بلومبرغ
تتأهب أسعار النحاس لتسجل أطول فترة صعود على الإطلاق، لكن المعدن، الذي يُنظَر إليه باعتباره مؤشراً لحالة الاقتصاد العالمي، قد تراجع مؤخراً. ويراقب المتعاملون الخطوة المقبلة في مسار العلاقات بين واشنطن وبكين.
ويقول المتعاملون والمستثمرون البارزون إن السوق بحاجة إلى مزيد من الأخبار الجيدة قبل أن ترتفع الأسعار.
وسيعتمد صعود السوق على عدة أمور، منها موعد تمرير مشروع قانون الرئيس الأمريكي جو بايدن بشأن خطة الإغاثة لمواجهة تداعيات فيروس كورونا ومدى اتساعها، ومدى سرعة طرح اللقاحات، ومقدار الطلب من الصين، أكبر مشترٍ للسلع في العالم.
وتراجعت وتيرة الطلب الصيني على السلع، في إطار الجهود المبذولة للحدّ من انتشار الوباء خلال فترة عطلة رأس السنة القمرية الجديدة.
وقال جون لامب، مدير المحفظة في "أوريون ريسوريسز بارتنرز" (Orion Resource Partners) التي تدير 6.3 مليار دولار بحلول نهاية سبتمبر 2020: "المستثمرون متفائلون عموماً بشأن الآفاق طويلة الأجل على مستوى العالم، ولكن السؤال يتعلق بتوقيت استعادة نمو الاقتصاد عافيته بالفعل".
وأضاف: "يتضح من المبادرات، التي تشمل الجولة التالية من حزمة الإغاثة لمواجهة كوفيد، ومشاريع البنية التحتية لما بعد كوفيد إذ ستكون المركبات الكهربائية والطاقة المتجددة موضع تركيز كبير، أن التوقيت سيكون بمثابة الحافز لتعافي الاقتصاد العالمي وصعود البورصات".
النحاس مقياس أداء الاقتصاد العالمي
ويُستخدم النحاس في كل الصناعات بما في ذلك الأنابيب والإلكترونيات والسيارات الكهربائية، ويُعتبر على نطاق واسع مقياساً لاتجاه الاقتصاد العالمي.
وساهمت عدة عوامل في صعود أسعار النحاس إلى أعلى مستوى خلال ثماني سنوات، ومن بين هذه العوامل المراهنات على الانتعاش العالمي بعد الإغلاق والانتعاش السريع في الصين ومبادرات الاقتصاد الأخضر في الولايات المتحدة.
وارتفعت أسعار النحاس على مدار 10 أشهر متتالية، وسيمثّل الارتفاع للشهر الحادي عشر أطول ارتفاع شهري منذ بدأ الشكل الحالي لعَقد النحاس في بورصة لندن للمعادن بالتداول في عام 1986.
ومعدن النحاس في طريقه إلى تجاوز هذا الإنجاز الكبير بتحقيق مكاسب تزيد على 5% حتى الآن في فبراير –وجرى تداوله عند 8288 دولاراً للطن يوم الأربعاء- لكن الارتفاع دون صعود "مؤشر بلومبرغ للسلع، الأوسع نطاقاً في الأشهر الأخيرة.
وفي الأسبوع الماضي أغلقت الأسعار لفترة وجيزة دون المتوسط السائد خلال 50 يوماً، في إشارة فنية هبوطية، حدثت للمرة الثانية في الحركة التاريخية لمعدن النحاس.
ولا تفاصيل حول مبادرات إدارة بايدن طويلة المدى التي تتّصف بأنها صديقة للنحاس، مثل تلك المتعلقة بالبنية التحتية وتغير المناخ.
وعلى الرغم من أن تلك التفاصيل تمثل أولوية قصوى، فليس من الواضح ما أهداف الكونغرس من إقرار خطة إنفاق كبيرة أو مدى سرعة تمرير مشروعات القوانين.
هل تعكس أسعار النحاس اتجاهها الصاعد؟
وتساهم عوامل عديدة في وقف صعود أسعار النحاس، وتجعل الرهان عليه أقل جاذبية، منها توقيت الانتعاش الاقتصادي، وأيضاً عطلة رأس السنة القمرية الجديدة التي تبدأ في 11 فبراير، وتعني ضعف الطلب في الصين.
وفي الولايات المتحدة لم يساعد التعافي الأخير للدولار النحاس، الذي يُسعَّر بالعملة الخضراء، مما يجعله أكثر تكلفة للمستثمرين الذين يحوزون عملات أخرى. وارتفع مؤشر "بلومبرغ" للدولار في التعاملات الفورية بنسبة 0.9% في يناير 2021، في أول مكسب شهري في ثلث عام.
وفي حين أن معظم أسهم شركات "وول ستريت" تتأهب لصعود الأسعار، هناك من يشكك في ذلك.
وقال المحللون في بنك الاستثمار العالمي "جيه بي مورغان" الأسبوع الماضي، إن دورة الصعود الحالية التي تقودها الصين بلغت ذروتها، وإن نمو الاستثمار الصيني مهيأ للانخفاض، وسوف تتراجع أسعار النحاس من متوسط 7700 دولار للطن في الربع الأول من 2021، إلى 6500 دولار في الربع الأخير من العام الجاري.
تدفقات التضخم
وبغضّ النظر عن الصعوبات على المدى القصير، يقول المضاربون على الارتفاع إن النحاس لا يزال بصدد كثير من الصعود.
وقد تكون مخاطر التضخم بسبب حجم خطة الإغاثة التي وضعها الرئيس بايدن، والتي تتجاوز كثيراً حزمة الإنقاذ في عام 2009، بمثابة ميزة إضافية للنحاس.
ويعني ارتفاع التضخم صعود أسعار المعدن حال تزايد الطلب عليه بفضل التعافي المدفوع بحزم التحفيز.
وارتفعت توقعات المستثمرين بشأن التضخم، فبلغ متوسطها 2.2% خلال العقد المقبل، وفقاً للتداول في سوق سندات الخزانة، مقابل أدنى مستوى بعد الوباء بنسبة 0.55% في مارس 2020.
وقال المحلل في "سيتي غروب" أوليفر نوغنت، إن فروق الأسعار المواتية وانخفاض المخزونات في بورصة لندن للمعادن يمكن أن تساعد على صعود السوق مجدداً".
ويرى "سيتي غروب" أن هبوط الأسعار على المدى القصير فرصة للشراء.
وأضاف نوغنت أن "الدفعة الإضافية التي تحتاج إليها هي تلك الحركات التلقائية في سوق التداول، كما لو كان يعمل بأساسيات صارمة فعليّاً".
ويتوقع المحللون في "غولدمان ساكس" و"بنك أوف أمريكا" عودة أسعار النحاس إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، مدعومة بنقص الإمدادات وترقُّب عودة الطلب العالمي.
وقالسوزان بيتس وماريوس فان ستراتن، المحللان في "مورغان ستانلي": "من المرجح أن يشكّل الربيع دفعة جديدة للطلب. يبدو أن جانب العرض في وضع غير مناسب لتلبية الطلب".