بدا العالم مرعباً، الأسبوع الماضي، عندما أجبر انهيار سوق المملكة المتحدة بنك إنجلترا على اتخاذ مسار معاكس لخططه بشأن التشديد الكمي والتدخل لإنقاذ نظام المعاشات التقاعدية في سوق السندات الحكومية "بأي معيار ضروري".
تبدو الكارثة حتى الآن وكأنَّها حلّت على المملكة المتحدة وحدها، لكن ماذا لو لم يكن الأمر يخصها وحدها، ولو لم ينتج عن الاندفاع المشؤوم نحو النمو الذي تعهد به وزير الخزانة كواسي كوارتنغ؟ ماذا لو كان، بدلاً عن ذلك، يمثل أولى الإشارات العاكسة لواقع عالمي جديد؟
دعونا نواجه هذه الحقيقة؛ فقد ولّت أيام التحفيز النقدي الخالية من التضخم التي سهّلتها العولمة، والأزمات المتتالية العميقة المترتبة على ذلك. وبدأنا نرى الآن عواقب غير محسوبة على أسعار الأصول عامة وعوائد السندات خاصة. لن تتخلص البنوك المركزية بسهولة من أي انهيار في سوق الأسهم مستقبلاً. علينا توديع أسلوب الثلاثي (غرينسبان- برنانكي- دراغي) الذي خفّض أسعار الفائدة كلما تذبذبت أسواق الأصول.
ما تزال البنوك المركزية متشبثة بأنَّ التضخم مؤقت، وأنَّه إذا كنا مستعدين لتحمّل الركود؛ فإنَّها سوف تعود في نهاية المطاف إلى هدفها المحدّد عند 2% تقريباً.
اشتهر بول فولكر، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في عام 1980، بإثارة ركود عالمي من خلال رفع سعر الفائدة الفيدرالية إلى 20% للتخلص من التضخم، وهذا الأمر، وفقاً للحكمة التقليدية، بشّر بما يقرب من أربعة عقود من النمو المنخفض للتضخم، فيما عُرف بمصطلح الاعتدال العظيم.
لكنْ لم يكن هذا ما حدث حقاً خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات، عندما حان وقت الخروج من ركود "فولكر"، حيث بدأت الصين في عملية استثمار وتنمية وانفتاح مطّردة على التجارة، مما جعل الاقتصاد العالمي مختلفاً كلية. بفضل التجارة الدولية المتنامية، وليس من خلال السياسة النقدية؛ تم وضع الحد للتضخم، وبدأ الفقر المدقع في الانخفاض.
يأتي الدليل القاطع على عدم فعالية السياسة النقدية في توجيه التضخم من فشل التسهيلات المتزايدة من قبل البنوك المركزية في رفع أسعار المستهلكين بشكل ملموس خلال أوائل القرن الحادي والعشرين. ومع ذلك؛ أدت مثل هذه التسهيلات النقدية التاريخية تحديداً إلى الهشاشة المالية التي دفعت بالأزمة المالية العالمية عام 2008، وانهيار سوق السندات الحكومية البريطانية.
واقع عالمي جديد
لكنَّ التجارة العالمية انخفضت بشكل كبير كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي منذ عام 2008، مدفوعة بالأزمات المالية وحرب "ترمب" التجارية، لتتراجع من ذروة مقدارها 61% في عام 2008 إلى 52% فقط في عام 2020، وهو أدنى مستوى لها منذ عام 2003. بالطبع؛ منذ ذلك الحين شهدنا جائحة وحرباً عسكرية في أوروبا وظواهر مدمّرة ومتزايدة لتغيّر المناخ وأكبر خلل في سلسلة التوريد خلال عمر جيل واحد.
بالنظر إلى التضخم من خلال التجارة العالمية؛ فإنَّ عودة الأسعار غير متوقَّعة حتى وإن خرجنا من الركود المحتمل الذي سيزيد عن حدّه مثلما تتوقَّع المؤشرات. ستكون لمحاولات البنوك المركزية المتمثلة في تطبيق الحزم التحفيزية، في كل مرة، عواقب تضخمية فورية. تتلاشى المرونة وتتضاءل معها فرص أي تخفيض قريب للقدرات الهائلة التي بنتها البنوك المركزية العالمية خلال سنوات من التيسير الكمي. قد يكون تأخّر بنك إنجلترا في برنامج التشديد بداية لاتجاه، يتعين على البنك المركزي الأوروبي و"الاحتياطي الفيدرالي" الانتباه له بشدة. قد يحاصرنا هذا التيسير الكمي لفترة أطول بكثير مما نتخيل.
تضطرب قرارات تخصيص الأصول عند وقف العوائد لفترة طويلة، ومثلما حدث في الأزمة المالية عام 2008، غالباً ما تظهر بطرق دراماتيكية مفاجئة بمجرد تردّي الأمور، وحينها فقط، مثلما قال وارن بافيت، سنرى "السابحين عُراة".
ما يزال معظم العالم يتوقَّع العودة إلى الحالة الطبيعية للتضخم المنخفض بسبب بقاء عائدات السندات حالياً في منطقة وسط بين الزيادة في أسعار المستهلك وأسعار الفائدة المعيارية، لكنَّ الأمر شبه المؤكد هو أنَّ هذا لا يمثّل أي توازن طويل الأمد، ولا يؤشر إلى اقتراب قدرة عوائد السندات من خفض التضخم.
ما يجب أن نخشى منه الآن؛ هو أن تكون المملكة المتحدة ما هي إلا مقدمة للواقع الجديد للعوائد في العالم، بالإضافة إلى أنَّها علامة على أنَّ دور الآخرين قادم.
هذا مقال مشترك من قبل Stuart Trow وMarcus Ashworth.
NAMEالمؤشر | VALUEقراءة المؤشر | NET CHANGEالتغير | CHANGE %نسبة التغير | 1 MONTHشهر | 1 YEARسنة | TIME (GMT)الوقت | 2 DAYيومان |
---|---|---|---|---|---|---|---|
GTGBP2Y:GOVبريطانيا | 99.57 | --- | --- | --- | --- | 09:39:40.000 | |
GTGBP5Y:GOVبريطانيا | 99.47 | --- | --- | --- | --- | 09:39:40.000 | |
GTGBP10Y:GOVبريطانيا | 98.83 | --- | --- | --- | --- | 09:39:40.000 | |
GTGBP30Y:GOVبريطانيا | 92.32 | --- | --- | --- | --- | 09:39:40.000 |