بلومبرغ
قال خبراء اقتصاديون في مسح لـ"بلومبرغ" إنَّ مسؤولي مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيشيرون إلى موقف أكثر تشدداً في الاجتماع المقبل، إذ ستصل أسعار الفائدة إلى 4% بحلول ديسمبر، وستظل مرتفعة حتى عام 2023.
سترفع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس خلال الاجتماع الثالث على التوالي عندما يعلن مسؤولو السياسة النقدية عن قرارهم في الساعة الثانية بعد الظهر بتوقيت واشنطن يوم الأربعاء المقبل، بحسب ما أفاد المسح.
من شأن ذلك أن يصل بنطاق سعر الفائدة القياسي إلى ما بين 3% و3.25%. ومن المتوقَّع أن تظهر توقُّعات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الصادرة في الاجتماع المرتقب خلال أيام، الحد الأعلى للنطاق عند 4% بنهاية 2022، وتتجه صعودياً العام المقبل، قبل الشروع في خفضها إلى 3.6% في 2024.
يمثل مثل هذا التحول خطوة كبيرة إلى الأعلى من توقُّعات بنك الاحتياطي الفيدرالي الصادرة في يونيو، مما يعكس معركة أكثر صرامة ضد التضخم بعد أن جاء نمو أسعار المستهلك الأساسية في أغسطس أعلى من المتوقَّع. بحسب الاستطلاع الذي شمل مشاركة 45 اقتصادياً فى الفترة من 9 إلى 14 سبتمبر.
الوصول لمستهدف التضخم
قال رئيس مجلس الإدارة جيروم باول إنَّ بنك الاحتياطي الفيدرالي ملتزم بشدة بإعادة التضخم إلى مستهدف البنك المركزي البالغ 2%، ولن يوقف معركته قبل الأوان حتى مع البيانات الاقتصادية الأضعف.
تعززت حالة اتخاذ إجراءات أكثر جرأة من خلال تقرير مؤشر أسعار المستهلك الصادر يوم الثلاثاء، والذي أظهر ارتفاع مؤشر التضخم الأساسي أكثر من المتوقَّع.
قال روبرت دينت، كبير الاقتصاديين المتخصصين في شؤون الاقتصاد الأميركي لدى "نورموا سيكوريتيز إنترناشيونال" (Nomura Securities International Inc): "نتوقَّع أن يواصل بنك الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة إلى أن تنخفض معدلات التضخم فعلياً، إذ يضيف مؤشر أسعار المستهلكين خلال أغسطس إلحاحاً كبيراً لمهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي".
"كلما ظل التضخم مرتفعاً لفترة أطول؛ زادت المخاوف من دوامة الأسعار والأجور و/ أو توقُّعات التضخم المرسخة للارتفاع".
ماذا تقول "بلومبرغ إيكونوميكس"
قالت أنا وونغ، خبيرة الاقتصاد الأميركي لدى " بلومبرغ إيكونوميكس": "سيظهر المخطط النقطي معدلاً نهائياً مرتفعاً لسعر الفائدة في عام 2023. نعتقد أنَّه سيرتفع إلى حوالي 4.2% مقارنة بـ 3.8% في ملخص التوقُّعات الاقتصادية الصادر في يونيو. أيضاً، لن يكون الانخفاض في أسعار الفائدة خلال عام 2024 حاداً، كما جاء في ملخص التوقُّعات الاقتصادية الصادر في يونيو. قد يظهر انخفاضاً في سعر الفائدة إلى حوالي 3.8 و4% في عام 2024، مقارنة بـ3.4% في ملخص التوقُّعات الاقتصادية الصادر في يونيو".
كان باول غامضاً بشأن مدى ارتفاع أسعار الفائدة، وفي يوليو قال إنَّ بنك الاحتياطي الفيدرالي سيحدد أسعار الفائدة "وفق كل اجتماع عل حدة".
هذا الأمر يجعل توقُّعات اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة بشأن "المخطط النقطي" للمعدل المستهدف محور تركيز أساسي للمستثمرين عندما تجتمع اللجنة في يومي 20 إلى 21 سبتمبر.
سيعقد باول مؤتمراً صحفياً يوم الأربعاء المقبل، بعد 30 دقيقة من صدور القرار بشأن أسعار الفائدة.
مسار سعر الفائدة الذي يتوقَّع الاقتصاديون أن تقرره اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة الأسبوع المقبل أقل جرأة من المسار الذي تتوقَّعه الأسواق. يتوقَّع المستثمرون زيادة سعر الفائدة 75 نقطة أساس يوم الأربعاء، ويتوقَّعون ارتفاع أسعار الفائدة نقطة مئوية أخرى بنهاية العام إلى حوالي 4.23%.
تتطابق توقُّعات الاقتصاديين إلى حد كبير مع ملخص التوقُّعات الاقتصادية الصادر عن مجلس الاحتياطي الفيدرالي بوصول أسعار الفائدة لذروتها عند 4% في ديسمبر 2022، ثم تنخفض في عام 2024.
هبوط سلس
يحاول باول توجيه الاقتصاد نحو هبوط "سلس" لنمو اقتصادي متباطئ، وسوق عمل ما تزال قوية، وتضخم منخفض. سينعكس ذلك في توقُّعات اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة للنمو بنسبة 0.5% فقط في عام 2022، و1.4% في عام 2023 - وكلاهما يمثلان انخفاضاً كبيراً عن تقديرات يونيو - مع ارتفاع البطالة إلى 4.2% في عام 2024 من 3.7% في أغسطس، وفقاً لنتائج الاستطلاع.
قال هيو جونسون، رئيس مجلس إدارة شركة "هيو جونسون إيكونوميكس" (Hugh Johnson Economics LLC): "ما تزال السياسة النقدية تركز على التضخم مع وجود القليل من الأدلة على الاستجابة لتباطؤ البيانات الاقتصادية/ التوظيف، أو انخفاض معدلات التضخم".
يظل التضخم القضية المركزية التي تحرك سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي. من المرجح أن تبقى اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة على توقُّعاتها لضغوط الأسعار، وقد تتوقَّع أن يبلغ معدل التضخم 5.2% في عام 2022، و2.6% لعام 2023، و2.2% لعام 2024. وهذا يعني عدم تحقيق مستهدف التضخم على المدى الطويل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2% حتى عام 2025.
شدد باول على أنَّ البنك المركزي سيتحلى بالذكاء في خطط رفع أسعار الفائدة، كما أنَّ اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في بيانها السابق لم تقدم سوى إرشادات فضفاضة تفيد بأنَّ الزيادات المستمرة لأسعار الفائدة ستكون مناسبة.
يتوقَّع ثلاثة أرباع الاقتصاديين المشاركين في مسح "بلومبرغ" أن تكرر اللجنة التوجيه، بينما يقول معظم الباقين إنَّ اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة قد تقول إنَّها تتوقَّع أن تتباطأ وتيرة زيادة أسعار الفائدة، وهي تصريحات باول نفسها التى أدلى بها للرأي العام خلال الآونة الأخيرة.
يتوقَّع ثلثا الاقتصاديين الذين شملهم المسح أيضاً صدور قرار بالإجماع بشأن أسعار الفائدة خلال سبتمبر، مع احتفاظ اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة بجبهة موحدة وراء معركة باول ضد التضخم.
منذ بداية 2022، اعترض رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس جيمس بولارد كونه متشدداً، وكذلك رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في مدينة كانساس إستر جورج كونه يميل للتيسير، أو كونه يؤيد خفض الفائدة.
هناك قدر أقل من اليقين حول خطط تقليص المركز المالي لمجلس الاحتياطي الفيدرالي. ارتفع المستوى الذي يُسمح عنده للأوراق المالية المستحقة بانتهاء صلاحيتها هذا الشهر إلى وتيرة سنوية تبلغ حوالي 1.1 تريليون دولار. يتوقَّع الاقتصاديون أن ينخفض المركز المالي إلى 8.4 تريليون دولار بحلول نهاية 2022، لينخفض إلى 6.6 تريليون دولار في ديسمبر 2024، وفقاً لمتوسطات التقدير.
يقول ما يقرب من نصف الذين شملهم الاستطلاع إنَّ المسؤولين سوف يلجأون إلى البيع المباشر للأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري، بما يتماشى مع تفضيلهم المعلن للاحتفاظ بسندات الخزانة فقط على المدى الطويل.
من بين أولئك الذين يتوقَّعون بيع الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري، هناك مجموعة واسعة من وجهات النظر حول موعد بدء البيع، حيث ترى أغلبية طفيفة أن يبدأ بحلول الربع الثاني من عام 2023.
مخاوف الركود
واصل الاقتصاديون في "وول ستريت" إثارة المخاوف بشأن احتمال حدوث ركود، إذ يشدد بنك الاحتياطي الفيدرالي السياسة النقدية وسط صعوبات تشمل ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة في ظل الغزو الروسي لأوكرانيا.
"سيتي غروب": ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا سيستمر لنهاية العقد الحالي
قالت كبيرة خبراء الاقتصاد الأميركي كاثي بوستانسيك لدى "أكسفورد إيكونوميكس" :" ارتفاع التضخم لفترة أطول، وتشديد بنك الاحتياطي الفيدرالي للسياسة النقدية بشكل أكثر جرأة، والآثار غير المباشرة السلبية الناجمة عن الظروف العالمية الضعيفة؛ سوف تتضافر لدفع الاقتصاد الأميركي إلى ركود معتدل في النصف الأول من عام 2023، من وجهة نظرنا".
تباينت آراء خبرء الاقتصاد بشأن التوقُّعات، إذ يتوقَّع 49% أنَّ الركود محتمل حدوثه في العامين المقبلين، ويتوقَّع 33% احتمال حدوث نمو صفري أو سلبي لبعض الوقت، كما تتوقَّع النسبة المتبقية أن يحقق الاحتياطي الفيدرالي هبوطاً سلساً للاقتصاد بحيث يتواصل النمو وينخفض التضخم.