بلومبرغ
هناك مخاطر خفية على النظام المالي العالمي مضمّنة في ديون بقيمة 65 تريليون دولار تملكها مؤسسات غير أميركية من خلال المشتقات المالية، وفقاً لبحث صادر عن "بنك التسويات الدولية".
البحث الذي جاء بعنوان "ضخمة ومفقودة ومتنامية"، أفاد بأن قلة المعلومات تجعل توقع الأزمة المالية المقبلة، صعباً على صنّاع السياسات.
وبشكل خاص، أعرب البنك عن قلقه من حقيقة عدم تسجيل الديون في الميزانيات العمومية، بسبب الأعراف المحاسبية المرتبطة بكيفية تتبع مراكز المشتقات.
النتائج التي اعتمدت على بيانات من مسح لأسواق العملات العالمية أُجري في وقت سابق من هذا العام، تقدم نظرة ثاقبة نادرة عن حجم الرافعة المالية الخفية.
شكّلت مقايضات العملات الأجنبية، نقطة ساخنة خلال الأزمة المالية العالمية عام 2008، وإبان فترة الوباء عام 2020، عندما أجبرت ضغوط التمويل بالدولار، البنوك المركزية، على التدخل لمساعدة المقترضين المتعثرين.
"نقطة عمياء"
من المؤكد أن الديون مدعومة بمبالغ معادلة من العملة الصعبة. ولفهم كيفية عمل النظام، فكّر في أن "بنك التقاعد الهولندي" يريد شراء أصول في الولايات المتحدة. كجزء من العملية، عليه اللجوء غالباً إلى مقايضات العملات الأجنبية، لاستبدال اليوروهات بالدولارات. وبعدها، عند انتهاء العملية، سيعيد البنك دفع الدولارات، ويحصل على اليوروهات.
طوال مدة الصفقة، يتم تسجيل التزام الدفع خارج الميزانية العمومية، وهو ما يسميه "بنك التسويات" بـ"نقطة عمياء" في النظام المالي العالمي. و"هذا الغموض هو ما يضع صنّاع السياسات في موقف غير مؤاتٍ"، وفقاً للباحثين في البنك كلاوديو بوريو، وروبرت ماكولي، وباتريك ماكغواير. ويقولون: "لا يتضح عدد المحللين الذين يدركون أن هناك التزامات ضخمة خارج الميزانية العمومية"، مشيرين إلى أنه "في أوقات الأزمات، فإن السياسات الموضوعة لاستعادة التدفق السلس للدولارات قصير الأجل إلى النظام المالي، على غرار خطوط مبادلة البنك المركزي، تكون في حالة من الضبابية" وعدم وضوح الرؤية.
ديون مخفية
وجدت البنوك المركزية طرقاً لإدارة الطلب على الدولار في أوقات الأزمات. لدى "الاحتياطي الفدرالي" أدوات مثل خطوط المبادلة، وتسهيلات تسويات إعادة الشراء (ريبو)، للمساعدة على تخفيف الضغط عن الأسواق.
بالنسبة إلى الباحثين في "بنك التسويات الدولية"، فإن الحجم الهائل للمقايضات هو ما يبعث على القلق. ويقدرون أن البنوك التي يقع مقرها خارج الولايات المتحدة، تحمل 39 تريليون دولار من هذه الديون، وهو ضعف التزاماتها في الميزانية العمومية، وعشرة أضعاف رأس مالها.
الأعراف المحاسبية تتطلب فقط تسجيل المشتقات على أساس صافٍ، لذلك لا يتم تسجيل حجم النقد الكامل في الميزانية العمومية.
وقال بوريو، وهو رئيس القسم النقدي والاقتصادي في المؤسسة المالية، إن "هناك حجماً ضخماً من الديون الدولارية المخفية جزئياً، خارج الميزانية العمومية، وتبقى مخاطر تسوية عقود العملات الأجنبية مرتفعة بشكل مستعص".
في تقرير منفصل صدر الإثنين، أشار "بنك التسويات الدولية" إلى مخاطر التسوية كمصدر آخر لعدم الاستقرار في سوق الصرف الأجنبي.
قدّر الباحثون أن نحو 2.2 تريليون دولار من حجم التداول اليومي للعملات الأجنبية كان عرضة لمخاطر التسوية. يشير ذلك إلى وجود احتمال لإخفاق أحد أطراف الصفقة في توريد العملة المستحقة.
ولفت التقرير إلى أن ترتيب الدفع مقابل الدفع، وهي آلية تنسق التحويلات، لضمان عدم وجود أي شخص لديه مطالبة بعد الوفاء بالتزاماته، تميل لأن تكون غير مناسبة أو باهظة الثمن لصفقات معينة.
في رده على البحث، قال جيروم كيمب، رئيس شركة "باتون سيستمز" لخدمات ما بعد التجارة: "يتضح أن هناك حاجة ملحة للمشاركين في سوق الجملة، للبحث عن طرق بديلة للقضاء على التعرض لمخاطر التسوية، عبر مجموعة واسعة من العملات خارج العملات الرئيسية التقليدية".