إعادة فتح اقتصاد الصين قد ترفع عائد سندات الخزانة الأميركية

تواجه سندات الخزانة الأميركية ضغوطاً أكثر من التضخم، والتي لن تأتي هذه المرة من الولايات المتحدة بل من الصين، وفقاً لبعض المستثمرين.

ارتفعت عوائد سندات الخزانة لأجل عامين يوم الثلاثاء إلى أعلى مستوى منذ 3 أشهر، بعدما تفاجأ المتداولون بارتفاع معدل التضخم السنوي في الولايات المتحدة بأكثر من المتوقَّع.

تتزايد مخاطر ارتفاع أسعار السلع مجدداً نتيجة إعادة فتح الصين، مما قد يرفع الأسعار ويدفع العائدات لأعلى، بحسب ما قال مديرو صناديق استثمارية، من بينهم "أليانس بيرنشتاين" (AllianceBernstein) و"كابستريم كابيتال" (Kapstream Capital) التابعة لـ"يانوس هندرسون" (Janus Henderson).

جولة جديدة من رفع الفائدة

قالت بولين كريستال، مديرة المحافظ لدى "كابستريم كابيتال": "شهدنا ارتفاعاً في أسعار سلع مثل الحديد والنحاس والصلب عقب الإعلان عن إعادة فتح اقتصاد الصين، وفي حالة استمرار صعودها، قد تتزايد الضغوط التضخمية وتدفع باتجاه جولة جديدة من رفع أسعار الفائدة، وخاصةً على الآجال الأقصر، مما سينعكس بدوره على توقُّعات سعر الفائدة النهائي على الأجل الطويل".

عقب ارتفاعها القوي في يناير، تقهقرت سندات الخزانة خلال الشهر الجاري، في ظل ما كشفت عنه البيانات من تفوّق سوق العمل الأميركية على التوقُّعات، وارتفاع أسعار المستهلك بوتيرة أعلى مما كان متوقَّعاً، وتزامن ذلك مع التصريحات المتشددة لمسؤولي الاحتياطي الفيدرالي العازمين على سحق التضخم، مما دفع التوقُّعات بشأن ذروة أسعار الفائدة الأميركية للارتفاع مجدداً.

اقرأ أيضاً: التضخم في الولايات المتحدة ما زال مرتفعاً والضغوط تتزايد على الاحتياطي الفيدرالي

يُعتبر اتجاه أسعار الطاقة مؤشراً جيداً لقياس التأثير المحتمل لإعادة فتح اقتصاد الصين، إذ رفعت وكالة الطاقة الدولية توقُّعاتها للطلب العالمي على النفط عقب تخفيف القيود، كذلك ارتفعت أسعار العقود الآجلة لخام برنت بنحو 12% من أدنى مستوى لها في ديسمبر.

قال براد غيبسون، رئيس قسم أدوات الدخل الثابت لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في "أليانس بيرنشتاين"، في ملبورن: "إذا ارتفعت أسعار النفط بأكثر من المتوقَّع؛ سيضع ذلك ضغوطاً تصاعدية على التضخم الإجمالي، وبرغم توقُّعنا حدوث تأثير طفيف لإعادة فتح الصين، سيمتد التأثير إلى رفع معدلات الفائدة بنسبة طفيفة أيضاً، وهو ما يدعو من الناحية الاستراتيجية إلى تخفيف المراكز حيال عائدات السندات العالمية الأساسية".

الرهان على الأسواق الناشئة

يقول ليونارد كوان من "تي رو برايس غروب" (T Rowe Price Group) في هونغ كونغ إنَّ أسواق السندات الأساسية في الاقتصادات الكبرى تتوقَّع تراجع التضخم بدلاً من الزيادة المفاجئة لأسعار الفائدة، وهو ما يجعل الرهان على الأسواق الناشئة أكثر أماناً.

من جهته، قال كوان، مدير محافظ الدخل الثابت بالأسواق الناشئة في هونغ كونغ: "ستكون أسعار الفائدة بالأسواق المتقدمة أكثر تأثراً بارتفاع توقُّعات التضخم مقارنة بأسواق السندات المقومة بالعملة المحلية". وأضاف: "نرى أنَّ الآفاق المستقبلية لأسعار الفائدة على السندات المقومة بالعملات المحلية في الأسواق الناشئة أفضل، فقد بلغت العائدات أعلى مستوياتها على مدى عدة سنوات، كما أنَّ التضخم بلغ ذروته على الأرجح العام الماضي".

برغم ذلك، لا يقتنع الجميع بأنَّ تأثير إعادة فتح الاقتصاد الصيني يمثل تهديداً وشيكاً.

وتيرة تعافي اقتصاد الصين

قال آرييل بيزاليل، مدير الاستثمار في أسواق الدخل الثابت لدى "جوبيتر لإدارة الأصول" (Jupiter Asset Management) الشهر الماضي: "سنشهد بالتأكيد بعض التعافي في نمو الصين، لكنَّني لا اعتقد أنَّه سيكون كافياً لمحو تأثير التباطؤ الذي نشهده في باقي أنحاء العالم، نرى الآن أنَّ الأمر سوف يستغرق بعض الوقت، لكنَّني أعتقد أنَّ العالم قد يكون متحمساً جداً لذلك".

يرى بعضهم أنَّ تعافي الصين لن يكون بدعم من الاستثمار في البنية التحتية، الذي يزيد الضغوط التضخمية، حيث اعتمدت طفرات النمو السابقة على المحفزات. لكن في حالة نمو ثاني أكبر اقتصاد في العالم بوتيرة أسرع من التوقُّعات؛ فقد يُعاد النظر في الرهانات على تحوّل سياسة الاحتياطي الفيدرالي النقدية المتشددة بسرعة، مما يعزز انتعاش سندات الخزانة.

اقرأ أيضاً: التضخم يرتفع في الصين مع تسارع وتيرة الانتعاش

قال آندي سوين، مدير محافظ الأسواق الناشئة ضمن فريق الدخل الثابت لدى "باين بريدج إنفستمنتس" (PineBridge Investments): "إذا أضاف تعافي الصين ضغوطاً على الأسعار تتراوح بين 1-2% على مستوى العالم؛ فسيعزز ذلك من افتراضنا الأساسي بإبقاء الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة في مستويات مقيدة للنمو لفترة أطول".