بلومبرغ
يصادف الأسبوع الجاري مرور عام كامل على الغزو الروسي لأوكرانيا، الذي أسفر عن مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص، ونزوح ملايين الأوكرانيين، وشل الاقتصادات، وتدمير البنية التحتية، واضطراب أسواق الغذاء والنفط حول العالم. لكن بعض الأسواق اتسمت بهدوء نسبي حتى مع استمرار الحرب.
النفط
يتم تداول النفط عند مستوى أدنى مما كان عليه قبل عام، حيث واصلت الأسعار التراجع رغم خطط روسيا لخفض إمداداتها بدءاً من مارس. فبينما واجهت السوق اضطرابات شديدة بعد الغزو، وبات تحرك أسعار النفط يومياً في نطاق 5 دولارات أو أكثر للبرميل أمراً عادياً، عادت وأصبحت هذه التقلبات اليوم أكثر تواضعاً بفضل تحسن مستوى السيولة.
"الاتحاد الأوروبي": روسيا أُجبرت على خفض إنتاج النفط
عادت العقود الآجلة لخام برنت وخام غرب تكساس الوسيط لتُتداول في نطاقات ضيقة، إذ لم يشهد أي منهما منذ أشهر زخماً لفترة متواصلة يدفعه لتجاوز المتوسطات المتحركة لـ100 يوم. لكن مع ذلك، لا تزال السوق بانتظار أيام قد تشهد تقلبات أكبر في المستقبل، في ظل توقع منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أن تكون السوق العالمية ضيقة أكثر خلال العام الجاري مقارنة بما كان متوقعاً في السابق.
الغاز الطبيعي
على الرغم من خفض الصادرات الروسية، وجدت أوروبا نفسها مزودة بمستويات جيدة من الغاز الطبيعي، بعدما تسابق المشترون في القارة خلال العام الماضي لإيجاد بدائل وتخزين الغاز بأسعار قياسية. هذه الخطوة جاءت استعداداً لمواجهة شتاء قارس تبيّن أنه أقل برودة مما كان متوقعاً، ليسهم بذلك الطقس المعتدل والجهود المبذولة للمحافظة على الغاز بالفعل، في الطلب المحدود نسبياً على التدفئة.
الوقود الروسي سيتسرب إلى الاتحاد الأوروبي رغم الحظر
إضافة إلى شحنات الغاز الطبيعي المسال الوفيرة، اقتربت مخزونات الوقود الحيوي من مستويات تاريخية مرتفعة، الأمر الذي دفع الأسعار إلى الانخفاض. فقد تراجعت العقود الآجلة القياسية للغاز في أوروبا من ذروتها في أغسطس، لتصل إلى ما دون 50 يورو للميغاواط/ساعة للمرة الأولى منذ 17 شهراً. ومع ذلك، يتساءل المحللون عمّا إذا كان هذا الانخفاض في الأسعار سيستمر. ربما يؤدي انخفاض التكاليف إلى تحفيز استهلاك الغاز في توليد الطاقة الكهربائية أو في الصناعات، ما يهدد بإحداث خلل في التوازن الهش.
ثمة مخاطرة أخرى تتمثل في ارتفاع الطلب على الغاز الطبيعي المسال من آسيا، فضلاً عن احتمال أن يكون شتاء 2023-2024 أكثر برودة.
المزارع
يتواصل تأثير الصراع بين روسيا وأوكرانيا على أسواق الحبوب والمحاصيل الأخرى حول العالم، وبالتالي سيركز التجار على منتدى التوقعات السنوي لوزارة الزراعة الأميركية الذي يبدأ الخميس المقبل. يُتوقع أن تكشف وزارة الزراعة الأميركية عن توقعات جديدة لموسم الزراعة الخاص ب2023-2024، بما فيها مساحة الأفدنة المزروعة.
روسيا تتخطى سنة من العقوبات القاسية بفضل استثمار الشركات
أظهر استطلاع أجرته "بلومبرغ" أن المحللين يتوقعون أن يزرع المزارعون المزيد من الحقول بالذرة وفول الصويا والقمح خلال العام الجاري مقارنة بالعام الماضي. ومع ذلك، توقعت الوكالة الأميركية في أوائل الشهر الجاري، انخفاض الدخل الإجمالي للمزارع بنسبة 16% في 2023 بعدما سجلت أرباحاً قياسية على مدى عامين متتاليين، مع تراجع معدل التضخم للعديد من المواد الغذائية. كما تراجعت العقود الآجلة للقمح في شيكاغو بشكل خاص بعد عام من الاضطرابات، على الرغم من استمرار المخاوف تجاه تكثيف روسيا لحربها.
أسعار الشحن
تواجه أسعار الشحن العالمية ضغوطاً ناتجة عن تباطؤ الطلب، في ظل ارتفاع معدلات التضخم. تقلّص حجم التدفقات التجارية لبعض أهم المعادن في العالم، مثل خام الحديد والصلب، بينما ينفق المستهلكون أموالاً أقل على المواد الغذائية والسلع البلاستيكية. هذا الأمر أثر بدوره على الطلب على خدمات الشحن، وأدى بالتالي إلى تراجع مؤشرات الشحن بالحاويات وشحن البضائع السائبة إلى أدنى مستوياتها في عامين ونصف العام.
روسيا تسلم كميات نفط قياسية في عرض البحر للتغلب على تكاليف الشحن
مع ذلك، لم يتضح بعد ما إذا كانت إعادة فتح الصين لاقتصادها ستحفز الطلب على وقود الطائرات في آسيا. انتعشت أسعار ناقلات مخزونات نواتج التقطير حول العالم هذا الشهر، لتتفوق بذلك على فئات أصول الشحن الأخرى.
الذهب
الذهب، وهو الملاذ الآمن الذي فضّله الكثيرون في الأيام الأولى التي أعقبت الغزو الروسي، بدأ يفقد بعضاً من بريقه أيضاً، حيث يُرجّح أن تنتهي سلسلة مكاسب دامت لثلاثة أشهر، مع استمرار رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لأسعار الفائدة للمساعدة في كبح معدلات التضخم المرتفعة.
الذهب ينتعش بعد هبوطه لأدنى مستوى في شهر بسبب الدولار القوي
يُفترض أن يطغى ارتفاع عائدات السندات العالمية عل المكاسب الكبيرة لسبائك الذهب، إذ أن أسعار الفائدة المرتفعة والدولار القوي يجعلان الذهب أقل جاذبية. انخفض المعدن الثمين إلى ما دون المتوسط المتحرك لـ50 يوماً خلال الشهر الجاري، ليسلك منحنى هابطاً من أعلى مستوياته في 2023، كما إنه على وشك خسارة المكاسب التي حققها منذ بداية العام.