ارتفاع أسعار القمح مع تعليق روسيا مشاركتها باتفاق الممر الآمن للحبوب

صعدت أسعار القمح عقب تعليق روسيا لاتفاق يضمن مروراً آمناً للصادرات الأوكرانية، مع تحذير موسكو من أن الشحنات تصبح "أكثر عرضة للخطر" دون مشاركتها.

بينما ما زالت سفن الحبوب تبحر من مواني أوكرانيا على البحر الأسود، فليس من الواضح إلى متى سيدوم ذلك في أعقاب تعليق روسيا الاتفاق خلال عطلة نهاية الأسبوع المنصرم. تتوقف عمليات تسليم شحنات المحاصيل الأوكرانية إلى المواني في ظل حالة عدم اليقين.

روسيا تعلق مشاركتها في اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية

تصاعد التوتر

قصفت روسيا قاطرتين بحريتين مدنيتين مشاركتين في عملية نقل بارجة محملة بالحبوب بالقرب من أوتشاكيف الواقعة شرق ممرّ متفق عليه من الأمم المتحدة كان يُستخدم للتصدير، حسبما ورد في منشور من قيادة الجيش الأوكراني الجنوبية على موقع "فيسبوك".

تُعَدّ أوكرانيا من أكبر مورّدي القمح والذرة والزيوت النباتية على مستوى العالم، وكان اتفاق يوليو لفتح 3 موانٍ على البحر الأسود مسألة حيوية للمساعدة في تخفيف أزمة نقص الغذاء العالمية.

أثار إعلان روسيا أنها ستعلق لأجل غير مسمى مشاركتها في اتفاق الممر الآمن، الذي توسط فيه تركيا والأمم المتحدة، إدانة على نطاق واسع من أوكرانيا وحلفائها، إذ حذّر الرئيس الأميركي جو بايدن من أنها ستفاقم الجوع.

الأسعار تقفز

استقر سعر القمح في شيكاغو مرتفعاً 6.4% إلى 8.8225 دولار للبوشل، عقب صعوده في وقت سابق بنسبة 7.7%. زاد سعر الذرة 1.6% فيما ارتفع سعر زيت فول الصويا 2%.

يأتي عدم اليقين مؤخراً إذ يقدّر مجلس الحبوب الدولي أن مخزونات الحبوب العالمية بلغت أدنى مستوياتها منذ 8 أعوام خلال الموسم الحالي. يواجه المعروض ضغوطاً متصاعدة، وكان آخرها موجة الجفاف في الأرجنتين والأمطار الغزيرة في أستراليا التي أضرّت بمحاصيل القمح التي شارفت على الحصاد هناك.

إخراج الحبوب من أوكرانيا.. إبحار في مياه تملؤها الألغام

تناضل الأمم المتحدة وتركيا لإنقاذ الاتفاق، ويرجح محللون تزايد تكاليف الشحن والتأمين حتى في حال استمرار الصادرات المنقولة بحراً. نضبت الصفقات الجديدة فعلياً بالنسبة إلى الصادرات الأوكرانية قبل حلول الموعد النهائي في 19 نوفمبر الجاري لتجديد سريان الاتفاق.

جهود دبلوماسية

أعلنت الأمم المتحدة في وقت متأخر يوم الأحد أنها تناقشت مع كل أطراف الاتفاق، واتفقت مع تركيا وأوكرانيا على مواصلة خروج السفن المحملة بالمواد الغذائية من أوكرانيا. قالت الأمم المتحدة إنه جرى إبلاغ المندوبين الروس بذلك.

لهذه الأسباب.. بوتين يعرقل صفقة تصدير الحبوب الأوكرانية

قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، يوم الاثنين، إنّ شحنات الحبوب من مواني أوكرانيا المطلة على البحر الأسود باتت "أكثر عرضة للخطر" في أعقاب تعليق روسيا مشاركتها، لكنه رفض التعليق على الشروط التي تضعها موسكو للانضمام مجدداً إلى الاتفاق. أوضح أن المشاورات الدبلوماسية مستمرة مع تركيا والأمم المتحدة.

في وقت سابق، أكدت أوكرانيا أن روسيا شنّت موجة هائلة من الهجمات الصاروخية التي استهدفت كل أنحاء البلاد، عقب اتهام الكرملين لكييف بشن غارات جوية على أسطوله في البحر الأسود.

حركة السفن

أشارت اسميني بالا، متحدثة الأمم المتحدة باسم مبادرة حبوب البحر الأسود، في اتصال هاتفي إلى أن السفن تبحر من أوكرانيا باعتبار أن روسيا علّقت مشاركتها في الاتفاق بصفة مؤقتة فقط، لكنها لا تزال موقعة عليه. ووفقاً لشروط المبادرة، وافق كل الأطراف على عدم شن هجمات ضد السفن التجارية والمدنية.

إنفوغراف: كيف تأثر إنتاج روسيا وأوكرانيا من الحبوب بالحرب؟

قالت كاترينا ريباتشينكو، نائبة رئيس نادي الشركات الزراعية في أوكرانيا، إنّ الشحنات المتدفقة من الداخل توقفت بصورة كبيرة بداية من صباح يوم الاثنين. يشتمل ذلك على قطار جرى تحميله الأحد بـ3500 طن من الذرة من قِبل شركة "أغو-ريجون" (Ago-Region)، وهي شركة زراعية تحظى هي فيها بعضوية مجلس الإدارة.

ذكرت الأمم المتحدة في وقت متأخر يوم الأحد أنه من المنتظر أن تتحرك 12 سفينة صادرة و4 أخرى واردة عبر الممر الأوكراني يوم الاثنين. نوه وزير الدفاع التركي بأنه سيناقش الاتفاق مع نظيره الروسي مساء يوم الاثنين.

ارتفاع الرسوم

أوضح مايكل ماغدوفيتز، كبير محللي السلع الأساسية في مجموعة "رابو بنك" (Rabobank) المصرفية، أن رسوم السفن والتأمين سترتفع على الأرجح بالنسبة إلى أوكرانيا. أشار مات أميرمان، مدير مخاطر السلع الأساسية في شركة "ستونكس"، إلى أن الصفقات الجديدة من البلاد بدأت فعلاً في النضوب، إذ لا يرغب التجار في المخاطرة بالتخلف عن الموعد النهائي لسريان الاتفاق.

بينما شحنت أوكرانيا ما يفوق 9 ملايين طن من البضائع منذ افتتاح الممر -بما يتضمن ما يزيد على 4 ملايين طن خلال الشهر الحالي فقط- ما زالت بضائع كثيرة متبقية. كانت الصوامع تفيض فعلاً بمحاصيل السنة الماضية عندما استؤنفت الصادرات المنقولة عبر البحر، ويحصد المزارعون حالياً محصولاً جديداً، فيما يزرعون حبوب القمح والشعير التي ستُحصد السنة المقبلة.

قال أندريه كوبشينكو، رئيس وحدة التحليلات في شركة "إيه بي كيه-إنفورم" (APK-Inform)، في رسالة: "يُعَدّ ممر الحبوب بمثابة قناة فعالة لتصدير المنتجات الزراعية الأوكرانية، وإغلاقه يعتبر مسألة بالغة الحساسية بالنسبة إلى السوق المحلية أو العالمية على حد سواء".