بلومبرغ
سنظل نذكر الأسبوع الرهيب الذي مر على صناديق التحوط بسبب حجم الضرر الذي لحق بها نتيجة مطاردة المتداولين على منصة "ريديت" لمجموعة تعد على الأصابع من الأسماء الأكثر بيعا على المكشوف في سوق أسهم الولايات المتحدة البالغة قيمته 43 تريليون دولار.
ولكن لماذا أجبرت المؤسسات الاستثمارية المخضرمة على خفض تعرضها للسوق بأسرع وتيرة منذ انهيار مارس الناتج عن الوباء؟ أحد الأسباب هو أن نماذج مخاطرهم أملت عليهم ذلك.
ومع تسبب فيضان أموال المستثمرين الأفراد في ارتفاع أسهم مثل "غيم ستوب كروب" و"إيه إم سي إنترتينمنت هولدينغز" (AMC Entertainment Holdings Inc)، أضاءت إشارات التداول التي توجه استثمارات الأموال الذكية بالضوء الأحمر.
وأظهر المقياس البسيط ولكن واسع الانتشار المعروف باسم "القيمة المعرضة للخطر" مدى ضعف حشد المستثمرين في الأسهم - سواء على المكشوف أو لآجال طويلة - أمام الخسائر القائمة على التحركات الكبيرة في الأسعار.
وفي خضم صراع المتداولين مع وول ستريت، تضاعفت التقلبات في 50 شركة مدرجة في مؤشر "راسل 3000" الأسبوع الماضي، وفي نفس الوقت، ارتفعت الأسهم الأكثر بيعا على المكشوف من قبل صناديق التحوط بحدة لدرجة أنها تفوقت على رهاناتها الطويلة المفضلة وهو أمر نادر الحدوث.
وفي ظل قلق المؤسسات الاستثمارية على عملائها، خفضوا مراكزهم عبر فئة الأصل بأكملها، بينما المستثمرون الأفراد الأحرار من هذه القيود، واصلوا الشراء.
تعديل هيكل الاستثمارات
وقال بين دن، الذي يساعد المديرين في مراقبة المخاطر باعتباره رئيس شركة الاستشارات "ألفا ثيري أدفايزرز" (Alpha Theory Advisors): "عندما تختل نماذج المخاطر تدفعك لبيع استثماراتك الطويلة لتغطية مراكزك المكشوفة، ويتعين على صناديق التحوط التخلص من استثماراتها الطويلة لخفض تعرضها لفئة الأصل لضبط مستوى المخاطر".
وقالت ذراع خدمات التداول في "مورغان ستانلي" إن خفض صناديق التحوط لتعرضها للأسهم الأربعاء الماضي كان تاريخيا، وفقا للقاعدة العامة الخاصة بالتوزيع الطبيعي للبيانات الإحصائية.
وفي 11 انحراف معياري بعيدا عن المتوسط في البيانات التي تعود إلى 2010، كان هذا الخفض في الاستثمار هو الأسرع منذ بداية الوباء في مارس عندما حدثت أكبر تحركات في عشر سنوات.
القدرة على تحمل المخاطر
ويحاول مقياس القيمة المعرضة للخطر، الذي طوره "جى بي مورغان تشايس آند كو" في تسعينيات القرن الماضي، تصور أقصى خسائر يمكن لصندوق تكبدها في عدد كبير من الحالات مثل 50 مليون دولار كحد أقصى في يوم، ورغم أن المستثمرين الأفراد لديهم قدرة أكبر على تحمل الخسائر الكبيرة، فإن صناديق التحوط التي تخدم عملاء من المؤسسات مثل صناديق التقاعد تتقيد عادة بخطة لعب تحد من التحركات المتطرفة.
وكان التحدي الذي صادف الأموال الذكية الأسبوع الماضي هو انهيار نماذج التداول الموثوقة، ودعونا نفترض أن مستثمر في الأسهم قرر بيع "غيم ستوب" على المكشوف بينما اتخذ استثمار طويل في "بيلوتون انتراكتيف إنك" (Peloton Interactive Inc)، ففي أغلب الأيام عندما يتحرك الاثنان في نفس الاتجاه يعمل واحدا كأداة تحوط للآخر، ولكن إذا ارتفع الأول بينما انهار الآخر تكون تلك بمثابة حركة متزامنة سلبية ومكلفة.
مستوى المخاطرة
وقالت ميليسا براون، مدير الأبحاث التطبيقية في "كونتيجو"(Qontigo)، التي تقدم أدوات تحليل المخاطر: "إذا بعت سهم على المكشوف واتخذت مركزا طويلا في آخر، فإن الارتباط ينخفض، وهو ما يرفع فعليا مستوى مخاطرك".
ويوم الأربعاء، تحرك صندوق مؤشرات يتتبع الأسهم المفضلة لصناديق التحوط، وهو "VIP" التابع لغولدمان ساكس، في نطاق سبعة انحرافات معيارية عن المتوسط نسبة لسلة "غولدمان ساكس" من أسهم "راسل 3000" الأعلى بيعا على المكشوف، ووفقا لبيانات التداول الممتدة لـ250 يوم، فإن ذلك يقع خارج النموذج الإحصائي.
وبالطبع يقوم ذلك على التوزيع الطبيعي للبيانات والذي لا يستخدم خاصة في الأسواق الحديثة المعقدة، ولكنه يقدم تفسيرا مبسطا لكيفية تسبب المستثمرين الأفراد في تقلبات غير مسبوقة لمجموعة المؤسسات.
وهناك محركات متعددة ومتداخلة لخفض التعرض للأسهم، ولم يهدأ الغبار بعد مع استمرار كتيبة متداولي التجزئة في شراء الأسماء الأكثر بيعا على المكشوف، ووراء هؤلاء الذين أجبروا على خفض استثماراتهم نتيجة رفع التقلبات لمقياس القيمة المعرضة للخطر، عملاء يسحبون أموالهم وطلبات هامش، وهو ما قد يزيد عليهم الضغوط.
وعند النظر عن قرب، فإن نوبة جنون الأسبوع الماضي قد تكون علامة أخرى على اتجاه مقلق في الأسواق المالية وهو أن التحركات الأقل احتمالا إحصائيا أصبحت تحدث بوتيرة متكررة وهو أمر يعرف بمخاطر الذيل الأكبر (وهي المخاطر منخفضة الاحتمال ولكن شديدة التأثير).
وقال دن يوم الجمعة: "لقد رأيت بيعا في جميع القطاعات، ونشهد أشياء غير معقولة في السوق".