بلومبرغ
توقع بنك "غولدمان ساكس" أن تنهي الصين سياسة "صفر كوفيد" في وقت أبكر مما كان متوقعاً في السابق، مع تزايد فرص الخروج الفوضوي والبطيء، وسط ارتفاع الإصابات وانتشار احتجاجات السكان الواسعة في البلاد على القيود المفروضة.
يتوقع البنك احتمالاً بنسبة 30% لإعادة فتح الصين قبل الربع الثاني من عام 2023، معتبراً أن هناك بعض الفرص للخروج "غير المنضبط" من هذه السياسة.
وأشارت شركة "تينيو هولدنغز" (Teneo Holdings) إلى أن الاضطرابات الاجتماعية قد تدفع بالحكومة إلى التحرك بشكل أسرع لتعديل نهجها القائم على عدم التساهل مطلقاً مع مكافحة العدوى.
من جهتها، كتبت هوي شان، كبيرة الاقتصاديين الصينيين في "غولدمان"، في مذكرة بوقت متأخر من يوم الأحد: "قد تجد الحكومة المركزية نفسها أمام خيارين: إما فرض المزيد من عمليات الإغلاق أو تفشي الوباء بشكل متزايد". في هذا الإطار، تعمل الحكومات المحلية جاهدةً لـ"تحقيق التوازن بسرعة" بين السيطرة على تفشي الفيروس والامتثال للتدابير الأخيرة التي تفرض اتباع نهج أكثر استهدافاً.
يشهد الاقتصاد في الصين اضطراباً بسبب سياسة "صفر كوفيد"، وسط تشديد القيود الصارمة التي تحد من حركة الناس ونشاطهم التجاري، ما يُقوّض بدوره النمو الاقتصادي في البلاد.
على الرغم من أن الحكومة كشفت مؤخراً النقاب عن دليل قواعد مؤلف من 20 نقطة يهدف إلى تسهيل بعض من أكثر الضوابط صرامة في الصين، إلا أن العديد من المدن واصل عمليات الإغلاق لاحتواء تفشي الوباء مع ارتفاع الحالات إلى مستويات قياسية.
أثارت القيود احتجاجات واسعة في مدن كبرى من بينها شنغهاي وبكين خلال عطلة نهاية الأسبوع، ما شكّل ضغطاً على الرئيس الصيني شي جين وحكومته لتعديل النهج المعتمد لمكافحة كورونا.
قال غابرييل ويلداو، العضو المنتدب في شركة "تينيو" الاستشارية في نيويورك: "لا أتوقع أن يعترف شي علناً بالخطأ في الالتزام بهذه السياسة أو يظهر ضعفاً، لكن هذه الموجة من الاحتجاجات قد تدفع الحكومة أن تقرر سراً المضي قدماً بالخروج من السياسة بسرعة أكبر مما كان مخططاً له سابقاً".
ماذا يعني قبول "كوفيد" كمرض متوطن؟
اضطرابات السوق
سجلت الأسهم الصينية أسوأ أداء في آسيا، اليوم الإثنين، حيث قلص المستثمرون حيازاتهم، وسط قلق من أن تثير الاحتجاجات المزيد من حالات عدم اليقين بشأن إعادة فتح البلاد. وتراجع مؤشر شنغهاي شنزن "سي أس أي 300" القياسي (CSI 300) بنسبة تصل إلى 2.8% في التعاملات المبكرة، وهو أكبر انخفاض يسجله في أكثر من شهر، كما تراجع اليوان المتداول داخل البلاد بما يصل إلى 1.1% ليسجل 7.2435 مقابل الدولار، وهو أكبر انخفاض في قيمة العملة منذ مايو.
وحدّد كريستوفر بيددور، نائب مدير أبحاث الصين في شركة "غافيكال دراغونوميكس" (Gavekal Dragonomics)، سيناريوهين بديلين للخروج من السياسة الحالية، الأول وهو السيناريو المتفائل سينطوي على استمرار فرض العديد من قيود كوفيد "دون عمليات الإغلاق الممتدة". مُشيراً إلى أن الهدف وراء ذلك لن يكون خفض الإصابات ولكن تجنب إرباك المستشفيات وخفض أعداد الوفيات.
وفي إطار "سيناريو أكثر فوضوية"، قد تستمر دورة عمليات الإغلاق والاحتجاجات المحلية لأسابيع، حيث لا تزال بعض المدن تحاول احتواء الفيروس، بينما ينتشر خارج نطاق السيطرة في مدن أخرى. وأضاف: "في كلتا الحالتين، وصلت الصين إلى بداية نهاية سياسة صفر كوفيد".
القيادة الجديدة في الصين تدعم نهجاً أكثر استهدافاً لـ"صفر كوفيد"
[object Promise]ارتفاع الإصابات
من جهتها، قالت دان وانغ، كبيرة الاقتصاديين الصينيين في "هانغ سنغ بنك" (Hang Seng Bank)، إنه "من غير المرجح" أن تكون هناك إعادة فتح تدريجية للبلاد نظراً للارتفاع السريع في الحالات. وحذّرت خلال مقابلة مع تلفزيون "بلومبرغ"، اليوم الإثنين، من أن التسرع أو التهور في إعادة فتح البلاد سيكون أسوأ بالنسبة لنمو الصين. مضيفة أنه في حال سهلت الحكومة إجراءات سياسة صفر كوفيد بسرعة كبيرة، فإن هناك خطر حدوث قفزة في الوفيات، كما حدث في بكين مؤخراً. وتابعت: "يمكن أن يؤدي ذلك إلى موقف محرج للغاية بالنسبة للكثير من الحكومات المحلية عندما يتعلق الأمر بالأولويات في إعادة فتح صناعتها".
انتعاش اقتصاد الصين أمام اختبار صعب مع استمرار تفشي "كورونا"
في هذا السياق، أشارت "هوي" من "غولدمان" إلى أن تدهور وضع الفيروس يفرض مخاطر سلبية على توقعات نمو البنك للربع الرابع، كما تتوقع المجموعة أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3% هذا العام، وهو أقل قليلاً من إجماع التوقعات البالغة 3.3% في استطلاع أجرته "بلومبرغ" سابقاً للاقتصاديين.
في حين أن هناك فرصة لإعادة فتح مبكرة للبلاد، لا تزال مجموعة "غولدمان" ترى أن الخروج من سياسة "صفر كوفيد" في الربع الثاني هو الأكثر توقعاً، بنسبة نحو 60%، وفقاً لما كتبته "هوي".
كما حاول المسؤولون الصينيون وقف الضرر الاقتصادي من خلال طرح سياسات أكثر دعماً، حيث أشارت البيانات المبكرة لشهر نوفمبر إلى تباطؤ النشاط مقارنةً بالشهر السابق. إلى جانب الاضطرابات المرتبطة بتفشي الوباء، لا تزال الاضطرابات المستمرة التي تشهدها سوق العقارات تشكل خطراً كبيراً على توقعات الصين.
وأعلن بنك الشعب الصيني يوم الجمعة خفض حجم النقد الذي يجب على المقرضين الاحتفاظ به احتياطياً للمرة الثانية هذا العام، ليدخل حيز التنفيذ يوم الإثنين المقبل. وأشار البنك المركزي إلى أن هذه الخطوة تهدف إلى "ضمان توافر السيولة بشكلٍ معقول" و"زيادة الدعم للاقتصاد الحقيقي".