الشرق
دفع المستثمرون الجدد من الأفراد بورصة مصر لمستويات لم تعرفها منذ أكثر من 4 سنوات، لتشارف قيمتها السوقية على بلوغ تريليون جنيه، وهو رقم شهدته آخر مرّة في أبريل 2018.
برغم تنوّع أهدافهم، بين الحفاظ على قيمة ما لديهم من مدّخرات بالجنيه، أو التحوّط من تعويم جديد لسعر العملة المحلّية، أو الحصول على الدولار عبر شراء الأسهم في بورصة القاهرة وبيعها عن طريق شهادات الإيداع الدولية (GDR) في بورصة لندن؛ لكنَّ المحصلة كانت قفزة المؤشر الرئيسي للسوق المالية المصرية بنحو 43% في أقل من شهرين، وزيادة القيمة السوقية للأسهم بنحو 235 مليار جنيه.
بحسب بيانات من البورصة، حصلت عليها "الشرق"، بلغ عدد المستثمرين الأفراد الجدد أكثر من 150 ألفاً منذ بداية العام الحالي، مقابل دخول 53 ألف مستثمر جديد فقط في 2021، أي ما يناهز ثلاثة أضعاف. وخلال شهري أكتوبر ونوفمبر؛ دخل سوق المال المصرية 43 ألف مستثمر جديد.
أرجع محمد أبو باشا، كبير الاقتصاديين في المجموعة المالية "هيرميس"، الارتفاعات الكبيرة في أسعار ومؤشرات الأسهم المصرية خلال الشهور الأخيرة، إلى "تحسّب المستثمرين لتراجع قيمة الجنيه، بشكلٍ أساسي، خاصةً أنَّ السبل الأخرى للحفاظ على المدخرات كالذهب والعقارات والدولار أمست صعبة المنال".
تشهد بورصة مصر ارتفاعات قوية منذ إقرار البنك المركزي المصري اعتماد سعر صرف مرن للجنيه مقابل العملات الأجنبية في أكتوبر الماضي، استناداً لآلية العرض والطلب في السوق، وهو ما دفع الدولار للصعود بنحو 25.5% خلال أقل من شهرين إلى 24.6 جنيه، وليقفز بذلك بنحو 57% منذ مارس الماضي.
صعد المؤشر الرئيسي لبورصة مصر EGX30 بنحو 27% منذ بداية العام حتى نهاية جلسة تداول أمس الثلاثاء، وقفز بنحو 43% من نهاية أكتوبر تحديداً إلى 15150 نقطة.
السوق مرشحة لبلوغ مستويات قياسية
إبراهيم النمر، رئيس قسم التحليل الفني في "نعيم المالية"، يتوقَّع أن يواصل المؤشر الرئيسي صعوده على المدى القصير إلى 16500 نقطة، قبل أن يصل لمستواه التاريخي في أبريل 2018 عند 18400 نقطة على المدى المتوسط، لا بل قد يتجاوزه".
النمر لفت إلى أنَّ أسهماً كثيرة في بورصة القاهرة "حققت مستويات هي الأعلى لها على الإطلاق، مثل البنك التجاري الدولي و"أبو قير للأسمدة"، كما أنَّ البعض حقق أعلى مستويات منذ 2008، مثل "هيرميس"، في حين وصل سهم "حديد عز" لأعلى سعر منذ 3 سنوات.. في المجمل؛ فإنَّ سوق المال تشهد عملية إعادة تسعير في ضوء سعر الصرف الجديد للجنيه.
تعيش مصر إحدى أصعب الأزمات فيما يخص توفير العملة الأجنبية، منذ مارس الماضي حينما تخارج المستثمرون الأجانب من الأسواق الناشئة إثر الحرب الروسية -الأوكرانية، كما لم يفلح توصلها لاتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على تمويلات مباشرة بقيمة 3 مليارات دولار، ضمن تسهيلات ائتمانية تفوق 9 مليارات دولار، في جذب استثمارات أجنبية كبيرة لأسواق الأوراق المالية في البلاد حتى الآن.
يَعتبر آلن سانديب، رئيس البحوث في "نعيم المالية"، أنَّ بورصة مصر "استعادت مؤخراً بعضاً مما فقدته منذ أزمة كورونا، وبعدها الأزمة الجيوسياسية في أوروبا الشرقية، ورفع "الفيدرالي الأميركي لأسعار الفائدة". لكنَّه يترقّب صعوداً إضافياً بنحو 20% من المستويات الحالية بدعم من الآمال المعقودة على بدء صرف قرض صندوق النقد الدولي قريباً".
بدوره، يقول إيهاب رشاد، نائب رئيس مجلس إدارة شركة "مباشر كابيتال"، إنَّ "بورصة مصر الآن هي أسهل وسيلة للحفاظ على القيمة في ظل متغيرات الجنيه المصري، وما حدث بالسوق عبّر عن رد فعل طبيعي ومتوقَّع بفعل الهواجس المتعلقة بسعر العملة، بموازاة الإقبال على شهادات الإيداع الدولية لتوفير الدولار".