بلومبرغ
فازت البرازيل بتاج سوق الأسهم الرئيسية الأفضل من حيث الأداء خلال 2022، بعد تفوقها على الأسواق المنافسة بتحقيق ارتفاع في الآونة الأخيرة، خلال 12 شهراً بالغة الصعوبة للأسهم عالمياً.
ارتفع مؤشر "إيبوفيسبا" (Ibovespa) بنسبة 4.7% وفق تقدير العملة المحلية، مما يجعلها إحدى البورصات القليلة التي تجاوزت قيمتها 500 مليار دولار وفق القيمة السوقية، لتنهي التعاملات في ختام العام على ارتفاع، متجاوزة المكاسب التي حققتها البورصات في الهند والمملكة المتحدة، وفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ".
انخفض مؤشر "إم إس سي آي" لجميع الدول العالمي بنسبة 20% تقريباً خلال نفس الفترة، إذ واجه المستثمرون ارتفاعاً في معدلات التضخم ورفع أسعار الفائدة بوتيرة متسارعة في جميع أنحاء العالم.
في حين بلغ التضخم في البرازيل ذروته ليتجاوز 12% خلال أبريل، بدأ البنك المركزي دورة رفع قوية لأسعار الفائدة في أوائل عام 2021 ساعدت على خفض التضخم بمقدار النصف بحلول نهاية 2022، مما قد يفتح المجال لخفض أسعار الفائدة خلال 2023.
ساعد تراجع معدل التضخم إلى جانب التقييمات التي تعد من بين أرخص الأسعار في العالم، على تحفيز الطلب لشراء أسهم البرازيل رغم استمرار عدم اليقين السياسي بشكل كبير.
تظل الأسهم البرازيلية رخيصة على أساس تاريخي، حيث بلغ معدل السعر الآجل المجمع إلى الأرباح لمدة 12 شهراً 6.7 مرة، مقارنة بمتوسط 10 سنوات يبلغ 10.8 مرة. ويتم تسعير المقايضات وفق خفض أسعار الفائدة اعتباراً من الربع الثاني من 2023.
أصبح المتعاملون في حالة توتر خلال معظم شهرين بعد فوز لويز إيناسيو لولا دا سيلفا في انتخابات الرئاسة، وسط مخاوف من أن تسببت زيادة الإنفاق المالي في إشعال التضخم مجدداً، ما دفع البنك المركزي إلى إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول مما كان متوقعاً في السابق.
قال حسنين مالك المحلل الاستراتيجي في "تيليمر" بدبي: "قد يترقب معظم المستثمرين صدور إشارات طمأنة بأن السياسة المالية التي يطبقها (لولا) تتسم بالمسؤولية بما يكفي قبل أخذ زمام المبادرة، لكن التقييمات الرخيصة تشير إلى أنه قد يتم تعويضهم أيضاً عن هذا الخطر".
كان المستثمرون الأجانب محركاً رئيسياً لارتفاع الأسهم خلال 2022، وقاموا بشراء ما قيمته 19 مليار دولار من الأسهم البرازيلية، وهي أعلى قيمة حسب البيانات التي جمعتها "بلومبرغ" والتي يعود تاريخها إلى عام 2009، ما يوقف 4 سنوات من عمليات البيع، وشهدت السوق صافي شراء بقيمة 3 مليارات دولار خلال شهرين منذ انتخاب "لولا" رئيساً للبرازيل.
مما لا يثير الدهشة، أن الأداء المتفوق لأسهم البرازيل يأتي في عام شهد انتعاشاً لشركة "فالي" (Vale SA)، صاحبة أكبر سهم في مؤشر "إيبوفيسبا" إذ يبلغ وزنه نحو 20%.
ارتفعت أسهم الشركة العملاقة لتعدين خام الحديد بنسبة 14%، منتعشة من أسوأ عام لها منذ عام 2015 بفضل ارتفاع أسعار المعادن الأساسية منذ غزو روسيا لأوكرانيا ومؤخراً، مدعومة بالتفاؤل بأن إنهاء سياسات "صفر كوفيد" في الصين من شأنه تحفيز الطلب.
ساعد الوزن الضخم لشركة "فالي" في مؤشر أسهم البرازيلية على التخلص من الخسائر التي تكبدها العديد من الشركات الأخرى المدرجة.
من بين 91 سهماً ضمن المؤشر، أنهى حوالي الثلثين 2022 على تراجع، بما في ذلك شركة النفط التي تسيطر عليها الدولة "بتروليو برازيليرو" (Petroleo Brasileiro SA)، والتي تعثرت خلال الأسابيع الأخيرة وسط مخاوف من التدخل السياسي.
رغم الأداء المتراجع والمخاوف السياسية، من المتوقع أن تستمر المكاسب التي حققها مؤشر "إيبوفيسبا" في 2023.
في وقت سابق من ديسمبر، قال الخبراء الاستراتيجيون لدى "جيه بي مورغان" بقيادة إيمي شايو إنهم يتوقعون أن ينهي المؤشر 2023 بالقرب من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 130 ألف نقطة، ويرجع ذلك جزئياً إلى إعادة فتح الصين لاقتصادها.
أغلق مؤشر الأسهم البرازيلية تعاملاته يوم الخميس عند 109.734. في الوقت ذاته، يتوقع "بنك أوف أميركا" أن ينهي المؤشر تعاملاته عند 135000 في ختام 2023.
قال برادفورد جونز، مدير محفظة لدى شركة "ساجيل آسيت مانجمنت" (Sagil Asset Management Ltd) في لندن: "لا يزال هناك الكثير من المخاطر التي تم تسعيرها.. إذا تلاشى الصخب السياسي، يمكن أن تسجل الأسهم البرازيلية أداءً قوياً خلال 2023".
لا تسود تلك القناعة بين كل المؤسسات المالية بشأن أسهم البرازيل، حيث قام بنك الاستثمار العالمي "مورغان ستانلي"، الذي كان يوصي العملاء بشراء أسهم الشركات البرازيلية منذ أكتوبر 2018، بتخفيض تصنيف سوق الأسهم بالبلاد نهاية نوفمبر 2022، بدعوى عدم اليقين بشأن سياسات الرئيس المنتخب.