استمرار التشديد النقدي يعزز توقعات مخاطر الركود في أستراليا

توقعات بإقرار زيادة إضافية على أسعار الفائدة الأسترالية أكثر مما هو متوقع حالياً

time reading iconدقائق القراءة - 6
عملاء يجلسون في مقهى بالقرب من دار أوبرا سيدني، أستراليا - المصدر: بلومبرغ
عملاء يجلسون في مقهى بالقرب من دار أوبرا سيدني، أستراليا - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

دفعت توقعات رئيس البنك الاحتياطي الأسترالي، فيليب لوي، الخاصة بإقرار مزيد من الزيادات على أسعار الفائدة، الاقتصاديين وأسواق المال إلى تعزيز احتمالات دخول اقتصاد أستراليا البالغ حجمه 1.5 تريليون دولار، في ركود.

أظهر استطلاع أجرته "بلومبرغ" وجود احتمالات أكبر لحدوث ركود تعادل (1 إلى 3) خلال الـ12 شهراً المقبلة، ارتفاعاً من (1 إلى 4) التي تم توقعها في أواخر العام الماضي، حينما أشار لوي إلى أن التوقف المؤقت عن رفع أسعار الفائدة بات وشيكاً.

على النقيض من ذلك، بدأت احتمالات الركود في الولايات المتحدة في التراجع.

"الاحتياطي الأسترالي" يرفع الفائدة لأعلى مستوى في 7 سنوات لمجابهة التضخم

يأتي هذا التحول بعد قفزة في أرقام التضخم أثارت قلق بنك الاحتياطي الأسترالي، ما حفز الاتجاه نحو التشديد النقدي، كما دفعت تلك القفزة المتداولين إلى تقدير احتمالات إقرار 4 زيادات إضافية على أسعار الفائدة، ما يعني توقع إقرار زيادة إضافية على أسعار الفائدة الأسترالية أكثر من التوقعات الحالية للاحتياطي الفيدرالي الأميركي.

تشديد مفاجئ للسياسة النقدية

شرع بنك الاحتياطي الأسترالي في تشديد سياسته النقدية في مايو –بعد شهرين من قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي- ثم تحرّك بوتيرة أكثر حذراً. زعم لوي بأن أستراليا تختلف عن نظيراتها العالمية، وأن معدلات التضخم المرتفعة ستتراجع مع تراجع أزمة سلاسل التوريد. وأشار المحافظ إلى أن هدف بنك الاحتياطي الأسترالي كان قيادة الاقتصاد إلى هبوط ناعم.

لكن بعد ذلك، ارتفعت معدلات التضخم لتصل إلى أعلى مستوى لها منذ 32 عاماً خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2022، حيث زادت الأسعار بسبب الطلب المحلي القوي، وبعدها، تغيرت رسالة لوي، حيث أقر بأن أستراليا تواجه التحديات ذاتها مثل بقية أنحاء العالم. وفي فبراير، رفع البنك أسعار الفائدة موجهاً رسالة متشددة فاجأ بها الأسواق، بعدما كان يدرس التوقف مؤقتاً عن رفع الفائدة في ديسمبر.

رئيس وزراء أستراليا يدعو البنوك الكبرى لرفع الفائدة على الودائع

من جهته، قال ستيفن ميلر المُقيم في سيدني، وهو استراتيجي الاستثمار لدى شركة "جي إس إف أم" (GSFM): "يضيق المسار بين احتواء التضخم والركود كلما استمرت البنوك المركزية في تطبيق سياستها المتشددة لمكافحة التضخم"، مُشيراً إلى أن مراوغة بنك الاحتياطي الأسترالي حتى عام 2022، تعني أن هذا المسار أصبح أضيق من اللازم.

إجراءات أكثر تشدداً

كان بنك الاحتياطي الأسترالي من بين أوائل البنوك المركزية التي رفعت أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة في أكتوبر، بينما كان بنك الاحتياطي الفيدرالي يرفع أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس. وكانت معدلات البطالة في استراليا آنذاك قريبة من أدنى مستوى تشهده منذ 50 عاماً، كما وصلت الوظائف الشاغرة إلى مستويات قياسية وأراد "لوي" الحفاظ على بعض هذه المكاسب.

يشير "ميلر" إلى أن تلك الفترة كانت الأفضل لتعزيز الضغط مع رفع أسعار الفائدة، بدلاً من الآن، حيث ترتفع معدلات البطالة، ويشهد الاقتصاد موجة خفض الوظائف وفقاً لما صدر في التقريرين الماضيين.

يُتوقع أن يقل سعر الفائدة النهائي لبنك الاحتياطي الأسترالي بأكثر من نقطة مئوية عن بنك الاحتياطي الفيدرالي.

التضخم المتسارع وإعلانات الوظائف يعززان اتجاه رفع الفائدة في أستراليا

تأتي التوقعات باتخاذ بنك الاحتياطي الأسترالي إجراءات أكثر تشدداً على خلفية الظروف المتدهورة الراهنة، وسط تراجع معنويات المستهلكين إلى مستويات قريبة من الركود. وعلى النقيض من ذلك، أثبت المستهلكون في أميركا أنهم أكثر قدرة على الصمود رغم رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 4.25 نقطة مقارنةً بـ 3.25 نقطة رفعها بنك الاحتياطي الأسترالي.

من جانبه، قال أندرو كانوبي، مدير قسم الدخل الثابت في أستراليا لدى "فرانكلين تمبلتون إنفستمنتس أستراليا " Franklin Templeton Investment) Australia)، ومقرها في ملبورن: "بدأت استطلاعات الثقة "تؤكدها الروايات المتزايدة من بعض الشركات".

أضاف: "يُعتبر مثال "دومينوز بيتزا" (Domino’s Pizza) من أبرز الأمثلة التي تُشير إلى أن العملاء يفضلون الاستغناء عن خدمة التوصيل لتوفير بضعة دولارات، حيث يذهبون إلى المتجر لاستلام طلبياتهم بأنفسهم".

تباطؤ الاقتصاد في أستراليا

اعترف وزير الخزانة الأسترالي جيم تشالمرز بأن الاقتصاد سيشهد تباطؤاً "بشكل كبير"، خلال مقابلة مع تلفزيون "بلومبرغ"، لكنه توقع أن اقتصاد البلاد سيتجنب الوقوع في الركود. معبراً عن تفاؤله بشأن المستقبل، حيث قال: "الكثير من الأمور تسير لصالحنا".

في حين يميل حاملو الرهن العقاري في الولايات المتحدة إلى الاقتراض على مدى 30 عاماً، مما يفصلهم عن دورات تشديد السياسة النقدية، يحصل غالبية المقترضين الأستراليين على قروض سكنية ذات معدل متغير، يرتفع في كل مرة يزيد فيها البنك المركزي أسعار الفائدة.

تشهد سوق الإسكان في أستراليا حالة تراجع بالفعل، حيث يُرجح أن يؤدي ارتفاع تكاليف الاقتراض إلى مزيد من التراجع خلال هذا العام.

من أميركا إلى الصين.. الركود الكبير في سوق العقارات يهدد نمو الاقتصاد العالمي

يلوح في الأفق خطر آخر من إعادة تسعير القروض التي ظلت الفائدة عليها ثابتة عند مستويات منخفضة قياسية لما يتراوح بين سنتين وثلاث سنوات خلال فترة تفشي الوباء. وتشير بيانات بنك الاحتياطي الأسترالي إلى إعادة تسعير 23% من جميع قروض الرهن العقاري المستحقة هذا العام، وفي بعض الحالات ستزيد تكاليف الاقتراض بأكثر من الضعف لتقترب من 6%.

رغم أن بنك الاحتياطي الأسترالي متفائل نسبياً بشأن سوق الإسكان، ترى إليزا أوين، رئيسة الأبحاث في شركة الاستشارات العقارية "كور لوجيك" (CoreLogic)، أن هناك مخاطر تلوح في الأفق.

قالت "أوين": "قد يشهد الأستراليون الذين لديهم قروض بسعر فائدة ثابت، تعديلاً كبيراً وقاسياً، وهذا عائد جزئياً إلى نية رفع أسعار الفائدة.. الاختبار الحقيقي للسوق سيكون خلال الأشهر الـ10 المقبلة".

تصنيفات

قصص قد تهمك