بلومبرغ
المال مقابل لا شيء؛ هذا هو بالفعل الوعد الذي يحصل عليه المؤيدون للعملات الرقمية من قبل مجموعة سريعة النمو من المنتجات المالية التي يُطلق عليها اسم "القروض السريعة".
وتأتي هذه الممارسة لتكون أحدث محاولة من قبل حشد الأصول الرقمية لإعادة كتابة قواعد المعاملات المالية، وإزالة العديد من حراس البوابة الحاليين من الصورة، وذلك في إطار سعيهم لتحقيق ما يسمونه "التمويل اللامركزي" (DeFi)، وكما هو الحال مع معظم النقاط المتعلِّقة بالعملات الرقيمة، فإنَّ الوعد عظيم، وكذلك هي المخاطر أيضاً في كثير من الأحيان.
آلية عمل القروض السريعة
ويمكن للمقترضين الحصول على قروض بدون ضمانات من المقرِضين، واستخدام العائدات لأي شيء يريدونه؛ فأحد الاستخدامات الأكثر شيوعاً، هو موازنة الاختلافات في أسعار العملات في البورصات المختلفة. والمفتاح الرئيسي لهذه الآلية هو تجميع القرض، والتداول، والسداد في كتلة المعاملات نفسها التي تُعالج على دفتر الأستاذ الرقمي لـِ "إيثريوم" (Ethereum)، وتُنفَّذ في وقت واحد.
ويستغرق الوقت عادةً منذ الاقتراض حتى إعادة القرض ثوانٍ. وفي المثال، يتمُّ تقديم المعاملة إلى الشبكة، وإقراض المقترض الأموال مؤقتاً؛ وفي حال لم يكن التداول مربحاً، يمكن للمقترض رفض المعاملة، مما يعني أنَّ المقرِض يستعيد أمواله في كلتا الحالتين. وعندما يتعلَّق الأمر بـِ البلوك تشين"، فإنَّ المقرض لديه الأموال دائماً، في حين يدفع المستخدم رسوم معاملة "البلوك تشين".
في هذا السياق، قال "نيكولا يانكوفيتش"، مدير مجتمع في مزوِّد القروض السريعة "ديفاي سيفر" (DeFi Saver)، في إشارة إلى اللقب المتداول في مجال العملات الرقمية لكبار المستثمرين الذين يكونون غالباً قادرين على تحريك الأسواق بأنفسهم: "بطريقة ما، تجعل القروض السريعة الجميع حيتاناً".
وعلى الرغم من عدم وجود رقم ثابت للحجم الحالي للسوق، فقد صرَّحت إحدى أكبر الشركات في هذا المجال، وهي شركة "إيف" (Aave)، أنَّها عالجت ملياري دولار من القروض السريعة العام الماضي بعد أن بدأتْ العمل في يناير، كما يقدِّم العديد من المنافسين خدمات مماثلة.
وفي إطار تعليقه على الموضوع، قال "آرون براون"، مستثمر في العملات المشفرة وكاتب عمود في "بلومبرغ أوبينيون": "يمكنني تصوُّر مدى الضخامة التي يمكن أن تصل إليها هذه القروض السريعة؛ وفي الحقيقة، فإنَّ الشيء نفسه موجود من الناحية النظرية في النظام المالي التقليدي؛ إذ يمكنني شراء وبيع الأشياء بعدَّة أضعاف إجمالي ثروتي خلال يوم واحد، طالما أنَّه مع حلول نهاية اليوم، يصل كل شيء إلى رصيد إيجابي؛ والأمر الخاص بموضوع العملات المشفرة أنَّه لا يوجد تأخير في التسوية، لذا لفعل الشيء نفسه تحتاج إلى قروض سريعة".
سوق أكثر كفاءة
ويتوقَّع "ستاني كوليتشوف"، الرئيس التنفيذي لشركة "إيف"، ومقرُّها لندن، أن تقدِّم جميع شبكات العملات الرقمية قروضاً سريعة في النهاية.
إذ قال معلِّقاً على الموضوع: "في نهاية المطاف، ستكون القروض السريعة منتشرة في كل مكان".
وأشار إلى أنَّ أكبر قرض سريع عالجته شركة "إيف" حتى الآن بلغ حوالي 200 مليون دولار؛ هذا وتمتلك "إيف" حوالي 3.9 مليار دولار من القدرة التمويلية، وفقاً لمتتبع البيانات "دي فاي بلس" (DeFi Pulse).
ويمكن أن يؤدي إضفاء الطابع الديمقراطي على التمويل إلى جعل سوق العملات الرقمية أكثر كفاءة.
وفي هذا الصدد، قال "جاك بوردي"، المحلل لدى شركة "ميساري" (Messari): "تمتلك القروض السريعة القدرة على زيادة كفاءة السوق بشكل كبير، إذ لم تعد هناك تكاليف رأسمالية عالية لاستغلال فرص المراجحة؛ وعندما يتمكَّن أي شخص في العالم من تنفيذ هذه التداولات عبر أسواق متباينة، فإنَّ ذلك يساعد على تقارب أسعار العملات المشفرة، وتخفيف فروق الأسعار، وتقليل أوجه القصور".
ولكن لهذا الموضوع عيوبه أيضاً، التي من غير المرجَّح أن يتجاهلها المنظمون، فبحسب "براون" فإن الناس قد استخدموا بالفعل هجمات القروض السريعة للتلاعب بأسعار العملات، وسرقة ملايين الأموال.
وأضاف: "ستستمر القروض السريعة في الارتباط بالتلاعب والقرصنة، إلا أنَّها ليست ضرورية حقاً لهذه الأشياء، فهي تعني فقط أنَّ المتلاعبين والمتسللين لم يعودوا بحاجة إلى رأس مال".
ولأنَّها تحدث بسرعة كبيرة، فمن المحتمل أن يُفلِت المتلاعبون والمتسللون بفعلتهم، وينجحوا في تحقيق الغنائم قبل أن يلاحظهم أحد، ويختفوا في لمح البصر.