بلومبرغ
من المقرر أن يواجه المتداولون العائدون من عطلة الأسبوع الذهبي في الصين مجموعة من الإشارات المتضاربة، ما يقلل من فرص السوق في اللحاق بركب التقدم المحدود الذي سجّلته الأسهم العالمية.
بعد أن افتتح الأسبوع الماضي على أفضل ارتفاع له في يومين منذ أبريل 2020، أنهى مؤشر الأسهم العالمية الفترة بمكاسب بلغت 1.7% فقط، إذ أدت أرقام الوظائف القوية يوم الجمعة إلى تراجع الأسهم مرة أخرى على خلفية تجدّد الرهانات على رفع أسعار الفائدة بشكل عنيف من جانب "الاحتياطي الفيدرالي".
وفي حين أنَّ مؤشر "هانغ سينغ تشاينا إنتربرايزس" (Hang Seng China Enterprises) للأسهم الصينية في هونغ كونغ ارتفع 3% تقريباً منذ آخر تداول للأسهم المحلية في نهاية سبتمبر، لكنَّه أغلق قبل بيانات يوم الجمعة في الولايات المتحدة. وحقق اليوان الخارجي مكاسب أسبوعية ضئيلة أمام الدولار.
كذلك سيواجه المتداولون في الصين صعوبة في تجاهل الواقع القاتم الذي يواجه ثاني أكبر اقتصاد في العالم، خاصةً في ظل مؤشرات الأسبوع الماضي التي أظهرت انخفاضاً حاداً في الإنفاق خلال العطلات وارتداداً في حالات الإصابة بالفيروس واستمرار أزمة العقارات. ودخل مؤشر "سي إس آي 300" (CSI 300) لأسهم البر الرئيسي في الصين فترة انقطاع على مدار أسبوع بالقرب من أدنى مستوياته منذ أبريل 2020.
اقرأ أيضاً: تراجع الأسهم الاستهلاكية يعزز التشاؤم بشأن آفاق الاقتصاد في الصين
في غضون ذلك، من المرجّح أن يحافظ مؤتمر الحزب الشيوعي القادم على بعض الآمال من أجل مزيد من التحفيز السياسي، خاصة في ظل استمرار ضعف طلب المستهلكين في مواجهة القيود الناجمة عن "كوفيد". وتتوقَّع "بلومبرغ إنتليجنس" أن تتضمن القطاعات المحتملة المستفيدة قطاعات المستهلكين والتكنولوجيا والسيارات والنقل والبنية التحتية.
قال هاو هونغ، الشريك المقيم في هونغ كونغ وكبير الاقتصاديين بمجموعة "غرو إنفستمنت غروب" (Grow Investment Group): "سيعود التركيز إلى التحدّيَين الخاصين بالصين، وهما سياسة صفر كوفيد، وتعثّر سوق العقارات".
ترصد السطور التالية التطورات الجديرة بالمتابعة في الأسواق عند استئناف التداول غداً الإثنين:
الأسهم
سيعمل المتداولون على تقييم زخم التعافي الاقتصادي من خلال بيانات الإنفاق التي شهدتها فترة العطلة، والتي لا تظهر قدراً كبيراً من التحفيز، فقد تعطّلت خطط السفر، إذ تم إغلاق العديد من المدن، وتقطّعت السبل بالزوار في أعقاب تفشي حالات "كوفيد" بالمواقع السياحية.
وانخفضت عائدات السياحة بـ26% لتصل إلى 287 مليار يوان (40.3 مليار دولار) خلال العطلة التي استمرت أسبوعاً مقارنة بالعام الماضي. وبمقارنة هذا الوضع بمستويات ما قبل الوباء في عام 2019 التي انخفضت خلالها الإيرادات بـ56% تقريباً، وكانت أسوأ من الانخفاض بـ40% العام الماضي مقارنة بمستويات عام 2019، وفقاً للأرقام المنشورة على حسابات وسائل التواصل الاجتماعي الرسمية لوزارة الثقافة والسياحة.
تم إجراء ما يقرب من 422 مليون رحلة بانخفاض 18% عن العام الماضي، و39% عن مستويات 2019.
ومن دون الاقتناع الراسخ بوصول السوق إلى القاع، سيتردد المتداولون في بناء مراكز قبل الاجتماع السياسي الذي يُعقد مرتين كل عقد، والذي يبدأ في 16 أكتوبر الجاري، حيث سيتم التأكيد على استمرار قيادة الحزب الشيوعي وكشف النقاب عن السياسات الرئيسية. وهوى مؤشر "سي إس آي 300" بنسبة 23% خلال العام الجاري، متجهاً إلى أول انخفاض سنوي متتالٍ منذ عقد.
طالع أيضأ: قفزة متوقعة في أسعار الأسهم بعد تزايد البيع على المكشوف في هونغ كونغ
قال زيادونغ باو، مدير صندوق في "إدموند دي روتشايلد أسيت مانجمنت" (Edmond de Rothschild Asset Management) في باريس، إنَّه كان هناك بعض "الاقتناص العميق فضلاً عن تغطية قصيرة، لكن مع بناء مراكز جديدة محدودة للغاية نظراً للعديد من البدايات الخاطئة هذا العام. الشك وحالة الانتظار والترقب يمثلون العقلية السائدة للمستثمرين الأجانب".
تثبيت اليوان
حقق اليوان في الخارج مكاسب طفيفة الأسبوع الماضي بعد سبعة أسابيع من الانخفاض، مما يقدم بعض الدعم للعملة المحلية، والتي لامست أدنى مستوى لها منذ عام 2008 قبل العطلة.
سيتابع المتداولون عن كثب تثبيت اليوان اليومي من قبل بنك الشعب الصيني في الساعة 9:15 صباحاً في بكين، إذ كان البنك قد سجّل سلسلة قياسية من عمليات التثبيت أقوى من المتوقَّع قبل العطلة من أجل كبح بيع العملة.
أدى ضعف اليوان، مع اتخاذ فجوة العائد بين الولايات المتحدة والصين مساراً عكسياً بعد سلسلة من زيادات أسعار الفائدة من جانب "الاحتياطي الفيدرالي"، إلى إثارة المخاوف بشأن تدفقات رأس المال الخارجة. وانخفضت احتياطيات النقد الأجنبي في الصين حتى نهاية سبتمبر إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2017.
أفادت فيونا ليم، استراتيجية أسعار صرف العملات الأجنبية في "مالايان بانكينغ" (Malayan Banking Bhd) في سنغافورة بأنَّ: "انخفاض حركة التنقل خلال عطلة العيد الوطني يمكن أن يترجم إلى مبيعات تجزئة أضعف، لكن يمكن كبح جماح المضاربين على اليوان، ليس من خلال توجيهات بنك الشعب الصيني فحسب؛ ولكن أيضاً عند توقُّع أي تحولات مهمة أخرى في سياسة تعزيز النمو التي يقرها مؤتمر الحزب".
ركود ائتماني
شهد الائتمان الخارجي للصين عمليات بيع مذعورة، بينما كان المتداولون في الداخل في فترة العطلة، فقد أدى انخفاض الأوراق النقدية بالدولار لمؤسسة "سي آي إف آي هولدينغز غروب" (CIFI Holdings Group Co)، التي تحتل المرتبة 15 ضمن أكبر المطوّرين في البلاد من حيث مبيعات العقود، إلى اختبار ثقة السوق.
يركّز المستثمرون على مزيد من المؤشرات حول سبل معالجة شركة "سي آي إف آي" مشكلات الديون. وخفّضت وكالة "موديز" (Moody’s Investors Service) تصنيفات الشركة بشأن مخاطر إعادة التمويل.
يسعى حاملو السندات أيضاً إلى الحصول على مزيد من التفاصيل من إجراءات الدعم السابقة عبر حث عدد من المؤسسات، بدءاً من أبرز الجهات التنظيمية المالية في الصين إلى ستة بنوك كبرى، على تقديم الدعم التمويلي لقطاع العقارات.
قال آندي سوين، مدير محفظة ورئيس أبحاث الائتمان الآسيوية السابقة في اليابان بشركة "باينبريدج إنفستمنتس آسيا" (Pinebridge Investments Asia Ltd): "لقد أدى ذلك إلى تعزيز المعنويات على المدى القصير، لكنَّه "ليس كافياً لدعم السوق"، وما نزال "متمسّكين بموقفنا الدفاعي للغاية بشأن مركزنا في القطاع".