بلومبرغ
عادت أسهم شركات الطاقة الشمسية للتعافي بعد حالة من الركود. حيث سجلت العديد من أسهم القطاع مستويات قياسية الشهر الماضي في الوقت الذي أظهر فيه المستثمرون حرصهم على طرح المزيد من شركات الطاقة الشمسية للاكتتاب العام فيما يبقى السؤال حول ما إذا كانت تلك الطفرة ستدوم أم تنتهي سريعاً مثل الطفرات السابقة؟
لقد انتهت الطفرات السابقة لأسهم شركات الطاقة الشمسية بشكل مؤلم وكان آخرها زخم طروحات شركات الطاقة المتجددة وفصل أعمال وحدات محطات الطاقة التابعة لتلك الشركات وإدراجها خلال الفترة بين العامين 2014 – 2015 التي شهدت موجة صعود لتكنولوجيا الطاقة النظيفة.
انتهت تلك الطفرة بإعلان انهيار شركة صن إديسون (SunEdison Inc) أكبر شركات الطاقة المتجددة في العالم وإعلان افلاسها في 2016 الأمر الذي أضر بصناعة الطاقة الشمسية بالكامل. وعاد المستثمرون لتفضيل الربحية على النمو ما أدى إلى عدم طرح أية شركة للطاقة الشمسية للاكتتاب العام في الولايات المتحدة منذ نهاية العام 2016 وحتى مطلع العام 2019 بحسب بيانات بلومبرغ.
وتيرة متسارعة
عادت وتيرة اكتتابات شركات تكنولوجيا الطاقة النظيفة للظهور بوتيرة متسارعة مرة أخرى. فمنذ شهر أكتوبر الماضي، تم طرح شركتين للطاقة الشمسة على الأقل للاكتتاب العام كما وافقت أخرى على الإدراج من خلال الاندماج مع شركة استحواذ ذات غرض خاص لتنضم بذلك لموجة الادراجات بنفس الطريقة والمنتشرة بين شركات السيارات الكهربائية ومنتجي البطاريات.
وأشار بافيل مولتشانوف، محلل الأوراق المالية في ريموند جيمس، إلى إتمام 32 صفقة إدراج خاصة بشركات استحواذ ذات غرض خاص عن طريق الاندماج مع شركات التكنولوجيا النظيفة على مدار اثني عشر شهراً الماضية.
وترجع تلك الطفرة بشكل رئيسي إلى جائحة كورونا التي تأكد في وقت مبكر من انتشارها أن الطاقة الشمسية سوف تصمد في تلك الأوقات العصيبة كما زادت احتمالات ازدهارها أيضاً. ووفقاً لشركة وود ماكينزي وجمعية صناعات الطاقة الشمسية، كان من المتوقع أن تقوم الولايات المتحدة بتركيب 19 غيغاوات من الطاقة الشمسية الجديدة بحلول منتصف ديسمبر.
كذلك ارتفع مؤشر ويلدرهيل كلين إنرجي الذي يضم شركات الطاقة الشمسية ويركز على معايير الاستدامة بنسبة 200% خلال العام الماضي متجاوزاً ارتفاعه بنسبة 58% في العام 2019.
وتبقى هناك دوافع أساسية تدعم ازدهار تكنولوجيا الطاقة النظيفة على المدى القريب وأبرزها: سياسات أوروبا والولايات المتحدة الداعمة لذلك التوجه، التركيز على بناء شبكات كهربائية خضراء، إضافة إلى تخصيص ميزانيات بتريلوينات الدولارات لتنفيذ خطط التحول للطاقة النظيفة.
ويعلق جيف ماكديرموت رئيس نومورا غرينتيك قائلاً: "إنه اتجاه هائل وضروري لمستقبل هذا العالم".
ولا يعني ذلك أن مستقبل صناعة الطاقة الشمسية أصبح مضمون وأن النجاح سيكون سهلاً للإدارة التنفيذية لتلك الشركات أو المستثمرون. فرغم ارتفاع سهم شركة اكتيف سولار 183% ليسجل أفضل أداء بين الأسهم الأوروبية العام الماضي، إلا أن ذلك الارتفاع تحقق بعد خسارتين فادحتين للمستثمرين عصفت بمعظم أموالهم.
العائد على الاستثمار
وبحسب شركة غينيس أتكينسون لإدارة الأصول، بلغ معدل العائد على الاستثمار في أسهم شركات معدات الطاقة الشمسية 98% العام الماضي مقارنة بتراجع بنسبة 32% في العام 2018. وأوضحت أن متوسط العائد التراكمي لأسهم شركات معدات الطاقة الشمسية خلال الفترة 2010 – 2020 ورغم وصوله إلى 65% كان الأقل بين كافة القطاعات التي تضمها صناعة تكنولوجيا الطاقة النظيفة.
يقول مولتشانوف: "قد يكون هناك نمو كبير بحجم الأعمال لكن الربحية قد تكون مختلفة تاماً". وأضاف "لقد شهدنا نمواً سريعاً في إيرادات العديد من الشركات خلال السنوات الماضية، لكن لاتزال هناك ضغوط على ربحيتها". وأكمل مؤكداً أنه لا يزال هناك "اتجاه قوي للتعامل مع الطاقة الشمسية كسلعة ما يتسبب في الضغط على الهوامش". ويؤثر بدوره على كافة قطاعات الأعمال المرتبطة بالطاقة الشمسية والتي تمتد إلى وحدات الإنتاج والمحولات الكهربائية واتفاقيات إمدادات الطاقة.
اتجه العديد من المستثمرين إلى الطاقة الشمسية العام الماضي بدعم من استراتيجيات خفض الانبعاثات الكربونية وزيادة الاعتماد على الطاقة الكهربائية بالإضافة إلى صراعات النفط.
تجربة صن أديسون
وبالعودة لتجربة صن أديسون التي سببت مخاوف بشأن الاستثمار في الصناعة، نجد أن الشركة عززت صعودها اعتماداً على هندسة مالية وتقنيات رياضية لحل مشكلاتها المالية والتمويل اعتماداً على الديون الرخيصة قبل أن تعلن افلاسها في العام 2016.
وبعد 5 سنوات من افلاس صن إديسون، انخفضت تكلفة الطاقة الشمسية بشكل ملحوظ لدرجة أن أصبحت الأرخص بين مصادر الطاقة في العديد من الأسواق. وقد يكون ذلك ميزة تنافسية للطاقة الشمسية ولكنه ليس بالضرورة ميزة تنافسية للمصنعين.
وتعتقد شركات الطاقة الشمسية أن اقبال المستثمرون على أسهم شركاتهم سوف يتزامن مع تركيزهم على التخصص في أعمال صغيرة ومحددة مثل امتلاك محطات طاقة، او أعمال التركيبات، أو صنع الألواح الشمسية، أو تصنيع بعض المكونات بدلاً من الاعتماد على التكامل الرأسي السابق في إشارة إلى تصنيع الشركة لكافة ما تحتاجه كل واحدة من الأنشطة قبل الوصول للمستهلك.
ومن أبرز المتغيرات الرئيسية تأتي أيضاً طريقة النظر والرؤية المستقبلية للطاقة النظيفة وغيرها من الأنشطة المرتبطة بمكافحة التغير المناخي حيث أصبحت تلك الشركات تمثل فرصة استثمارية، وليس مجرد استثمار بغرض تحسين السمعة والصورة العامة للشركة.