بلومبرغ
تزامن صعود قياسي في حجم المعروض من الكوبالت العام الماضي مع ضعف الطلب خلال النصف الثاني من العام، ما وفر فائضاً هائلاً من المعدن المستخدم في تصنيع البطاريات مع نهاية 2022، بحسب شركات التجارة المتخصصة "دارتون كومودوتيز" Darton Commodities.
أوضحت "دارتون"، الاثنين، في تقريرها السنوي حول الكوبالت أن إمدادات الكوبالت المستخرجة ارتفعت 23%، الأمر الذي ساهم في تبديد عجز كبير منذ العام السابق. في هذه الأثناء، تضرر الاستهلاك من تباطؤ طلب قطاع الإلكترونيات، الذي ينافس قطاع السيارات الكهربائية بوصفه أكبر مستهلك للمعدن المستخدم بتصنيع البطاريات.
تراجع كبير
تتناقض وفرة الكوبالت بشدة مع مخاوف إمدادات الليثيوم المتواصلة، وهو معدن آخر يستخدم بصورة أساسية في تصنيع البطاريات. وأجج تصاعد مبيعات السيارات الكهربائية الزيادة الكبيرة في أسعار كلا المعدنين أوائل 2022، لكن الكوبالت هبط منذ ذلك الوقت بما يفوق 60% عن مستوى ذروة يونيو الماضي، في حين تراجع الليثيوم بصورة أقل حدة.
أشارت "دارتون" إلى أن الارتفاع في إنتاج الكوبالت جاء بفضل الزيادات التي شهدتها جمهورية الكونغو الديمقراطية - والتي تشكل 75% تقريباً من حجم الإمدادات على مستوى العالم - علاوة على إندونيسيا، وهي قوة صاعدة بالسوق الصغيرة، لكنها سريعة النمو.
كان الكوبالت، الذي يعد منتجاً ثانوياً لعمليات تعدين النحاس والنيكل، وراء متاعب متكررة لشركات تصنيع السيارات أثناء فترات سابقة من نقص المعروض، علاوة على وجود مخاوف مستمرة بشأن ظروف العمل الخطيرة داخل قطاع التعدين غير النظامي في الكونغو.
نوهت "دارتون" بأنه بينما تمثل شركات التعدين الصناعية الكبرى الجزء الأكبر من ارتفاع حجم المعروض العام الماضي، إلا أن إنتاج ما يطلق عليها "شركات التعدين التقليدية" سجّل زيادة كبيرة خلال الفترة التي سبقت صعود الأسعار في وقت مبكر من السنة.
نمو الإنتاج
سجل الإنتاج العالمي للمناجم نمواً بـ42% خلال عامي 2020 و2022 في ظل تخفيف قيود سلاسل التوريد المرتبطة بجهود احتواء وباء كوفيد -19، وزيادة وتيرة العمليات التشغيلية الحالية، وبدء تشغيل العديد من المناجم الجديدة.
تعد شركة "غلينكور"، أكبر شركة تعدين كوبالت حول العالم السنة الماضية وبفارق هائل، لا سيما فيما يتعلق بإنتاج مشروعيها التشغيليين في الكونغو. تأتي في المرتبة التالية بعد الشركة السويسرية، بقائمة أكبر المنتجين، شركة "يورو آيشن ريسورسز غروب" (Eurasian Resources Group) والشركة الصينية "كموك غروب "، اللتان تمتلكان أيضاً مشروعات تشغيلية ضخمة في الكونغو.
في 2022، كانت الشركات الصينية تمتلك أو تسيطر على 44% من إمدادات المناجم على مستوى العالم، والتي تشكل أيضاً 78% من إنتاج الكوبالت المكرر، بحسب تقديرات "دارتون".
يُرجح أن يرتفع إنتاج المناجم بمقدار ثلث آخر تقريباً في غضون السنتين المقبلتين، بفضل زيادات إضافية في الكونغو وإندونيسيا، وفقاً لما ذكرته شركة التجارة التي يقع مقرها في المملكة المتحدة.
أزمات أخرى
تتأهب سوق الكوبالت في الوقت الراهن لأزمة إمدادات أخرى محتملة في الأجل القريب، إذ تعمل شركة "كموك" على تسوية الخلاف مع شريكتها المملوكة للحكومة الكونغولية، ما سيمكنها من تصدير مخزون ضخم من خام هيدروكسيد الكوبالت شبه المكرر من منجم " تينك فونغوروم".
بينما حظرت صادراتها منتصف يوليو الماضي، استمرت "كموك" في عملها بالمنجم بطاقة إنتاجية شبه كاملة، وقامت بسهولة بتخزين المعدن الإضافي حتى تستطيع استئناف التصدير، وفقاً لتقرير لـ"بلومبرغ" الشهر الماضي.
اختتمت "دارتون كومودوتيز": "في حين عانت سوق الكوبالت الأوسع نطاقاً من عملية تصحيح ضخمة في 2022 في ظل ارتفاعات كبيرة لحجم المعروض وانتكاسات الطلب على مستويات عديدة، إلا أنها شرعت في النهوض مرة ثانية، ورغم ذلك، تبقى المواجهة بين "كموك" وشركة "جيكاماينز " (Gecamines) المرتبطة بالنزاع حول مدفوعات حقوق الامتياز عاملاً حاسماً، وتمتلك إمكانية إحداث تحول في سوق هيدروكسيد الكوبالت بصورة هائلة سواء بطريقة إيجابية أو سلبية".