"الفيدرالي" العدو الأول لمتداولي وول ستريت المهتمين بالسندات

تشدد البنك المركزي الأميركي في محاربة التضخم يهوي بالسندات ويرفع الدولار

time reading iconدقائق القراءة - 18
مبنى الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن العاصمة، الولايات المتحدة، يوم الأربعاء، 6 يوليو 2022. - المصدر: بلومبرغ
مبنى الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن العاصمة، الولايات المتحدة، يوم الأربعاء، 6 يوليو 2022. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

سيتعيّن على مديري الأموال في "وول ستريت" الذين يتطلعون إلى العودة إلى سندات الخزانة بعد أشهر من الخسائر، أن يتعاملوا مع الاحتياطي الفيدرالي الذي يقف متأهباً لرفع أسعار الفائدة في كل خطوة على الطريق.

أوضح جيروم باول، المتشدد دائماً، ذلك تماماً وبشكل جلي يوم الأربعاء - مع تحذير جديد من أن أسعار الفائدة قد تصل إلى ذروتها عند مستوى أعلى من المتوقع، بفعل التضخم الهائل.

بعد الانتعاش لفترة وجيزة على أمل أن يتحول أقوى بنك مركزي في العالم قريباً إلى وتيرة أبطأ في تشديد السياسة النقدية، استأنفت عائدات السندات وضع البيع المألوف عبر المنحنى، وزاد المتداولون توقعات سعر الفائدة النهائي مرة أخرى.

علاوةً على ذلك، انخفضت العقود الآجلة لسندات الخزانة يوم الخميس، فيما ارتفع العائد على السندات لأجل عامين 11 نقطة أساس إلى 4.73%، مسجلاً أعلى مستوى له في دورة الارتفاعات الأخيرة. أما في أوروبا، فقد قفز العائد على السندات الألمانية لأجل 10 سنوات بمقدار 14 نقطة أساس إلى 2.28%. وارتفع مقياس قوة الدولار إلى أعلى مستوى له في أسبوعين مع دخول المتداولين في صفقات بيع على اليورو والجنيه الإسترليني.

في الوقت الذي تشير فيه الاحتمالات إلى أن مستثمري وزارة الخزانة سيجدون الحياة أسهل في عام 2023 بعد سنوات متتالية من الخسائر، إلا أن الدرب إلى هناك قد لا يكون سلساً. فقد وضع باول الممولين في حالة تأهب، بعد أن أكد أن هناك "بعض الطرق" التي يجب اتباعها قبل أن تصبح السياسة النقدية ضيقة بما فيه الكفاية - حتى بعد رفع سعر الفائدة بمقدار كبير هذا الأسبوع.

يُشير هذا الأمر، من بين جملة أمور أخرى، إلى أن المستثمرين قد يصابون بخيبة أمل إذا كانوا يتوقعون أن تتفوق قسائم السندات الأعلى على أي خسائر في الأسعار في العام المقبل.

تعليقاً على الموضوع، قالت ديان سونك، كبيرة الاقتصاديين في "كيه بي إم جي" (KPMG)، في مقابلة على تلفزيون بلومبرغ: "ما زالوا عازمين على رفع أسعار الفائدة بقدر ما يحتاجون إلى التعامل مع التضخم. وسيستمرون في هذا الاتجاه حتى يروا تباطؤاً كبيراً" في التضخم، "وسيُبقون أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول".

ذروة عند 5.1%

انخفض مؤشر بلومبرغ للخزانة الأميركية بالفعل بأكثر من 16% منذ نهاية عام 2020 – ومن المتوقع أن يتكبد خسائر سنوية متتالية للمرة الأولى منذ عقود. ويرى المتداولون في أسواق المال الآن أن سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية سيبلغ ذروته عند حوالي 5.1% في مايو، وليس أقل من ذلك بكثير بحلول نهاية عام 2023. ومع ذلك، فإن التوقعات المستقبلية بعيدة كل البعد عن الوضوح، حيث شدّد باول يوم الأربعاء على أن مخاطر عكس بنك الاحتياطي الفيدرالي لمساره في وقت مبكر جداً، قد تكون أكبر من مبالغته في التشديد على حساب النمو الاقتصادي.

أحد الجوانب الإيجابية لحاملي السندات الآن، هو أن الوتيرة السريعة للتشديد هذا العام عززت مدفوعات الدخل المنتظمة التي يتلقونها، ما ساعد على صد الضربة من الخسائر الناجمة عن الأسعار. كما إن القسائم نصف السنوية الثابتة على سندات الخزانة الآن، مرتفعة بحدود 4% في بعض آجال الاستحقاق. وتقول "بلومبرغ إنتليجنس" إن العوائد يجب أن ترتفع أكثر بكثير مما كانت عليه في وقت سابق من هذا العام، قبل أن تؤدي إلى خسارة إجمالية للعائد. وفي الوقت ذاته، يشير تحليل "بنك أوف أميركا" لـ250 عاماً من بيانات سوق السندات، إلى أن العوائد ستكون إيجابية في عام 2023، إذا كان التاريخ هو الدليل.

خسائر فادحة

من جانبه قال بيتر سليب، كبير مديري الأموال في "سيفن إنفستمنت مانجمنت" (Seven Investment Management): "سيكون العام المقبل أفضل قليلاً، لكننا لم نساعد له بعد، وقد كانت الخسائر في بعض مؤشرات السندات فادحة. لكن هل سنستعيد كل ذلك؟ لا. هل يمكن للأمور أن تستقر قليلاً؟ نعم. ولكن في حال غيّر الاحتياطي الفيدرالي مساره في وقت مبكر جداً، فقد نكون في دورة جديدة كاملة من التشديد، وذلك إذا ثبت أن التضخم سيبقى مرتفعاً للغاية، وهذا هو الخطر الأكبر".

ارتفع عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بنحو 6 نقاط أساس إلى حوالي 4.1% يوم الأربعاء. وارتفع المعدل القياسي هذا العام بنحو 2.6 نقطة مئوية، بعد ارتفاعه بنحو 0.60 نقطة مئوية في عام 2021. ومن المتوقع أن ينخفض ​​إلى 3.44% بحلول نهاية عام 2023، وفقاً لمتوسط توقعات ​​46 استراتيجياً وخبيراً اقتصادياً شملهم استطلاع بلومبرغ.

ما يمكن أن يغذي انزلاقاً أكبر في العوائد طويلة الأجل، هو استسلام الولايات المتحدة لركود كامل، وذلك حسب ما يشير إليه عدد كبير من مؤشرات سوق السندات. تنعكس الآن معظم شرائح المنحنى - ما يعني أن معدلات الأجل القصير أعلى من الأجل الطويل. وفي الوقت ذاته، اقترب التصنيع الأميركي من الركود في أكتوبر، حيث تقلصت الطلبات للمرة الرابعة في خمسة أشهر، في حين انخفض مؤشر الأسعار المدفوعة إلى أدنى مستوى في أكثر من عامين.

ركود أعمق

قال مارك ليندبلوم، مدير محفظة في "ويسترن أسيت مانجمنت" (Western Asset Management): "الحالة الأساسية هي ركود معتدل في عام 2023، لكن هناك أيضاً احتمال حدوث ركود أعمق، نظراً لخطر قيام الاحتياطي الفيدرالي بالإفراط في التشديد".

في ظل هذه السيناريوهات، قال ليندبلوم إن "ويسترن" تسعى إلى تحقيق توازن بين امتلاك سندات الشركات عالية الجودة التي يمكن أن تحقق عوائد لا تقل عن 6.5% العام المقبل، إلى جانب سندات الخزانة طويلة الأجل التي تعمل كضمان ضد النمو الضعيف.

قال ليندبلوم: "مع تباطؤ النمو وانحسار التضخم، سيكون أداء السندات أفضل من حيث الشروط المعدلة حسب المخاطر، مقارنة مع فئات الأصول الأخرى".

تصنيفات

قصص قد تهمك