تراجع الأسهم الاستهلاكية يعزز التشاؤم بشأن آفاق الاقتصاد في الصين

مؤشر "إم إس سي آي" الصيني أصبح دون المستوى في الربع الحالي

time reading iconدقائق القراءة - 7
متسوّقة بأحد متاجر البقالة في بكين، الصين. - المصدر: بلومبرغ
متسوّقة بأحد متاجر البقالة في بكين، الصين. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تؤدي القيود المفروضة بسبب تفشي "كوفيد" إلى ضعف الإنفاق في سوق المستهلكين الواسعة بالصين وتحوّل عدد من شركات التجزئة وصناعة السيارات المشهورة إلى قائمة الأسهم المتباطئة في هذه السوق.

كان تدفق الطلب المحدود مختفياً خلال فترة "صفر كوفيد" في الصين. وبدلاً من ذلك، تسببت توقعات النمو غير المؤكدة، إلى جانب الارتفاع القياسي لمعدل البطالة بين الشباب، في جعل أسهم السلع الاستهلاكية التقديرية المُدرجة ضمن مؤشر "إم إس سي آي" الصيني دون المستوى الأوسع خلال الربع الحالي. ويعد هذا تناقضاً صارخاً مع المكاسب ذات الرقمين التي يحققها مؤشر أسهم استهلاكية عالمي.

تراود المستثمرين آمال محدودة في حدوث انتعاش بالاستهلاك في الصين على المدى القريب. وعلاوة على عمليات الإغلاق في المدن الكبرى، شدّد مسؤولو الصحة قيود السفر قبل إحدى العطلات الوطنية، ما يعزز التزامهم باستراتيجية "صفر كوفيد" مع اقتراب انطلاق مؤتمر الحزب الذي يُعقد مرتين في العقد.

قال كريستال تشان، رئيس الاستثمار المتخصص في "برينسيبال أسيت مانجمنت" (آسيا) Principal Asset Management (Asia): "بدأ المستهلكون خفض الإنفاق مجدّداً، وأحد الأسباب في ذلك هو كوفيد، بينما السبب الآخر هو بشكل عام الخلفية الاقتصادية نفسها الآخذة في التدهور. يشكّل هذا تهديداً كبيراً للاقتصاد الصيني، ولهذا السبب نتجنب بعض العلامات التجارية التقديرية الاستهلاكية في محفظتنا الآسيوية".

اقرأ أيضاً: غورغييفا: حان الوقت لتغّير الصين سياسة "صفر كورونا"

تشاؤم سائد

انخفض المؤشر الفرعي "إم إس سي آي تشاينا" لتقديرات أسهم قطاع المستهلكين بأكثر من 14% في الربع الحالي، متراجعاً عن خسارة المؤشر القياسي بنسبة 12.6%. ومن بين الأسهم الأسوأ أداءً "بوب مارت إنترناشونال غروب" (Pop Mart International Group Ltd)، وهي شركة بيع بالتجزئة للألعاب المرموقة، والتي تراجعت بأكثر من 50%، وشركة تجارة السيارات الفاخرة "جونغ شينغ غروب هولدينغز" (Zhongsheng Group Holdings Ltd)، التي انخفضت بأكثر من الثلث.

انكمشت مبيعات التجزئة بالصين مقارنة بعام سابق حتى يوليو الماضي، على عكس معدلات النمو التي بلغت حوالي 8% أو أكثر قبل الوباء. ولا تزال ثقة المستهلكين أقل بكثير من عتبة 100 نقطة، مما يشير إلى التشاؤم السائد.

في حين أن السوق الاستهلاكية للصين، وهي الأكبر على مستوى العالم، لا تزال مهمة للغاية بحيث لا يمكن للمستثمرين تجنبها، فإن تحفيز سياسة أوسع نحو تعزيز المساواة والحث على عدم الإسراف في الثروة يشكّل عاملاً آخر يعقّد قرارات الاستثمار. وفي خطابه الذي ألقاه الشهر الجاري، دعا الرئيس شي جين بينغ الشعب إلى "تجنب الاستهلاك المفرط" و"الحرص على التوفير" كأسلوب حياة جديد أكثر استدامة.

قال بول بونغ، العضو المنتدب في "بيغاسوس فاند مانجرز" (.Pegasus Fund Managers Ltd): "لم يعد الناس يلتقون بشكل شخصي، لذا فقد قلّلوا استهلاك الملابس والساعات باهظة الثمن وحقائب اليد الفاخرة. هذا أمر طبيعي، فهم سعداء بشراء علامات تجارية أرخص".

وسط هذا الضعف العام، يرى المستثمرون جانباً إيجابياً في الشركات التي تلبي ما يسمى باتجاه "خفض الاستهلاك" من خلال بيع منتجات أرخص.

طالع أيضاً: هبوط حاد لمبيعات عمالقة التجزئة في الصين بسبب إغلاقات كورونا

انتقائية شديدة

قفزت أسهم "بيندودو" (Pinduoduo Inc)، التي تقدم تخفيضاً أكبر من خلال نموذج الشراء الجماعي، وتستهدف العملاء في المدن ذات المستوى الأدنى، بحوالي 40% خلال الشهر الماضي، وهي أكبر زيادة في مقياس الأسهم الصينية المتداولة بالولايات المتحدة.

قال جيان شي كورتيسي، مدير الاستثمار في "جي إيه إم إنفستمنت مانجمنت" (GAM Investment Management) في زيورخ: "بشكل عام، نلتزم الانتقائية الشديدة تجاه الأسهم الاستهلاكية، ونتجنب العلامات التجارية ذات المستوى المتوسط ​​التي يعتريها الضعف من حيث القيمة والاعتراف بالعلامة التجارية"، مضيفاً أن الشركة لديها خبرة مع "بيندودو" و"فيبشوب هولدينغز" (.Vipshop Holdings Ltd)، المتخصصة في تجارة التجزئة بتخفيضات عبر الإنترنت.

من المؤكد أن إمكانات السوق لا تزال قوية مع تضخم الطبقة الوسطى في الصين واحتمال تدفق الإنفاق بمجرد إنهاء القيود الوبائية، فمن جانبه، يتوقع "إتش إس بي سي" أن تحتفظ الصين بمكانتها كأكبر سوق استهلاكية في العالم في العقود المقبلة، مع تزايد الطبقة المتوسطة العليا التي يتجاوز دخلها 50 دولاراً في اليوم.

لكن بالنسبة للمستثمرين، تظل قيود "كوفيد" وسياسات تعزيز المساواة ضمن المخاطر الرئيسية.

قال ريموند يونغ، كبير الاقتصاديين لشؤون الصين الكبرى في مجموعة "أستراليا آند نيوزيلندا بانكينغ": "الأمر ببساطة أنه لا يمكن للصين الاعتماد على التعافي المدفوع بالاستهلاك. وعلى المدى الطويل، فإن مشاركة الرخاء وتقاسم الأرباح وسقف الرواتب، كل ذلك سيضر بالإنفاق المرتفع، وسيلحق الضرر بالشريحة الفاخرة ".

تصنيفات

قصص قد تهمك