بلومبرغ
ارتفعت السندات الحكومية وتراجعت الأسهم، إذ أثارت بوادر أزمة بأحد البنوك في كاليفورنيا مخاوف أوسع بشأن حيازات القطاع المصرفي الأميركي من الديون.
تراجعت عائدات السندات الأميركية والأوروبية إلى أدنى مستوياتها في أسابيع في ظل رهان المتداولين على أن أي اضطراب في البنوك قد يقلل من قدرة الاحتياطي الفيدرالي على الاستمرار في رفع أسعار الفائدة. وسجل مؤشر "ستوكس يوروب 600" أكبر نسبة هبوط منذ ديسمبر، بقيادة أسهم البنوك.
اضطربت الأسواق بسبب التداعيات المحتملة من بوادر أزمة "سيليكون فالي بنك" (Silicon Valley Bank)- البنك الصغير نسبياً والذي يركز على شركات التكنولوجيا- إذ عانى من خسائر كبيرة في محفظته التي تتضمن سندات الخزانة الأميركية والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري. وحفّز ذلك ضغوط بيعية على الأسهم الأميركية يوم الخميس، مع تحوّل انتباه المستثمرين الآن إلى المخاطر التي قد تكمن في المؤسسات المالية الأخرى في ظل الزيادات الحادة في أسعار الفائدة التي يقرها بنك الاحتياطي الفيدرالي.
بنك يغلق وآخر يتأرجح.. هل الولايات المتحدة أمام أزمة وشيكة؟
تراجع توقعات زيادات الفائدة المرتقبة
قال كريستوف ريجر، رئيس استراتيجيات أدوات الدخل الثابت في "كوميرز بنك" (Commerzbank): "قد تضع المخاوف الأوسع المتعلقة بالمصارف علامات استفهام حول وتيرة قدرة الاحتياطي الفيدرالي على رفع أسعار الفائدة".
قلّص التجار الرهانات على نطاق زيادات الفائدة الإضافية التي قد يقرها الاحتياطي الفيدرالي، مما أدى إلى تآكل قيمة سندات الخزانة. وتراجعت احتمالات زيادة الفائدة نصف نقطة هذا الشهر إلى 50% مقارنة بـ75% في السابق. وتتوقع أسواق المال الآن زيادة الفائدة بإجمالي 91 نقطة أساس بحلول يوليو، مقارنة بـ112 نقطة أساس يوم الأربعاء.
أدى ذلك إلى انخفاض عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بما يصل إلى 11 نقطة أساس، لتصل إلى أدنى مستوى في ثلاثة أسابيع عند 3.80%. كما تراجعت السندات الحكومية الألمانية لأجل 10 سنوات بما يصل إلى 17 نقطة أساس، إذ خففت الأسواق من رهاناتها لذروة سعر الفائدة النهائي للبنك المركزي الأوروبي إلى أقل من 4% للمرة الأولى هذا الشهر.
وزاد من تدهور المعنويات إعلان "سيلفرغيت كابيتال كورب" (Silvergate Capital Corp)، عن تخططيها لإنهاء عملياتها والاتجاه للتصفية بعد أن أدى انهيار صناعة التشفير إلى استنفاد القوة المالية للشركة. وتشير العقود الآجلة للأسهم الأميركية إلى تكبد السوق مزيد من الخسائر اليوم الجمعة.
اضطراب أسواق الأسهم والفائدة
قال فرانك سوهليدر، محلل الأسواق في "أكتيف تريدز" (ActivTrades): "وضع السوق الأميركية ينبئ ببداية تداول قاتمة اليوم الجمعة.. لقد اتضح للمستثمرين بشكل واضح جداً ما يمكن أن يتسبب فيه رفع الفائدة على الاقتصاد".
ومع ذلك، يعتقد أوليفر شاربينغ، مدير المحافظ في "بانتيلون" (Bantleon)، أن هناك قراءات متقاطعة محدودة بالنسبة للبنوك الأوروبية. مشيراً إلى أنه إذا استمر القطاع تحت الضغط خلال الجلسات القليلة المقبلة، فقد تكون العدوى فرصة لإضافة الانكشاف.
أوضح شاربينغ: "في الوقت الذي أتلقى فيه بعض المشاعر السلبية لتكرار أزمة انهيار "بير ستيرنز" (Bear Stearns) في 2008 واختفاء السيولة في جميع المجالات، إلا أن الوضع لا يبدو حتى الآن كأزمة نظامية".
ظهرت مشكلات القطاع المصرفي الأميركي قبيل تقرير الوظائف الشهري المنتظر صدوره اليوم الجمعة، وهو رقم رئيسي تعتمد عليه توقعات زيادة أسعار الفائدة المستقبلية. يتوقع الاقتصاديون زيادة كشوف المرتبات بـ225,000 وظيفة في شهر فبراير، أي نحو نصف وتيرة يناير القوية، ويمكن أن يؤدي انخفاض الوظائف إلى زيادة ترجيح رفع الاحتياطي الفيدرالي للفائدة بمقدار ربع نقطة.
قال موهيت كومار، محلل أدوات الفائدة في "جيفريز إنترناشيونال" (Jefferies International): "المخاوف المستمرة بشأن (سيليكون فالي بنك) ستمهّد لمرحلة ضعيفة تسبق تقرير الوظائف غير الزراعية المهم المنتظر اليوم.. حيث إنه إذا جاءت البيانات أعلى من المتوقع ستبالغ سوق الأسهم في رد فعلها؛ على الجانب الآخر، إذا ما جاءت الأرقام أقل من التوقعات ستبالغ سوق الفائدة في تفاعلها".
"ستاندرد أند بورز 500" يهوي إلى أدنى مستوى في 7 أسابيع مع تراجع البنوك
تأثير بعيد المدى
ارتفع مؤشر يقيس مستوى الضغط بالبنوك الأوروبية في أسواق التمويل إلى أعلى مستوى منذ أبريل 2020. كما امتد التأثير إلى أسواق الائتمان، حيث سجلت تكلفة الحماية من التخلف عن السداد من قبل الشركات الأوروبية أكبر قفزة يومية هذا العام.
صعدت تكلفة تأمين سلة من السندات من دون الدرجة الاستثمارية بقيمة 10 ملايين يورو (10.6 مليون دولار) لمدة خمس سنوات إلى نحو 418 ألف يورو سنوياً مقارنة بأقل من 400 ألف يورو في نهاية تعاملات الخميس. كما صعدت تكلفة تأمين سلال سندات البنوك.
وتجدر الإشارة إلى أن القطاع المالي الثانوي هو الجزء الوحيد في السوق عالية الجودة المقوّمة باليورو الذي اتسعت فيه أقساط المخاطر صباح يوم الجمعة، بناءً على البيانات التي جمعتها بلومبرغ.
في غضون ذلك، تعاني معظم السندات الطارئة القابلة للتحويل، وهي أخطر أنواع الديون التي يصدرها المقرضون الأوروبيون، من انخفاض الأسعار. وقادت السندات المقومة بالفرنك السويسري الصادرة عن "كريدي سويس" الخسائر بعد فقدانها 0.9 نقطة لتصل إلى 72.3% من القيمة الاسمية.
قال أرنود كايلا، نائب الرئيس التنفيذي في "كوليت دوبون أسيت مانجمنت" (Cholet Dupont Asset Management)، في مذكرة للعملاء: "بعد الكشف عن ضعفها، فتح (سيليكون فالي بنك) إلى حد ما صندوق بندورا".