بلومبرغ
تسارع التضخم السنوي في تركيا للشهر السابع عشر على التوالي في أكتوبر، مدفوعاً بارتفاع أسعار المواد الغذائية وتكاليف الطاقة، إلى ما يُرجح أن يصبح ذروة التضخم خلال عقدين من حكم الرئيس رجب طيب أردوغان.
أظهرت بيانات رسمية صدرت يوم الخميس أنَّ أسعار المستهلكين ارتفعت بنسبة 85.5% على أساس سنوي خلال الشهر الماضي، وهي أقل قليلاً من أوسط التوقُّعات في استطلاع أجرته "بلومبرغ". وبلغ معدل التضخم الشهري 3.54%، وهو أيضاً أقل بقليل من التقديرات الواردة في استطلاع منفصل.
بلغ معدل التضخم السنوي للأغذية والمشروبات غير الكحولية - التي تشكّل نحو ربع سلة الاستهلاك - 99.1% الشهر الماضي، ارتفاعاً من 93.1% في سبتمبر. بينما ارتفعت أسعار النقل 117.2% على أساس سنوي، وهي أسرع زيادة سنوية بين مكونات التضخم الرئيسية.
ما لا يعترف به
وجّه صانعو السياسة اللوم فيما يخص التضخم إلى ارتفاع تكاليف السلع، الناجم جزئياً عن غزو روسيا لأوكرانيا، فضلاً عن عوامل خارجية أخرى. لكنْ ما لا يعترف به بشكل كافٍ هو تأثير سياسات أردوغان الاقتصادية غير التقليدية التي ترفض رفع أسعار الفائدة للحد من التضخم.
وصل ما يسمى بالتضخم الأساسي - الذي يستثني العناصر المتقلّبة مثل الغذاء والطاقة - إلى 70.5% ارتفاعاً من 68.1% في سبتمبر.
قال أنفر إركان، كبير الاقتصاديين لدى "تيرا إنفستمنتس" (Tera Investments) في إسطنبول قبيل صدور البيانات، إنَّ التضخم سيبدأ في التباطؤ بعد أكتوبر، بفضل تأثير فترة الأساس، في إشارة إلى ارتفاع الأسعار قرب نهاية العام الماضي. أضاف أنَّه باستثناء تأثير فترة الأساس؛ من الصعب تخيّل العثور على إشارة لانخفاض الأسعار، فضلاً عن أنَّ التضخم ما يزال عند مستوى مرتفع، كما أنَّ زيادات الأسعار واسعة النطاق.
ارتفعت أسعار التسليم من المصانع بمقدار 157.7% الشهر الماضي على أساس سنوي، مدفوعة بصعود أسعار الطاقة والكهرباء والغاز.
نهج غير اعتيادي
يزعم أردوغان - خلافاً للنظريات الاقتصادية النموذجية - أنَّ تكاليف الاقتراض المرتفعة ستؤدي إلى ارتفاع التضخم، واستحدث في أواخر العام الماضي ما يسمى بالنموذج الاقتصادي الجديد الذي يعطي الأولوية للنمو من خلال زيادة الصادرات والاستثمارات وخلق فرص عمل جديدة.
تحت ضغط من الرئيس للوصول إلى سعر فائدة مؤلف من رقم ذي خانة واحدة بحلول نهاية العام الجاري؛ أجرى البنك المركزي تخفيضات متتالية لأسعار الفائدة، وخفّض آخر مرة السعر الرسمي إلى 10.5% في أكتوبر. لكنَّ هذا الفكر الاقتصادي لم يظهر أي نتائج بعد.
يتجاوز التضخم الرسمي حالياً هدف البنك المركزي بـ17 مرة. في غضون ذلك شهدت إسطنبول، المدينة الأكثر اكتظاظاً بالسكان والأكثر ثراءً في تركيا، ارتفاع معدل تضخم أسعار التجزئة السنوي إلى 109% الشهر الماضي.
كما أثرت دورة التيسير سلباً على الليرة التي تراجعت بأكثر من 28% مقابل الدولار العام الجاري، مع ذلك؛ رجح المركزي التركي أن يتبنّى خفضاً آخر في اجتماعه المقبل لتحديد سعر الفائدة الشهر الجاري.
في تقريره الأحدث عن التضخم الفصلي والصادر الأسبوع الماضي، رفع البنك المركزي توقُّعاته للتضخم بنهاية العام إلى 65.2% من 60.4% في يوليو، وقال محافظ البنك المركزي، شهاب قاوجي أوغلو، إنَّهم "لم ينجحوا" في معالجة التضخم. ومع ذلك؛ ذكر أنَّ السياسات الحالية والقرارات الأخرى ستساعد في السيطرة على الأسعار.
وعود رئاسية
بدلاً من معدلات الفائدة المرتفعة، اعتمد البنك المركزي على سلسلة من الإجراءات التي تستهدف القطاع المصرفي لإدارة نمو القروض على مستوى الاقتصاد الجزئي، وتحفيز استخدام أوسع لليرة، في إطار استراتيجية يطلق عليها اسم "اقتناء الليرة". قال قاوجي أوغلو الأسبوع الماضي إنَّ مثل هذه الإجراءات الاحترازية الكلية ستساعد في تطبيع سلوك التسعير.
حذّرت السلطة النقدية البنوك التجارية عدة مرات من تمييع اللوائح التي تصدرها، وقالت إنَّ المزيد من القوانين قد تظهر قريباً.
حاول أردوغان - الساعي للفوز بفترة رئاسية أخرى في الانتخابات المقرر إجراؤها في يونيو المقبل - طمأنة الناخبين بأنَّ التضخم سيبدأ في الانخفاض في الربع الأول من العام المقبل. كما وعد بمعالجة الحكومة عبء ارتفاع تكاليف المعيشة من خلال زيادات كبيرة في الحد الأدنى للأجور، وتوفير إسكان ميسور التكلفة، وقروض رخيصة.
كما قال أردوغان في مقابلة تلفزيونية مساء الأربعاء: "إنَّهم يثيرون موضوع التضخم باستمرار، وسنتحدث عنه بعد رأس السنة الجديدة"، مكرراً أنَّ سعر الفائدة والتضخم سينخفضان.