بلومبرغ
بعد أشهر من اضطرار شركة التجزئة "أميركاناس" (Americanas) لطلب الحماية من الإفلاس بسبب خطأ محاسبي جسيم، لطّخ انهيار شركة أخرى سمعة الملياردير البرازيلي، كارلوس ألبرتو سيكوبيرا، وأضرّ بثروته.
شارك صانع الصفقات البالغ من العمر 74 عاماً، في تأسيس شركة الاستحواذ "ثري جي كابيتال" (3G Capital)، كما ساعد في تأسيس الشركتين العالميتين العملاقتين "أنهايزر- بوش إنبيف" (Anheuser-Busch InBev) و"كرافت هاينز" (Kraft Heinz Co). لكن سيكوبيرا خسر 85% من استثماره في شركة "لايت" (Light SA) لتوزيع الكهرباء ومقرها في ريو دي جانيرو، فيما تحاول الشركة التي تعاني نقصاً في السيولة، تجنّب التخلف عن السداد.
تبلغ حصة سيكوبيرا من الأسهم في شركة "لايت" 10%، وهي تخالف ما اعتاده رجل الأعمال المخضرم، حيث اتخذ معظم قراراته الاستثمارية الكبرى منذ السبعينيات مع شريكيه في "ثري جي"، جورجى باولو ليمان، ومارسيل تيليز.
ضربتان متتاليتان
قرّر سيكوبيرا وحده المراهنة على شركة الكهرباء في 2020، بعدما أقنعه صديقه وزميله المستثمر رونالدو سيزار كويليو، وفقاً لشخص مطلع على الرهان طلب عدم الكشف عن هويته نظراً لخصوصية الموضوع. عُرض الأمر على سيكوبيرا على أنه فرصة للاستفادة من عودة الشركة إلى مكانتها، لكنه، وبدلاً عن ذلك، تسبب في خسارة نحو 480 مليون ريال برازيلي (97 مليون دولار أميركي)، استناداً إلى الموعد الذي أُفصح فيه عن استثمار الملياردير البرازيلي.
بالنسبة إلى سيكوبيرا، فإن الأمر مرتبط بالمال والسمعة. فلطالما كان الأنشط بين ثلاثي "ثري جي" في البرازيل في السنوات الأخيرة، حتى بعد مشاركته الشخصية في المحادثات مع دائني "أميركاناس" في محاولة للتوصل إلى حل بعد انهيار شركة التجزئة في أوائل العام الجاري.
الأخطاء المحاسبية والانهيار اللاحق لشركة "أميركاناس"، وجهت ضربة قوية لسمعة مليارديرات "3 جي" الثلاثة كلهم، إذ يملك تيليز وليمان وسيكوبيرا حالياً حصة تقارب 30%، واستثمروا منذ الثمانينيات في الشركة التي يعود تاريخ إنشائها إلى أكثر من قرن من الزمن، ما يثير تساؤلات حول إخفاق بعض أنجح المديرين التنفيذيين في البرازيل في دين بهذه الضخامة.
كان سيكوبيرا هو العامل الأهم في الرهان على "لايت"، حيث تبلغ ثروته الصافية نحو 8.7 مليار دولار، وفقاً لمؤشر بلومبرغ للمليارديرات، ما يجعله رابع أغنى أثرياء البرازيل.
صرح ممثل سيكوبيرا بأنه غير متاح للتعقيب على الموضوع.
انهيار "لايت"
بدأت "لايت" نشاطها في 1899، وهي تزود نحو 11.6 مليون شخص بالكهرباء في مدينة ريو، مسقط رأس سيكوبيرا. عانت إدارة الشركة في مكافحة توصيلات الكهرباء غير المشروعة، خصوصاً في المجتمعات المكتظة بالسكان التي زحفت على جبال المدينة، ما أدى إلى مشكلات معقدة في تحصيل المدفوعات والتخلف عن الدفع تحت وطأة أسعار الفائدة المرتفعة.
تحوم أسعار أسهم الشركة بالقرب من أدنى مستوياتها القياسية، بعدما أعلنت الشركة عن خسارة تفوق التوقعات في نتائج الربع الرابع، حيث تدهورت أسعار سندات "لايت" بقيمة 600 مليون دولار والتي ستستحق في 2026 ليبلغ أدنى سعر لها عند 27 سنتاً الأسبوع الماضي، وفقاً لبيانات السندات الصادرة عن "أداة تقارير التداول والامتثال" (Trade Reporting and Compliance Engine).
قال ديكلان هانلون، كبير المحللين الاستراتيجيين لائتمان الشركات في الأسواق الناشئة لدى "سانتاندر إنفستمنت سيكيوريتيز" (Santader Investment Securities): "سيحدث ارتباك.. ففي حالات إعادة الهيكلة العادية للديون، لديك الشركة ومجموعة من حملة السندات، لكن هنا، لدينا الجهة التنظيمية وأصحاب الحقوق أيضاً".
بصفتها شركة للكهرباء، يتعين على "لايت" أن تلتزم بقوانين مختلفة للحماية من الإفلاس. وحصلت الشركة على موافقة المحكمة في تعليق مدفوعات لمديونية بنحو 2.2 مليار دولار لمدة 30 يوماً، بينما تتفاوض مع الدائنين. كما تحاول الشركة تمديد عقد مهم سينتهي في 2026. وقد احتفظت بشركة "لابلاس" (Laplace) مستشاراً مالياً وشركة "بي إم إيه" للمحاماة مستشاراً قانونياً.
لم يرد ممثلو شركة "لايت" على طلبات التعقيب.
قلق بالغ
قال مارسيلو فارياس، أحد مديري "بانكو دو برازيل أسيت مانجمنت" (BB Asset Management) وأحد أعضاء المجموعة المكونة من 26 عضواً، والتي تحوز سندات من "لايت" بقيمة 4.7 مليار ريال برازيلي، إن "من وجهة نظر المستثمر، تعتبر حالة عدم اليقين القانوني حيال الشركة مقلقة للغاية.. ننتقد افتقار الشركة للحرص في أسواق رأس المال ونهج الإدارة الانتحاري، إذ أضر ذلك بمساهمي الشركة، وسُدت كل طرق التمويل المحتملة، ومُنع الدائنون من تحصيل ديونهم".
قال أيضاً إن مجموعة المستثمرين تحاول التحدث مع الشركة منذ فبراير، ولم تتلق إلا ردوداً مقتضبة.
يشير تصنيف "موديز إنفستورز سيرفس" (Moody’s Investors Service) للسندات دون الدرجة الاستثمارية إلى "ترجيح كبير للتخلف عن السداد" بمعدل استرداد متوسط لحملة السندات ما بين 65% و80%. كما حذّرت وكالة "فيتش ريتنغز" (Fitch Ratings) للتصنيف الائتماني الأسبوع الماضي من أن إعلان خطة رسمية لإعادة هيكلة الديون، سيضمن تخفيض التصنيف إلى التخلف عن السداد.
أكبر الدائنين والمساهمين
في مطلع القرن العشرين، أدخلت "لايت" الطاقة الكهرومائية إلى ريو، وكانت تشغّل خطوط الترام ووحدة للهاتف الأرضي، وفقاً لموقعها. خُصخصت الشركة في التسعينيات، لكنها فشلت في وضع خطة النمو. كما عمّقت الشركة خيبة أمل المستثمرين بعد أن ضربت آثار الركود المدينة بعد بطولة كأس العالم في 2014 ودورة الألعاب الأولمبية في 2016.
تتضمن قائمة أكبر دائني الشركة صناديق مرتبطة بوحدة "بانكو دو برازيل" لإدارة الأصول، ومصرف "إيتاو يونيبانكو هولدينغ" (Itau Unibanco Holding)، وفقاً لإفصاحات المستثمرين والبيانات التي جمعتها بلومبرغ. لا توضح تلك البيانات إلا 29% فقط من المديونية المستحقة على "لايت"، وتشمل حيازات الصناديق خاملة الإدارة ولا تتضمن بالضرورة الحصص التي لا داعي للكشف عنها.
لا يزال كويليو أكبر المساهمين في "لايت" بحصة 20%، يحل بعده سيكوبيرا، الذي استثمر عبر أداة "بانكو سانتاندر" الاستثمارية. أما ثالث أكبر المساهمين، فهي شركة "بلاك روك" (BlackRock Inc.) بحصة تقارب 9.3%، حسب البيانات الصادرة عن جهة الرقابة البرازيلية على الأوراق المالية. ووصلت قيمة "لايت" السوقية حالياً إلى 790 مليون ريال برازيلي.
صرح كويليو، البالغ من العمر 76 عاماً في حوار: "سيظهر حل يعترف بالوضع الحالي في ريو، حيث يُسرق أكثر من نصف الكهرباء الموزعة على المنازل.. حتى السيارات الكهربائية الفاخرة تُشحن بالكهرباء المسروقة في ريو".