بلومبرغ
خففت الصين مجموعة من القيود المفروضة لاحتواء تفشي كوفيد، اليوم الأربعاء، بما في ذلك السماح لبعض المصابين بحجر أنفسهم منزلياً بدلاً من المراكز الصحية، وإلغاء ضرورة إجراء فحوصات كورونا لدخول معظم الأماكن العامة، وهو تغيير حاد في الاستراتيجية الوطنية لتهدئة السخط العام، وإنعاش الاقتصاد مرة أخرى.
تشمل الإجراءات الـ10 الجديدة تسريع حملات التطعيم بين كبار السن، ومنع المسؤولين المحليين من تصنيف مناطق واسعة مثل المجمعات السكنية بأكملها على أنها موبوءة وعالية الخطورة، ما يقود في نهاية المطاف إلى فرض قيود تشبه الإغلاق. كذلك لن تكون هناك حاجة إلى رمز صحي أخضر على تطبيقات الهواتف الذكية لتتبع جهات الاتصال للسفر الداخلي أو لدخول معظم الأماكن.
أعلنت الصين عن الخطوات الجديدة من قبل لجنة الصحة الوطنية، وتتبع 20 إجراء تم الإعلان عنها قبل شهر، تهدف إلى تحسين خطوات احتواء تفشي كورونا في البلاد. تعكس الوتيرة التي تُخفف من خلالها السياسية الأصلية الضغوط المتزايدة على الرئيس شي جين بينغ لرسم مسار للخروج من الأزمة.
سياسة "صفر كوفيد"
أقرت الحكومة تطبيق سياسة "صفر كوفيد"، التي تتضمن إجراء فحوصات إلزامية واسعة النطاق وعمليات إغلاق شاملة فُرضت في مختلف أنحاء البلاد للقضاء على أعداد الاصابات المرتفعة، طوال فترة الوباء، إلا أن هذه السياسة تركت الصين معزولة عن باقي الدول، وتسبب في ضعوبات ومعاناة لاقتصادها.
أثّر التزام الصين لمدة ثلاث سنوات بسياسة "صفر كوفيد" بشكلٍ ملحوظ على النشاط الاقتصادي في البلاد، ما أدى إلى تراجع ثقة المستهلك والشركات، وترك الأشخاص عالقين في دوامة تفشي المرض والإغلاق. كما أدت الحوادث المأساوية التي تسببت قيود كوفيد، بما في ذلك اندلاع حريق مميت في شينجيانغ، إلى إثارة غضب الشعب.
ساهمت توقعات تخفيف الصين قيود كورونا إلى تسجيل الأسهم الصينية المدرجة في بورصة هونغ كونغ أقوى ارتفاع شهري منذ ما يقرب من عقدين في نوفمبر. وارتفعت أسهم شركات الطيران الرئيسية الثلاث في البلاد "إير تشاينا" (Air China) و"تشاينا ايسترن إيرلاينز كورب" (China Eastern Airlines Corp). و"تشاينا ساوثرن إيرلاينز كو" (China Southern Airlines Co)، بأكثر من 10% في بورصة هونغ كونغ اليوم الأربعاء عقب الإعلان.
لكن الأسهم الصينية قلصت مكاسبها بسرعة بعد الارتفاع الأولي الذي حققته عقب الأخبار، حيث جنى المستثمرون الأرباح مع استمرار المخاوف بشأن موجة من الإصابات من المحتمل أن تعقب إجراءات إعادة فتح البلاد.
محا مؤشر شنغهاي شنزن (سي إس أي 300) مكاسب تصل إلى 0.8% لينخفض بنسبة 0.4% عند الساعة 2:24 مساءً في شنغهاي. كما عكس مقياس رئيسي للأسهم الصينية المدرجة في بورصة هونغ كونغ مساره لينخفض بنسبة 0.6%.
بداية التعايش مع الوباء
كان التحول إلى العزل المنزلي رائداً في بكين بعد امتلاء مرافق الحجر الصحي عندما ارتفعت الإصابات. يسجل التوسع السريع في تطبيق القاعدة الجديدة على الصعيد الوطني تغييراً ملحوظاً في نهج الصين المتبع لاحتواء الوباء، ويمكن أن يحول التصور العام للفيروس من تهديد صحي خطير إلى مرض أكثر شيوعاً، ما قد يمهد الطريق للبلاد للانضمام إلى بقية العالم في التعايش مع كورونا.
بإمكان المصابين الذين لا تظهر عليهم أعراض كورونا العزل في المنزل، بشرط أن تستوفي منازلهم شروطاً معينة لم تحددها السلطات بعد. ولا يزال بإمكان الأشخاص الذهاب إلى مرافق الحجر الصحي المركزية إذا كانوا يفضلون ذلك، كما يمكن للمخالطين المقربين عزل أنفسهم إما في المنزل أو في المرافق الحكومية، ويمكنهم إنهاء الحجر الصحي بعد خمسة أيام إذا جاءت نتيجة اختبار كورونا سلبية.
في هذا الإطار، تعهدت السلطات بتعزيز معدلات التطعيم بين كبار السن. بالنسبة لأولئك الذين تبلغ أعمارهم 80 عاماً أو أكثر، تقل معدل الجرعات المعززة عن 50% وحوالي 60% للجرعات الكاملة، ما يثير القلق من ارتفاع أعداد الوفيات وتعرُّض خدمات الرعاية الصحية لضغوط أكبر مع انتشار الفيروس عقب تخفيف القيود.
كما تدعو الإجراءات التي تم الإعلان عنها اليوم المؤسسات الطبية الشعبية إلى المساعدة في تلبية متطلبات الرعاية الصحية تفادياً لاكتظاظ المستشفيات.
احتجاجات واسعة
رسمت وسائل الإعلام الحكومية صورة مخيفة عن كوفيد، واعتبرت قبول الدول الغربية له فشل أخلاقي، لكن مع تعايش دول أخرى مع الوباء، بدأ عدد متزايد من الناس يتساءلون عن سبب تمسكهم بالنهج المتبع في الصين، ما زاد بدوره الضغط على السلطات المحلية في البلاد. وعمّت الاحتجاجات شوارع المدن في جميع أنحاء البلاد، حيث دعا بعض المحتجين "شي" إلى التنحي عن منصبه، وهي مشاهد نادرة بشكل لا يصدق للاحتجاجات العامة في أكثر دولة اكتظاظاً بالسكان.
يأتي تخفيف القيود مع انتشار الوباء بسرعة في الصين، حيث ارتفعت الحالات في جميع أنحاء البلاد إلى ما يقرب من 40 ألف حالة يومياً في نهاية نوفمبر قبل أن تتراجع. في حين أن القواعد المخففة ستدفع الأرقام إلى الارتفاع مرة أخرى مع اشتداد الطقس البارد، يبدو أن الحكومة تعتبر المفاضلة بين الأمرين أصبح ضرورياً، على الرغم من أهمية مراقبة كيفية تطبيق هذه التغييرات بالتساوي على الصعيد الوطني.
قوبلت الإجراءات الـ20 المُتخذَة التي صدرت الشهر الماضي، بما في ذلك خفض مدة الحجر الصحي ووقف إلزامية إجراء الفحوصات الجماعية، بطرح مشوش وفوضوي، حيث أدت العودة لفرض القيود الصارمة في بعض المدن إلى تأجيج السخط العام، ولوّح السكان بالمبادئ التوجيهية الجديدة لمنع سلطات الأحياء من إغلاقها.