحكم في منحنى العائد، ما سيؤدي إلى انخفاض طلب المؤسسات الاستثمارية اليابانية على سندات الأسواق الناشئة.

أضاف أن المقاييس السوقية في الدول المثقلة بالديون في أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا، تمثل المخاطر التي تواجه المستثمرين في الأسواق الناشئة، حيث استُبعدت الدول ذات التصنيف الائتماني المنخفض من أسواق القروض الدولية، وهو ما تعكسه أسعار السندات.

وقال إن تفاقم هذا الاستنزاف للسيولة سيزيد من صعوبة الموقف، لا سيما بالنسبة إلى صانعي السياسات النقدية والمالية في الدول النامية، الذين يعملون كما لو كان حجم السيولة التي اعتادوا عليه على مدى السنوات القليلة الماضية، ما زال متاحاً. وأضاف: "نرى أنهم لم يدركوا بعد أن هذا الوضع سيتغير بشكل مفاجئ تماماً، وأن الموقف يتغير بالفعل".

تصنيفات

قصص قد تهمك