بلومبرغ
يلتزم المضاربون المحترفون بموقفهم الحذر الذي تمسكوا به منذ فترة طويلة، حتى بعد أن أجبرهم ارتفاع الأسهم خلال الآونة الأخيرة على التراجع عن إبرام صفقات البيع على المكشوف، في واحدة من أسرع الخطوات خلال سنوات.
تجنبت صناديق التحوط التي تراهن على صعود وهبوط السوق على حد سواء، بشكل كبير، إبرام صفقات شراء جديدة، على الرغم من الارتفاع الشهري الثاني على التوالي في مؤشر "إس آند بي"، كما تظهر البيانات من جانب كبار الوسطاء الرئيسيين في "وول ستريت".
قام عملاء الصندوق الذين يتبعهم "جيه بي مورغان" بتخفيض الرهانات سواء في المراكز الطويلة والبيع على المكشوف، مما عكس جميع المخاطر التي تعرضوا لها بين أواخر أغسطس ونهاية سبتمبر.
يرى "غولدمان ساكس"، أن صناديق التحوط شهدت انخفاض تدفق التداول المجمع للأسبوع الخامس على التوالي. تُعدّ تلك علامة على الرغبة الفاترة في المخاطرة التي تشير إلى أن مديري الاستثمار الأذكياء يعتقدون أن الارتداد الأخير للأسهم ليس سوى خدعة للسوق الهابطة.
قد يمهد الميل للاحتفاظ بالمراكز الدفاعية، في نهاية المطاف، الطريق للارتفاع حتى نهاية العام، كما حدث في ارتداد السوق في وقت سابق من عام 2022. في الوقت نفسه، يعكس التمركز الدفاعي المخاوف السائدة من أن السوق الهابطة لمدة 11 شهراً لم تبلغ نهايتها بعد.
في أعقاب التحذيرات الصادرة عن الخبراء الاستراتيجيين لدى "غولدمان ساكس" و"ومورغان ستانلي"، أظهرت استطلاعات رأي منفصلة من جانب "22 في ريسيرش" (22V Research) و"رينيسنانس ماكرو ريسيرش" (Renaissance Macro Research) أن غالبية عملائهم يرون أن ارتفاع السوق قصير الأجل على الأرجح.
مع تأهب عمليات التداول للتباطؤ في موسم العطلات، قد يؤدي ارتكاب خطأ استثماري واحد إلى تقويض أداء مديري الاستثمار خلال عام 2022، وهي مخاطرة مهنية يحاول الكثير تجنبها.
كتب فريق "جيه بي مورغان" بينهم جون شليغل في مذكرة بحثية الأسبوع الماضي: "نحن نقترب من نهاية العام وغالباً ما يكون هناك بعض عمليات إغلاق المراكز التي تحدث عندما تجف السيولة.. بالتالي، قد لا ترغب صناديق التحوط في إضافة الكثير من المخاطر في هذه البيئة".
تراجعت الأسهم، أمس الإثنين، للجلسة الثالثة في أربع جلسات، مع تراجع "إس آند بي 500" بنسبة 0.4 % إلى 3950، وسط مخاوف من أن تشدد الصين القيود لمواجهة كوفيد بعد الإعلان عن تسجيل سلسلة من الوفيات.
بشكل عام، لا يزال انكشاف صناديق التحوط على الأسهم ضعيفاً. وبحلول يوم الخميس الماضي، استقر صافي الرافعة المالية، وهو مقياس لرغبة أسواق المال في المخاطرة، عند النسبة المئوية الثانية من النطاق منذ عام 2017، وفقاً لـبيانات "جيه بي مورغان".
ظهرت صورة مماثلة بين عملاء "مورغان ستانلي"، حيث بلغ صافي الرافعة المالية 22% من نطاق عام واحد.
تتحوط الصناديق بشكل مستمر منذ بداية 2022، وهو الموقف الذي ساعد مديري الاستثمار على تحقيق أداء أفضل نسبياً خلال انهيار السوق الناجم عن رفع معدل الفائدة. في الوقت الحالي، يبدو أن الشكوك منتشرة على نطاق واسع.
في الاستطلاع الذي أجرته "رينيسانس ماكرو ريسيرش" أمس الإثنين أثناء التواصل مع عملائهم، قال 88% من المشاركين في المسح إن الأسهم في حالة ارتداد عن السوق الهابطة.
أظهر استطلاع منفصل أجرته شركة "22 في"، الأسبوع الماضي، أن 5% فقط من المستثمرين اعتبروا أن التراجع الحاد للأسواق خلال العام قد انتهى. ومن غير الصعب معرفة سبب بقاء وجهة نظر الإجماع قاتمة.
في حين أن قراءات التضخم الضعيفة خلال الآونة الأخيرة منحت المستثمرين آمالاً في أن الاحتياطي الفيدرالي قد يخفف من وتيرة رفع أسعار الفائدة، فإن الأحداث المرتقبة في ديسمبر -اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي وصدور بيانات أسعار المستهلك وسوق العمل- لديها القدرة على إفشال التفاؤل.
في حين عانت الأسهم من تصحيحات تقييمية ضخمة، فإنها ليست مساومات قوية، خاصة إذا استمرت تقديرات الأرباح لعام 2023 في الانخفاض. وعند أدنى مستوى للسوق في أكتوبر، جرى تداول الأسهم المدرجة في مؤشر "إس آند بي 500" بمضاعف ربحية 17.3 مرة. يُعدّ هذا هو أعلى مضاعف ربحية من بين جميع قيعان السوق الهابطة على مدار 11 مرة منذ خمسينيات القرن الماضي، وفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ".
بعد الارتفاع بنحو 10% منذ منتصف أكتوبر، توسعت نسبة السعر إلى الأرباح بالمؤشر بنحو 19 مرة.
لم يعكس مضاعف الربحية انخفاضاً محتملاً في الأرباح العام المقبل، وفقاً لـفينو كريشنا، رئيس استراتيجية الأسهم الأميركية في بنك باركليز. ويتوقع فريقه أن يختتم مؤشر "إس آند بي 500" عام 2023 عند 3675، بانخفاض 7% عن آخر إغلاق.
كتب "كريشنا" في مذكرة بحثية أمس الإثنين: "المضاعفات الحالية تحدث في ظل اعتدال حاد بالتضخم وفي النهاية هبوط سلس، والذي ما زلنا نعتقد أنه احتمال منخفض". وأضاف: "على الرغم من أننا قد تجاوزنا ذروة التضخم، إلا أن هذا لا يعني أننا تجاوزنا أدنى مستوى في سوق الأسهم".