تقلبات الأسواق والتضخم يهبطان بصفقات الاندماج والاستحواذ 30% في 2022

الشركات أعلنت عن صفقات بقيمة 3.5 تريليون دولار خلال العام الجاري

time reading iconدقائق القراءة - 21
البخار يتصاعد مع عبور المشاة بالقرب من بورصة نيويورك في الولايات المتحدة - المصدر: بلومبرغ
البخار يتصاعد مع عبور المشاة بالقرب من بورصة نيويورك في الولايات المتحدة - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

أدى ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع تكاليف الاقتراض وعدم اليقين الجيوسياسي إلى إعاقة إبرام الصفقات في عام 2022، ما نجم عنه انخفاض نشاط الاندماج والاستحواذ العالمي بمقدار الثلث تقريباً، مقارنةً بالأرقام القياسية في العام الماضي.

أعلنت الشركات عن صفقات بقيمة 3.5 تريليون دولار في عام 2022، وفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ"، وأبرمت صفقات لتجميع الشركات القائمة، والدفع إلى قطاعات جديدة أو إعادة تنظيم العمليات في ظل خلفية متقلبة من تباطؤ أسواق الأسهم وإجراءات قوية لمكافحة الاحتكار. وجرى الاستبدال بالصفقات الضخمة التي أُعلِن عنها في وقت مبكر من العام مخاوف بشأن إكمال عمليات الاندماج والاستحواذ، إذ انخفض نشاط الصفقات الشهرية بمقدار النصف تقريباً من مايو إلى يونيو، ولم تتعافَ قيم تلك الصفقات بعد.

قالت ميليسا سوير، الرئيسة العالمية لمجموعة الاندماج والاستحواذ في شركة "سوليفان وكرومويل" (Sullivan & Cromwell): "إنها قصة امتدت إلى عامين، فعندما بدأنا عام 2022 كان الناس يبرمون الصفقات يميناً ويساراً، وكانت شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة لا تزال موجودة بقوة، ثم تغير مشهد عمليات الاندماج والاستحواذ بشكل كبير".

تلاشى الحماس في 2022

بدأ العام بشكل كبير عندما وافقت شركة "مايكروسوفت" (Microsoft) في يناير على شراء ناشر ألعاب الفيديو "أكتيفيجن بليزارد" (Activision Blizzard) مقابل 69 مليار دولار، في أكبر صفقة منذ عام 2019. وللحظة، بدا الأداء الناجح في عام 2021 -الذي شهد رقماً قياسياً قدره 5 تريليونات دولار من الصفقات المعلن عنها- أنه سيستمر.

ثم بدأ الحماس يتلاشى بسرعة، ففي فبراير غزت روسيا أوكرانيا، وفي الشهر التالي شرع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في رفع أسعار الفائدة بشكل هو الأكثر قوة منذ عقود، مما رفع سعر الفائدة لليلة واحدة إلى أعلى مستوى منذ عام 2007.

في هذا الصدد، قال داميان زوبيك، الرئيس المشارك لعمليات الاندماج والاستحواذ الأميركية في "فريشفيلدز بروكهاوس ديرينغر" (Freshfields Bruckhaus Deringer): "كان هناك كثير من الأشياء التي تحدث: التضخم، واستجابة البنك المركزي لذلك من خلال رفع أسعار الفائدة، والأشياء الجيوسياسية، وقضايا سلسلة التوريد، وتقلبات لا تصدق في سوق الأسهم، وبالمحصلة فإنك تحصل على أسواق اندماج واستحواذ مضطربة بالفعل".

عدم اليقين

جلب سعي إيلون ماسك لشراء "تويتر" أيضاً جرعة من عدم اليقين إلى مجتمع إبرام الصفقات، إذ قيّد الأمر المستشارين والبنوك لعدة أشهُر، مع تقلب الملياردير في خطط جعل شبكة التواصل الاجتماعي خاصة. وتركت عملية الاستحواذ البالغة 44 مليار دولار، التي أُبرمت في نهاية المطاف في أكتوبر، مجموعة يقودها "مورغان ستانلي" (Morgan Stanley) مثقلة بنحو 13 مليار دولار من تمويل الديون.

كما هي الحال دائماً، كان التقلب هو الخطر الحقيقي لعقد الصفقات والسوق الهشة للطروحات الأولية العامة. وقد ظل مؤشر تقلب بورصة خيارات مجلس شيكاغو، المعروف باسم "فيكس" (VIX)، في الغالب أعلى بكثير من متوسطه طويل الأجل هذا العام، وبلغ ذروته عند 36.45 في مارس.

عندما أُغلقت نافذة الطروحات الأولية العامة، أُزيل خيار خروج المستثمرين وطرق تمويل الشركات التي تحرق النقد، الذي بدا أنه أمر لا يمكن وقفه قبل عام، إذ جمعت الطروحات الأولية العامة الأميركية 24 مليار دولار فقط هذا العام، وهو المعدل الأبطأ منذ عام 2009، وفقاً لبيانات جمعتها "بلومبرغ". وقد يؤدي التراكم إلى مزيد من عمليات الاستحواذ على الشركات الناشئة في عام 2023.

التضخم يلقي بثقله

من جانبه قال إدوارد لي، الشريك في شركة المحاماة "كيركلاند أند إيليس" (Kirkland & Ellis): "يدرك كثير من فرق ومجالس الإدارة الآن أن عمليات إعادة الضبط المتعددة ليست مؤقتة، وعندما يتعامل المشتري مع علاوة ذات مغزى، يصبح من الصعب بشكل متزايد تجاهل ذلك. وسيكون لديك مزيد ومزيد من الأهداف التي تأخذ هذه العروض على محمل الجد".

اتبع إبرام الصفقات بين شركات الأسهم الخاصة مساراً مشابهاً لعمليات الاندماج والاستحواذ الخاصة بالشركات العامة. وقد بدأ العام بصفقة ضخمة تمثلت في شراء شركة "سيتريكس سيستمز" (Citrix Systems) بقيمة 16.5 مليار دولار من قِبل "فيستا إيكويتي بارتنرز" (Vista Equity Partners) و"إيليوت إنفستمنت مانجمنت" (Elliott Investment Management). بعد ذلك، انقبلت الأحوال على أرض الواقع، إذ بدأ التضخم يلقي بثقله على تكاليف تشغيل الشركات وهوامشها، وأدى التشديد النقدي في جميع أنحاء العالم إلى زيادة تكلفة عمليات الشراء، وعلقت البنوك بالديون المعلقة، وانخفضت أحجام الشراء في كل ربع من العام، وفقاً لمزود البيانات "بريجين" (Preqin).

وقال كريستوفر ميليندر، الشريك الإداري في "نورديك كابيتال" (Nordic Capital): "اعتقدت أن الأمر سيكون صعباً، لكنني لم أعتقد أنه سيكون بهذه الصعوبة، إذ تكمن المشكلة في السعر، ولكي تجري تسوية ذلك تحتاج إلى أسعار فائدة أقل، دعونا نسمِّ الأمور بأسمائها".

إبداع أكبر

في حين أدت تحديات أسواق التمويل إلى انهيار عديد من معاملات الأسهم الخاصة أو تأجيلها، فقد أجبرت الرعاة أيضاً على أن يكونوا أكثر إبداعاً، إذ اختار البعض استخدام مزيد من الأسهم لتمويل الصفقات، في حين تخلص البعض الآخر من عنصر الدين بالكامل.

حتى في غياب التمويل السهل، لا تزال شركات الاستحواذ تحتفظ بكميات قياسية من الاحتياطيات النقدية، ويمكن أن توفر الأسواق العامة المتدهورة الفرص بمجرد أن تشعر المجالس بالارتياح مع تقييماتها الجديدة. وفي غضون ذلك، تبيع الشركات الأصول.

قال ماركو دي بينيديتي، الرئيس المشارك لأوروبا في شركة "كارليل غروب" (Carlyle Group): "تحدث عمليات الاستبعاد عندما تعيد الشركات الكبرى تقييم ما هو غير أساسي".

قد يكون هناك مزيد من ذلك في قطاع المنتجات الاستهلاكية، حسب جيم لانغستون، الرئيس المشارك لعمليات الاندماج والاستحواذ الأميركية في شركة "كليري غوتليب ستين أند هاملتون" (Cleary Gottlieb Steen & Hamilton).

كثير من الفرص

قال لانغستون: "نعتقد أن هناك كثيراً من الفرص لاستخدام الفوائد العرضية لفصل الأصول ذات النمو المرتفع عن الأصول منخفضة النمو وتحقيق إعادة تصنيفات متعددة". يُعَدّ ذلك صحيحاً على نحو خاص "في بيئة يكون فيها إجراء تصفية للاستثمارات أصعب من المعتاد بسبب الضغوط التنظيمية، وتقلبات سوق الأسهم، واضطراب التمويل"، على حد قوله.

تتوقف قدرة عام 2023 على تجاوز العام الجاري على الوقت الذي تستقر فيه الأسواق بدرجة كافية حتى يصبح تمويل الديون متاحاً بشكل أكبر، ويعاد إطلاق الصفقات المؤجلة. سيقع كثير أيضاً في أيدي سلطات مكافحة الاحتكار، إذ تسعى لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية إلى منع استحواذ "مايكروسوفت" على "أكتيفيجن بليزارد"، ولن يُنظر في القضية حتى أغسطس.

أمل الانتعاش في 2023

مع ذلك، يأمل مستشارو الصفقات أن يبدأ النشاط في الانتعاش في عام 2023، خصوصاً بعد النصف الأول، وأن تكون صفقة "أمجين" (Amgen) بقيمة 27.8 مليار دولار لشراء "هورايزون ثيرابيتوكس" (Horizon Therapeutics)، التي أُعلن عنها الأسبوع الماضي، مقدمة لصفقات كبيرة آتية.

قال برايان هوفريكت، الرئيس المشارك للاندماج والاستحواذ للأميركيتين في "غولدمان ساكس غروب" (Goldman Sachs Group): "أمامنا الآن فصلان لاستيعاب ما حدث. ويبدو أننا نجد أرضية صلبة أكثر، إذ كانت أسواق التمويل تعمل بشكل أفضل قليلاً. وجميع مكونات عمليات الاندماج والاستحواذ لا يزال موجوداً".

تصنيفات

قصص قد تهمك