بلومبرغ
قفز الجنيه الإسترليني بأكثر من 10% عن أدنى مستوياته التي سجّلها الأسبوع الماضي مقابل الدولار، لكن معظم المحللين الاستراتيجيين متمسكون بالمراهنة على أن العملة البريطانية ستستأنف الخسائر مع توقع البعض انخفاضاً قياسياً جديداً بحلول نهاية العام.
يوسّع الإسترليني مكاسبه لليوم السادس على التوالي، حيث يتأهب لتسجيل أطول فترة صعود منذ أبريل 2021، مرتداً من مستوى الهبوط القياسي الذي تكبّده الأسبوع الماضي عند 1.0350 دولار.
يأتي تعافي الإسترليني بعد تدخل بنك إنجلترا لدعم سوق السندات في البلاد، لكن ذلك عزز في الوقت نفسه التوقعات بزيادات في أسعار الفائدة ببريطانيا، والتي يصفها استراتيجيون في بنك "باركليز" بأنها "قد تُترجم من خلال ضعف الجنيه".
يتوقع كل من "ستاندرد تشارترد" و"رويال بنك أوف كندا" تراجع الجنيه الإسترليني بـ 10% تقريباً عن المستويات الحالية بحلول نهاية العام، بعد أن دفعت أخطاء السياسة الحكومية إلى تقويض الثقة في العملة. يُعتبر كلٌّ من "نومورا هولدينغز" و"مورغان ستانلي" من بين المؤسسات التي تتوقع الانزلاق إلى مستوى التكافؤ خلال الفترة نفسها، وفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ".
هوى الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوى له على الإطلاق حالياً عند 1.0350 دولار في 26 سبتمبر الماضي، قبل أن يتعافى إثر تراجع الحكومة البريطانية عن تعهدها بإلغاء التخفيض الضريبي المقترح. وصل الجنيه الإسترليني عند 1.1318 دولار يوم الثلاثاء.
اقرأ أيضاً: ارتفاع تكلفة التحوط للجنيه الإسترليني إلى أعلى مستوى منذ البريكست
وفيما يلي بعض التعليقات من الاستراتيجيين حول الآفاق المتوقعة:
توقعات زيادة الانكماش
- يتمسك الاقتصاديون في "باركليز" بموقف متفائل حيال توقعات السوق لبنك إنجلترا، ويتوقعون سعر فائدة أقل بكثير من سعر السوق الذي يزيد عن 3%.
- كتب الاستراتيجيان في مجال العملات ليفتريس فارماكيس وثيميستوكليس فيوتاكيس في مذكرة: "نظراً لقرارات رفع الفائدة التي تقرها لجنة السياسة النقدية حتى الآن في هذه الدورة، فإننا نتفق على أن المخاطر تتراجع بقدر أقل بشأن التشديد مقارنة بتسعير السوق. وهذا من شأنه أن يرقى فعلياً إلى قرار آخر يسمح للعملة بتحمل وطأة التعديل على حساب ارتفاع التضخم لفترة أطول".
- نتيجة لذلك، فهما يعتقدان أن الجنيه الإسترليني معرض لمزيد من مخاطر الهبوط بمجرد التخلص من المراكز الهبوطية قصيرة الأجل، خاصة في زوج اليورو/ الجنيه الإسترليني حيث كان الارتداد أكثر وضوحاً.
مخاطر التقييم
- أدى التحوّل الذي اتخذته الحكومة بشأن خطط التخفيضات الضريبية إلى خفض نحو ملياري جنيه إسترليني فقط من خطة التخفيض الإجمالية البالغة نحو 45 مليار جنيه إسترليني، وفقاً لاستراتيجي العملات في "آي إن جي" (ING)، فرانشيسكو بيسول، الذي قال إن ذلك لا يغيّر قواعد اللعبة فيما يتعلق بالأمور المالية للبلاد، ولا يزال يرى "مخاطر مرتفعة تتمثل في أن المملكة المتحدة ستواجه تخفيض التقييم".
- خفضت وكالة التقييم الائتماني "ستاندرد آند بورز" توقعاتها الائتمانية للمملكة المتحدة إلى تصنيف "سلبي" من "مستقر" الذي منحته إياها الأسبوع الماضي، مستشهدة بالوضع المالي للبلاد على مدى العامين المقبلين، بينما حذرت وكالة "موديز انفستورز سيرفيسز" من أن التحفيز الحكومي يمكن أن يلحق ضرراً دائماً بالوضع المالي العام لبريطانيا. وستصدر "ستاندرد آند بورز" تقريرها القادم بشأن التصنيفات السيادية للمملكة المتحدة في 21 أكتوبر.
عجز أوسع
- قال ديفيا ديفيش، رئيس أبحاث العملات الأجنبية الآسيوية في "ستاندرد تشارترد" بسنغافورة إن التراجع عن التخفيض الضريبي لا يغير الحساب الجاري للمملكة المتحدة والعجز المالي الذي يتجاوز 7% من الناتج المحلي الإجمالي.
- أضاف بأن هذا يأتي في الوقت الذي لا يمتلك بنك إنجلترا سوى كمية محدودة من الاحتياطيات للدفاع عن العملة، ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى ركود في ظل رفع أسعار الفائدة.
- من الصعب بالتأكيد استبعاد التكافؤ مع الدولار تماماً، على الرغم من أنه من المرجح أن يستقر الجنيه الإسترليني حول 1.05 دولار أميركي بحلول نهاية العام.
كساد أعمق
- سيُتداول الجنيه الإسترليني عند 1.04 دولار في العام الجديد، حيث "من المتوقع أن يظل تحت الضغط في الوقت الذي يتعثر الاقتصاد البريطاني بشكل أعمق تحت وطأة الركود التضخمي، ويزداد عجز الحساب الجاري سوءاً، وتظل حالة عدم اليقين بشأن السياسة مرتفعة"، بحسب ما قال ألفين تان، رئيس قسم استراتيجية العملات الأجنبية الآسيوية في "رويال بنك أوف كندا" في سنغافورة.
أزمة الطاقة
- قال ستيفن إينيس، الشريك الإداري في "إس بي آي أسيت مانجمنت" (SPI Asset Management) في سنغافورة: قد ينخفض الجنيه الإسترليني إلى 1.05 دولار بحلول نهاية العام، إذ "سيؤدي حلول فصل الشتاء بنصف الكرة الشمالي إلى انخفاض الجنيه الإسترليني، حيث ستدفع أزمة الطاقة في أوروبا والمملكة المتحدة إلى انهيار الاقتصاد".
- العائدات الحقيقية بالمملكة المتحدة منخفضة للغاية لجذب الأموال وسيتطلب الأمر من بنك إنجلترا رفع أسعار الفائدة "بشكل كبير" لضمان دعم العملة، ولكن هذا سوف يدمّر الاقتصاد أكثر ويضرّ بالجنيه.
طالع أيضاً: ما سر انهيار الجنيه الإسترليني المفاجئ؟
أخطاء السياسة
- كتب جوزيف كابورسو وكارول كونغ، الاستراتيجيان في "كومنولث بنك أوف أستراليا" (Commonwealth Bank of Australia) في سيدني، في مذكرة بحثية: "الزلات السياسية ومخاطر الركود العالمي يمكن أن تدفع الجنيه الإسترليني للانخفاض بشكل كبير خلال الشهر المقبل".
- مع ذلك، "إذا كان سوق السندات الحكومية البريطانية قادراً على الاستقرار، فيمكن للجنيه الإسترليني الاستمرار في المسار الصعودي".