بلومبرغ
غالباً يشكل الضجيج المتعلق بالأسهم خطراً على المستثمرين، في حين تشكل عملية اختيار الأسهم أمراً محفوفاً بالمخاطر. فالتغلب على السوق بشكل مستمر، ليس أمراً ممكناً.
لذا قد يلجأ المستثمر الأكثر حذراً إلى خطط التقاعد، وصناديق المؤشرات منخفضة الخطورة، وادخار الأموال للأيام العصيبة.
ومع ذلك، كان الجميع يتحدث بشأن شيء واحد فقط في الفترة الأخيرة، وهو شركة متاجر ألعاب الفيديو الأمريكية "غيم ستوب كورب"، التي ارتفع سعر سهمها إلى 380 دولاراً في تداولات 27 يناير 2021، بعد أن كانت تتداول عند 2.80 دولار في أبريل الماضي.
إحدى مجموعات منتدى "ريديت" بدأت هوساً بهذا الصدد، ثم انضم المدير التنفيذي لصانع السيارات الكهربائية "تسلا" إيلون ماسك لدعم هذه المجموعة من خلال تغريدة نشرها تضمنت كلمة "غيم ستونك" "GameStonk"، ليتم بعد ذلك جني كميات كبيرة من المال من السهم الواحد لهذه الشركة.
ويبدو أن هذا السلوك يمكن أن يتكرر، إذ يبحث الناشرون على موقع "ريديت" بالفعل عن الشركة القادمة التي سينقضون عليها. وكانت قد ساهمت هذه الممارسة أيضاً في ارتفاع أسهم شركات "إيه إم سي إنترتينمنت" و "بلاك بيري" و "بيد باث آند بيوند" و "إكسبريس".
وربما يكون هذا الأمر كافياً لجعلك تتساءل: هل فاتني شيئاً ما؟ لذا قمنا باستطلاع آراء المستشارين الماليين على جانبي المحيط الأطلسي، وطرحنا عليهم هذا السؤال. وهذه كانت أجوبتهم.
وقت أكثر للتداول لا يعني أنك تعرف التفاصيل
في ظل توافر المزيد من الوقت والسيولة بشكل أكثر من المعتاد، بدأ العديد من العاملين في المنزل بإيلاء اهتمام أكبر للأسواق، ووجد الكثير منهم عائداً مفاجئاً. وبدؤوا بفهم بعض استراتيجيات التداول المعقدة، لكن المستشارين الماليين يحذرون من أن هذا الفهم لا يعني ضرورة المشاركة في عمليات التداول.
وفي وصف لأحد الظواهر الكامنة خلف أداء "غيم ستوب"، يقول مايك كاليغيوري، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "كاليغيوري فاينانشيال" في نيو ألباني بولاية أوهايو في الولايات المتحدة: "قرأتك لمقال على موقع إنفستوبيديا، لا يعني أنك أصبحت تعرف الآن ما هو معنى مصطلح الضغط القصير في الأسواق مثلا؟، فهناك آخرون قرؤوا نفس المقالة أيضاً".
ويشير كاليغيوري إلى أن هذه المعرفة الجماعية ربما رفعت بالفعل قيمة الأسهم إلى الذروة، مضيفاً: "في النهاية بمجرد ممارسة هؤلاء البائعين على المكشوف ضغط كافٍ، فإن فرصة تكدس الأشخاص ومواصلة رفع سعر السهم ستتبخر".
لا تتصرف كأنك تمتلك صندوق تحوط
من بين التطورات المدهشة بشأن موجة "ريديت" الأخيرة، كان إجبار أنصار "غيم ستوب" على وسائل التواصل الاجتماعي صندوق التحوط "ميلفين كابيتال" "Melvin Capital"، البالغ قيمته 12.5 مليار دولار، على التراجع عن وضع البيع على المكشوف، أو رهانه على انخفاض أسهم متجر ألعاب الفيديو.
وقد يُشعرك هذا الأمر بالقدرة على المشاركة في الحدث، لكن المستشارين يحذرون من أن فوزاً واحداً لمستخدمي "ريديت" لا يمكن أن يترجم إلى مكاسب مستمرة، وطويلة الأجل بالنسبة لك.
وتقول دانا مينارد، المؤسسة والمديرة التنفيذية لشركة "توين سيتيز": "على الجانب المؤسسي، فإن جميع المؤسسات المالية تتشارك في نفس الموقف والأسس المنطقية في القرارات".
وهذا ليس هو الحال في مجتمع رقمي ذي طابع لامركزي مثل "رديت"، حيث يكون لدى المستخدمين بلا شك دوافع لا حصر لها لتعزيز قيمة الأسهم، ومن المحتمل ألا تندرج رفاهيتك المالية ضمن تك الدوافع.
وتتمتع الشركات المالية الكبرى أيضاً بإمكانية الوصول إلى معلومات لا يمكن للمستثمرين الأفراد الحصول عليها. وبهذا الصدد، تقول مينارد إن المستثمرين يجب أن يكونوا حذرين من أنصار أسهم يروجون وفقاً لمعلوماتهم الخاصة.
وأضافت: "رغم أن هؤلاء الأشخاص قرؤوا عن بعض المؤشرات هنا أو هناك، من المؤكد أنهم غير مطلعين على معلومات المستثمرين المؤسسيين. طالما أن هؤلاء الأشخاص لم يذهبوا فعلياً إلى "غيم ستوب" لمقابلة المدير التنفيذي والوصول إلى المعلومات كما يفعل المستثمرون المؤسسون، فهذه مجرد إشاعات".
ربما لن تترشح لمنصب أو تكون من المليارديرات في وقت قريب
كشف المستثمرون الأثرياء مؤخراً عن حصصهم في "غيم ستوب"، مما أدى إلى ارتفاع سعر السهم. وكان ريان كوهين، المؤسس المشارك لشركة "شيوي" (Chewy)، واحداً منهم، كما أن شاماث باليهابيتيا، صاحب رأس المال الاستثماري والمدير التنفيذي السابق لشركة "فيسبوك"، مستثمر آخر من هؤلاء، لكن كلاهما من المليارديرات.
وأعلن باليهابيتيا مؤخراً أنه كان مرشحاً لمنصب حاكم ولاية كاليفورنيا واستثمر في صفقتي شركات استحواذ ذات أغراض خاصة، مما يعني أنه من الممكن لشخص مثل هذا، يُقدم كل أنواع الرهانات، تحمل خسارة أموال الاستثمار.
لكن على الأغلب أن ميزانيتك قد تبدو مختلفة بعض الشيء، لذا تشجع المديرة التنفيذية مينارد المستثمرين الأفراد على التفكير مرتين في الأموال التي يخصصونها لأسهم المضاربة، وتخصيص ما يمكنهم تحمل خسارته بالكامل فقط.
ومع ذلك، تدرك مينارد أن بعض المستثمرين ربما يرغبون في الدخول في الحالة العارمة، وهذا جيد طالما أنك لا تخاطر سوى بجزء صغير من محفظتك المالية.
وأوضحت: "أدعو هذا المال باسم أموال اللعب، فكل ما يفعله هو منحهم القدرة على أن يكونوا غير منطقيين ويستمتعوا ويلعبوا ويتبعوا التيارات المختلفة، لكن بشكل مسؤول فقط".
صبرك سيُكافأ
وأخيراً، يجب أن يركز المستثمرون الأفراد على أهدافهم الاستثمارية طويلة المدى، وليس على العناوين الرئيسية، حسبما قال جيمس ماكمانوس، كبير مسؤولي الاستثمار لدى شركة "نوتميغ" لإدارة الاستثمار عبر الإنترنت ومقرها لندن.
وأفاد ماكمانوس: "التركيز على التحلي بالصبر بدلاً من ملاحقة أحدث الأخبار، يُعد خطوة صحيحة في حالة السوق الهابطة وكذلك السوق الصاعدة"، مشيراً إلى أن إتباع المستثمرين استراتيجية التنويع والصبر والانضباط كان أمراً مُثمراً على مر التاريخ.