مفاجآت يترقبها قطاع الطاقة الأمريكي حال فوز بايدن بالرئاسة

time reading iconدقائق القراءة - 9
المرشح الديمقراطي للرئاسة الأمريكية، جو بايدن - المصدر: بلومبرغ
المرشح الديمقراطي للرئاسة الأمريكية، جو بايدن - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

أكد المرشح الديمقراطي للرئاسة الأمريكية، جو بايدن، خلال مناظرة عامة أجريت مؤخرا، لمنتجي الغاز الصخري أنه لن يمنع التكسير الهيدروليكي إذا ما تم انتخابه.

وفي الوقت ذاته، أعلن عن خطته للطاقة النظيفة التي تبلغ قيمتها تريليوني دولار، والتي تهدف إلى الحد من انبعاث الغاز الطبيعي من مزيج الطاقة في غضون 15 عامًا.

وتعكس جهود نائب الرئيس السابق المبذولة من أجل السير على حبل مشدود فيما يتعلق بقضية الغاز، مكانة الوقود الأحفوري غير المستقرة في الاقتصاد والمحفوفة بالمخاطر، إذ أنه يعد في الوقت الحالي، جزءًا أساسيًا من الحياة الأمريكية.

سياسات سوق الغاز

وحرص "بايدن"، على عدم جعل هذه الصناعة عدوًا له، لا سيما في ولاية بنسلفانيا، التي تضم أكبر حقل للغاز الصخري في الولايات المتحدة، ومما قد يدعم سياسات سوق الغاز على المدى القصير.

ولكن على المدى الطويل، قد يتبين أنه وقود غير مقبول اقتصاديًا وبيئيًا داخل قطاع الطاقة، الذي يعد سوقًا رئيسيًا للمنتجين.

وستعمل خطة "بايدن" المناخية على تسريع هذه النتيجة فقط، مع الاستثمارات الضخمة في طاقة الرياح والطاقة الشمسية وتخزين البطاريات مما يمنح مصادر الطاقة النظيفة هذه دفعة قوية.

شبكة خالية من الكربون

كما أن هدفه المتمثل في إنشاء شبكة خالية من الكربون من شأنه أن يحد بشدة من حصة الغاز من سوق الطاقة، إن لم يتم القضاء عليها نهائيا لصالح مصادر طاقة متجددة أرخص وأنظف.

ويقول كيفين بوك، العضو المنتدب لشركة "كلير فيو إنرجي" (ClearView Energy Partners): "عملية إزالة الكربون ليست مناقشة عادية، إنها بمثابة حكم بالإعدام على الوقود الأحفوري، إنه يعني خروج أحد الموارد من الشبكة. هذا معنى لا مفر منه".

وبحسب بلومبرغ، فإن النفط مثل الفحم قبل عقد من الزمن، بات يواجه رياحًا اقتصادية معاكسة، في حين أنه لا يزال يشكل مصدر الوقود المهيمن في الولايات المتحدة، إلا أنه سيصبح مع الوقت أقل قدرة على المنافسة أمام مصادر الطاقة المتجددة.

الطاقة الرخيصة

وفي الوقت الحالي تعد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح حاليا أرخص من الوقود الأحفوري، وذلك في ثلثي العالم، وفقًا لـ "بلومبرغ NEF".

أما بالنسبة للولايات المتحدة، فإن انتاج الكهرباء من طاقة الرياح والطاقة الشمسية أقل ثمنا في معظم الأحيان من الغاز الطبيعي.

ومن الممكن للمزيج الصحيح من السياسات الفيدرالية في الولايات المتحدة أن يدفع الغاز بسهولة خارج مزيج الطاقة بحلول عام 2035 أو قبل ذلك.

ويقول جون كويكيت، مدير سياسة المناخ في مؤسسة Sierra Club، "سيحدث هذا الانتقال بسرعة أكبر مما كان يعتقد الناس، تمامًا كما حدث عند الانتقال من الفحم، بشكل أسرع مما كان يتوقعه الناس".

ومن المؤكد أن الغاز قد يجني بعض الفوائد من رئاسة "بايدن" على المدى القريب، رغم أن اقتراحه بالحد من التنقيب في الأراضي الفيدرالية يمكن أن يقلل الإنتاج، إلا أن الإمدادات الأقل قد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار، ما قد يجعل صادرات الغاز أكثر ربحية.

وعلى نحو مماثل، فإن تحسن العلاقات بين الولايات المتحدة والصين يمكن أن يمنح المصُدرين زيادة فرص الوصول إلى السوق الصينية الهامة جدا لهذا القطاع.

وسيولد ارتفاع الأسعار تأثيرا معاكسا في قطاع الطاقة، حيث تصبح التكلفة عاملا رئيسيا، ومن المتوقع بالفعل أن ينخفض ​​توليد الكهرباء من الغاز بنسبة 5.7 في المئة هذا الشتاء مقارنة بالعام الماضي، وذلك نظرا لارتفاع أسعار الغاز هذا الموسم، وفقًا لتوقعات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، هذا على الرغم من التوقعات بفصل شتاء أكثر برودة، ما سيزيد الطلب بالتالي على الكهرباء.

هل يؤول الغاز لمصير الفحم

واليوم حصر الاقتصاد الغاز بطريقة مماثلة تقريبًا لما حدث مع الفحم في السنوات التي سبقت تولي الرئيس باراك أوباما منصبه.

ففي حالة الفحم، عندما تولى أوباما الحكم سارع في خفض الاعتماد عليه عن طريق فرض لوائح بيئية جديدة جعلت محطات الفحم أكثر تكلفة للعمل. لاسيما القوانين التي طالت معايير انبعاثات الزئبق والمواد السامة العالقة بالهواء عام 2012 والتي حدت من الانبعاثات السامة من المحطات، وكذلك "خطة الطاقة النظيفة" لعام 2015 التي ساهمت في الحد من انبعاثات الكربون أيضا.

وفي حال انتخابه، يمكن أن تتخذ إدارة بايدن مسارًا مشابهًا لمسار أوباما، بفرض قيود جديدة، وربما أكثر صرامة على انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من محطات الطاقة.

ويمكن لبايدن إعادة أو تعزيز قواعد عهد أوباما التي تحد من تسرب غاز الميثان من البنية التحتية للغاز، والتي قام الرئيس دونالد ترامب بإلغائها، وكلا الأمرين سيرفعان تكلفة الكهرباء التي توّلد من الغاز، دون حظر الوقود.

ويتفق معظم المحللين على أن بايدن لن يلاحق صناعة الغاز بشكل صريح، مثلما هاجم أوباما قطاع الفحم، وبدلاً من ذلك، ستجعل سياسات الطاقة النظيفة التي من المحتمل أن يفرضها، التنافس بين الغاز ومصادر الطاقة المتجددة الأخرى أشد صعوبة.

ويقول ديفيد سبنس، الأستاذ في كلية الحقوق بجامعة تكساس، "هذه السياسات تمنح منتجي الغاز على الأقل فرصة نظرية للبقاء، حتى لو كان نجاحهم من أجل البقاء شديد الصعوبة".

سياسات "بايدن" فيما يتعلق بالمناخ

الجمع بين إرشادات وتوصيات الجهات البيئية المختلفة سواء الوكالة الدولية أو اللوائح الرسمية والمراجعات البيئية، قد يؤدي إلى توقعات قاتمة للغاز، رغم أن "بايدن" لم يلتزم بكل هذه التوصيات التي تتضمن:

  1. إعادة العمل بقواعد وكالة حماية البيئة ووزارة الداخلية التي تحد من انبعاثات "الميثان" من آبار الغاز.
  2. فرض قيود على انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من محطات توليد الطاقة.
  3. تنظيم عمليات التكسير الهيدروليكي للمياه المستعملة بموجب قانون مياه الشرب الآمنة.
  4. وقف مبيعات إيجارات النفط والغاز الجديدة على الأراضي والمياه الاتحادية.
  5. إبطاء أو إيقاف تصاريح الحفر لعقود الإيجار الفيدرالية.
  6. وقف إصدار تصاريح جديدة لتصدير الغاز.
  7. تشجيع الوكالات، على إعطاء أهمية أكبر للانبعاثات عند فحص البنية التحتية للغاز.

ولا يوجد حاليا ضغط كبير لإغلاق محطات الغاز العاملة بالفعل، حيث يقول مارك دايسون، مدير معهد روكي ماونتن: "مصانع الغاز الحالية سيكون لها دور تلعبه لفترة من الوقت، إنهم يبقون الأضواء مضاءة والحياة مستمرة بينما نحن نجهز ونشيد أكبر قدر ممكن من طاقة الرياح والطاقة الشمسية".

ويقول جوناثان إلكيند، الباحث في مركز سياسات الطاقة العالمية بـ"جامعة كولومبيا"، إن ما يقترحه بايدن يترك الباب مفتوحًا أمام المرافق العامة لمواصلة استخدام محطات الغاز المزودة بأنظمة احتجاز الكربون التي تحبس الانبعاثات.

وشدد بايدن في إحدى مناظراته على أهمية تبنّي تقنيات جديدة، بما في ذلك احتجاز الكربون، كوسيلة لتحقيق قطاع كهرباء خال من الكربون مع الاستمرار في استخدام بعض الغاز الطبيعي.

ومع ذلك، قد لا ترغب الجهات في قطاع الطاقة بضخ الأموال في هذا النوع من المشاريع في الوقت الذي تواصل فيه أسعار مصادر الطاقة المتجددة في الانخفاض.

التخلص من الوقود الأحفوري

وتقول "كاتي بايز"، المحللة في شركة "Sandhill Strategy" في واشنطن: "قد يسفر هذا التوجه نحو الصافي الصفري للطاقة بحلول عام 2035 عن مكاسب في كفاءة الطاقة، وزيادة عدد مشاريع الطاقة المتجددة، وسيؤدي ذلك إلى التخلص من الوقود الأحفوري في نهاية المطاف".

وتبتعد الولايات المختلفة محليا في الوقت الراهن كذلك، عن الغاز سعيًا وراء تحقيق أهدافها المناخية الخاصة. حيث تحركت المدن في جميع أنحاء كاليفورنيا لحظر استخدام الغاز الطبيعي في المنازل، بينما منعت نيويورك خط أنابيب كان قد اقترحه حاكم ولاية نيويورك، أندرو كومو وتبلغ قيمته مليار دولار، حتى أن معارضة الجماعات البيئية قد دفعت شركة "Dominion Energy" إلى إلغاء مشروع خط أنابيب رئيسي قبل بيع معظم عمليات الغاز في يوليو.

ويستعد قطاع الطاقة بكامله لمستقبل خالٍ من الغاز، فإلى جانب بناءها لمصادر الطاقة المتجددة، كذلك تعمل شركات الطاقة الكبرى مثل شركتا "NextEra Energy " وشركة "Entergy Corp" على الاستثمار في توربينات الغاز الموجودة لتحويلها إلى العمل باستخدام الهيدروجين المتجدد بنسبة 100 في المئة.

ويشك الكثيرون فيما إذا كان من الممكن حتى إنجاز شبكة طاقة خالية من الكربون في غضون 15 عامًا، وهو هدف أكثر طموحًا مما حددته كاليفورنيا ونيويورك لنفسيهما، وسيكون تحويل الشبكة الكهربائية مكلفًا ومعقدًا على حد سواء، ويحذر المحللون من تطبيق الخطة بصورة حرفية.

ولتمويل هذه الخطة، اقترح بايدن زيادة معدل ضريبة علي دخل الشركات إلى 28 في المئة من 21 في المئة، بالإضافة إلى استخدام أموال التحفيز، لكن هذا سيتطلب موافقة الكونجرس، وهو ما يعد أمرًا صعبًا في حال احتفظ الجمهوريون بالسيطرة على مجلس الشيوخ.

ومع ذلك، فإن الضغط لإزالة الكربون في خطة بايدن يمثل تهديدًا حقيقيًا طويل الأجل للغاز الطبيعي كمصدر للكهرباء.

ويضيف كارلوس توريس دياز، رئيس أبحاث سوق الغاز والطاقة في " Rystad Energy AS"، في أوسلو: "سوف يكون هناك جانب سلبي ضخم يهدد الطلب على الغاز حتى لو لم نصل إلى الصفر".

تصنيفات