أسعار الفائدة الأميركية قد تتجه لمستوى أعلى من توقعات "وول ستريت" و"الفيدرالي"

تشديد السياسة النقدية يصيب الاقتصاد في نهاية المطاف ويؤدي إلى الركود

time reading iconدقائق القراءة - 7
جيروم باول ، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي - المصدر: بلومبرغ
جيروم باول ، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

في عام 2022، لم تفلح توقعات معظم المستثمرين ومحافظي البنوك المركزية في الولايات المتحدة بشأن المستوى الذي قد يصل إليه معدل التضخم، أما حالياً فهم يقللون من تقديراتهم لمستوى أسعار الفائدة الضرورية لخفض نمو أسعار المستهلكين.

رغم حملة تشديد السياسة النقدية الأكبر التي ينفذها بنك الاحتياطي الفيدرالي منذ أربعة عقود، بدأ الاقتصاد الأميركي والأسواق المالية عام 2023، بتحقيق أداء قوي، إذ زاد عدد الوظائف الجديدة وقفزت مبيعات التجزئة وارتفعت أسعار الأسهم.

معدل التضخم الذي يثبت أنه مستمر لفترة طويلة ويتجاوز كثيراً مستهدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%، يمثل سبباً جوهرياً لرئيس البنك المركزي جيروم باول وزملائه لرفع أسعار الفائدة، لتهدئة الأوضاع.

قال بروس كاسمان، كبير الاقتصاديين لدى "جيه بي مورغان": "هناك فرصة جيدة لأن يتحرك بنك الاحتياطي الفيدرالي بأكثر مما تتوقعه الأسواق".

يكمن الخطر في أن تشديد السياسة النقدية يصيب الاقتصاد في نهاية المطاف ويؤدي إلى حدوث الركود، إذ سيفقد المستهلكون المخزونات المالية التي توافرت لديهم إبان الوباء.

يعتقد مارك زاندي، كبير الاقتصاديين لدى "مودي أناليتيكس" ( Moody Analytics)، بوجود مزيد من المدخرات الإضافية، تبلغ نحو 1.6 تريليون دولار، وسوق عمل تتسم بالحيوية تسمح للقطاع العائلي بمواجهة ارتفاع الأسعار وتكاليف الاقتراض.

رفع المستثمرون بالفعل رهاناتهم على المدى الذي سيدفع بموجبه الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة خلال دورة التشديد النقدي الحالية.

بايدن: علينا القيام بالمزيد لترويض التضخم

ويتوقعون حالياً أن سعر الفائدة لدى الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سترتفع إلى 5.2% في يوليو، وفقاً للتداول في أسواق المال الأميركية، مقارنة بـ4.9% قبل أسبوعين فقط، والنطاق المستهدف الحالي للبنك المركزي بين 4.5% و4.75%.

البقاء على أهبة الاستعداد

يعمل الاقتصاديون على تحديد تقديراتهم لما يُعرف بالسعر النهائي للفائدة، وهي أعلى معدل فائدة يصل إليها الاحتياطي الفيدرالي.

رفع ماثيو لوزيتي، كبير الاقتصاديين المعنيين بالاقتصاد الأميركي لدى "دويتشه بنك سيكوريتيز" توقعاته الأسبوع الجاري لمعدل الفائدة إلى 5.6% من 5.1%، معللاً ذلك بمرونة سوق العمل والظروف المالية الأسهل وارتفاع التضخم.

يبدو مسؤولو السياسة النقدية في الاحتياطي الفيدرالي أكثر ميلاً نحو تشديد السياسة النقدية أيضاً.

قالت لوري لوجان، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي بدالاس في 14 فبراير : "يجب أن نظل مستعدين لمواصلة رفع أسعار الفائدة لفترة أطول مما كان متوقعاً في السابق، إذا كان هذا المسار ضرورياً لمواكبة التغيرات في التوقعات الاقتصادية أو لتعويض أي خفض غير مرغوب فيه لأسعار الفائدة".

خلال جولة التنبؤ الأخيرة في ديسمبر، حدد المسؤولون عن السياسة النقدية لدى الاحتياطي الفيدرالي أعلى معدل للفائدة عند 5.1 % خلال 2023، وفق متوسط تنبؤاتهم. قال مراقبو الاحتياطي الفيدرالي إنهم لن يشعروا بالمفاجأة لدى قراءة معدل أعلى للفائدة عندما يصدر البنك المركزي توقعات جديدة الشهر المقبل.

بليرينا أوروتشي، كبيرة الاقتصاديين المتخصصين في الاقتصاد الأميركي لدى شركة "تي رو برايس أسوشيتس" (T. Rowe Price Associates) قالت: "هناك مخاطر كبيرة من احتمال استمرارهم (المسؤولون عن السياسة النقدية لدى الاحتياطي الفيدرالي) في رفع أسعار الفائدة خلال اجتماعي يونيو ويوليو".

بافتراض أن الاحتياطي الفيدرالي رفع معدل الفائدة أيضاً في مارس ومايو، كما هو متوقع على نطاق واسع، فإن ذلك سيرفع النطاق المستهدف لسعر فائدة التمويل لدى الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بما يتراوح بين 5.5% إلى 5.75%.

الدولار يمحو خسائر العام وسط رهانات على رفع أكبر للفائدة

قال كبير الاقتصاديين السابق لدى صندوق النقد الدولي كين روجوف لـ"تلفزيون بلومبرغ" الأسبوع الجاري إنه لن يتفاجأ إذا وصلت أسعار الفائدة إلى 6% لخفض التضخم.

هل تلعب السياسة دوراً؟

يتساءل سيباستيان مالابي، زميل بارز لدى مجلس العلاقات الخارجية، عما إذا كانت السياسة قد تلعب دوراً في دفع الاحتياطي الفيدرالي نحو المضي قدماً لرفع أسعار الفائدة هذا العام بدلاً من عام 2024، عندما يصوّت الأميركيون في الانتخابات الرئاسية.

قال: "إذا كان على الاحتياطي الفيدرالي تشديد أكبر للسياسة النقدية، فمن الأفضل بكثير عدم القيام بذلك في عام الانتخابات".

لا يسود اتفاق بين الجميع بشأن الحاجة إلى رفع أسعار الفائدة. يرى إيان شيبردسون كبير الاقتصاديين لدى "بانثيون ماكرو إيكونوميكس" أن قوة أداء الاقتصاد في مطلع العام الجاري ترجع إلى الطقس الشتوي الأكثر دفئاً من المعتاد، ويقول إن مزيداً من رفع أسعار الفائدة قد يمثل خطراً ويؤدي إلى حدوث ركود غير ضروري.

ليست البيانات القوية لشهر يناير هي السبب الوحيد الذي أثار قلق بعض الاقتصاديين، بل أيضاً مراجعات البيانات التي تشير إلى أن سوق العمل والتضخم كان لهما قوة أكبر (في دعم الاقتصاد) قرب نهاية عام 2022 مقارنة مما كان يُعتقد سابقاً.

قال جيسون فورمان، كبير الاقتصاديين السابق في البيت الأبيض والأستاذ بجامعة هارفارد خلال مناقشة أقامها معهد بروكينغز في 14 فبراير: "التضخم يزداد سوءاً"، وذلك بعد أنباء عن ارتفاع أسعار المستهلكين بنسبة 0.5% الشهر الماضي ارتفاعاً من 0.1% في ديسمبر.

باول: لم نصل بعد إلى معدلات فائدة كافية لكبح التضخم.. ونناقش زيادتين أخريين

يرى فورمان معدل التضخم الأساسي حالياً عند 3.5% إلى 4%. وبينما انخفض المعدل بشكل كبير عما كان عليه قبل ستة أشهر، لا يزال أعلى بكثير مما يريده الفيدرالي.

من المبكر الاسترخاء

أعلن باول أن عملية خفض معدل التضخم قد بدأت، لكنه حذّر أيضاً من أن طريق العودة إلى مستهدف الاحتياطي الفيدرالي سيكون طويلاً ووعراً.

ركز رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي على سوق العمل كمصدر للضغط التضخمي المحتمل، بدعوى أن الطلب على العمال يفوق العرض وأن الأجور ترتفع بسرعة كبيرة جداً بحيث لا تتوافق مع المستهدف البالغ 2% لدى البنك المركزي.

زاد عدد الوظائف التي أضافها الاقتصاد على مدى الأشهر الثلاثة الماضية بمتوسط 356 ألف شهرياً، وهو معدل أعلى بكثير من الـ100 ألف وظيفة التي يراها باول متوافقة لإحداث التوازن، في حين انخفضت البطالة إلى أدنى مستوى لها منذ عام 1969.

كانت الشركات تكره تسريح العمال بعد أن واجهت صعوبة في التوظيف مع خروج الاقتصاد من عمليات الإغلاق إبان الوباء. تواجه سوق العمل أيضاً ضغوطاً متجذرة طويلة الأجل مع تقاعد المزيد والمزيد من العمال المنتمين إلى جيل "طفرة المواليد" الضخم (مواليد ما بعد الحرب العالمية الثانية).

مضاربون يراهنون بأموال ضخمة على بلوغ فائدة "الفيدرالي" 6%

قال جينس نوردفيج، مؤسس شركة "إكسانت داتا": "من المبكر جداً القول إن بنك الاحتياطي الفيدرالي لديه أي سبب يدعو إلى الاسترخاء عن رفع أسعار الفائدة".

تصنيفات

قصص قد تهمك