بلومبرغ
في حين تكافح الأسهم العالمية بعد التصريحات المتشددة الأخيرة للاحتياطي الفيدرالي، فإنّ توقعات النمو في جنوب شرق آسيا تجعل المنطقة مفضلة لدى المستثمرين.
تُعدّ "مان غروب" (Man Group)، و"بي إن بي باريباس" (BNP Paribas)، و"كريدي سويس غروب" (Credit Suisse Group) من بين أولئك الذين يروجون لمرونة المنطقة بعد أن أعاد التعبير عن الآراء في جاكسون هول إشعال عمليات بيع في جميع أنحاء العالم خلال الأسبوع الماضي. وقد كان أداء مؤشر "إم إس سي آي لرابطة أمم جنوب شرق آسيا" (MSCI Asean Index) القياسي أفضل بكثير من مؤشر "إم إس سي آي لآسيا والمحيط الهادئ" (MSCI Asia Pacific) الأوسع، ومن المقرر أن يتفوق في الأداء على مقياس الأسهم العالمية للربع الثالث على التوالي.
يشير الاندفاع الصعودي المتزايد إلى إعادة فتح جنوب شرق آسيا مما يعيد سرباً من السياح، بالإضافة إلى الطلب المحلي المزدهر الذي يساعد على حمايته من الركود العالمي.
ومع الرياح الداعمة من جانب صادرات السلع، تبدو توقعات أرباح المنطقة واعدة أكثر مقابل معظم الأسواق التي تعاني من ضغوط بسبب تباطؤ الاستهلاك وارتفاع التكاليف.
مرونة السوق
قال جوشوا كراب، رئيس الأسهم في آسيا والمحيط الهادئ في شركة "روبيكو هونغ كونغ" (Robeco Hong Kong): "لدينا الكثير من الطلب المكبوت هنا، والاستثمار الأجنبي المباشر يحدث، والانفتاح مستمر، والقصة الهيكلية طويلة الأجل هي إيجابية للغاية. كما كانت السوق مرنة بشكل لا يصدق في مواجهة ما قد ينتج عنه عادة عمليات بيع دراماتيكية. وهذا بالنسبة لي هو تصويت حقيقي على الثقة".
من المتوقع أن تنمو معظم الاقتصادات الكبرى في المنطقة بنسبة 5% على الأقل هذا العام، وفقاً لتقديرات جمعتها بلومبرغ، مع إلغاء قيود حقبة الجائحة الذي يوفر دفعة رئيسية.
من جانبها ضاعفت ماليزيا هدفها السنوي للسياح بأكثر من الضعف بعد ارتفاع طفيف في الأشهر الأخيرة، بينما تتوقع تايلندا جني 11 مليار دولار من زيادة عدد الزوار الأجانب في النصف الثاني.
يقف الانتعاش في تناقض صارخ مع الصين، حيث أدى إغلاق مدينة تشنغدو الضخمة إلى مزيد من الكآبة التي خيّمت على اقتصادها وأسواق شمال آسيا التي تعتمد على الصادرات.
تعليقاً على الموضوع، قال مانيشي رايشودري، رئيس أبحاث الأسهم في منطقة آسيا والمحيط الهادئ في "بي إن بي باريباس"، عبر تلفزيون بلومبرغ: "ما زلنا نركّز على أسواق الهند وجنوب شرق آسيا؛ وهي لا تنمو فقط من حيث الانتعاش الاقتصادي بعد كوفيد، ولكنها تنمو أيضاً بقوة من حيث تقديرات الأرباح".
وزن نسبي أعلى لأسهم البنوك
يتردد صدى مثل هذه الآراء أيضاً بين خبراء الاستراتيجيات في "كريدي سويس"، الذين قالوا في مذكرة الأسبوع الماضي إنهم سيحافظون على استثماراتهم الثقيلة في رابطة أمم جنوب شرق آسيا، مع كون سوقهم المفضل هو تايلندا، في حين تُعدّ كوريا الجنوبية وتايوان الدولتين الأقل ثقلاً.
كما أن التركيبة القياسية للأسهم في جنوب شرق آسيا تقوم على وزن تكنولوجي منخفض ونسبة عالية نسبياً لأسهم البنوك، وهي مواتية أيضاً في بيئة أسعار الفائدة العالمية المتزايدة.
مخاطر عالمية
من المؤكد أن المنطقة لا يمكن أن تكون محصّنة ضد المخاطر العالمية الناشئة عن ارتفاع سعر الدولار الذي يُلحِق الضرر بأرباح الشركات، كما أن تشديد الاحتياطي الفيدرالي يدفع رأس المال بعيداً عن الأسواق الناشئة.
ومع ذلك، يقول العديد من مراقبي السوق إن هذه المرة ستكون مختلفة عن هجرة الأموال الأجنبية التي شوهدت في عام 2013 نظراً للأسس القوية للاقتصادات. حيث أظهرت بيانات جمعتها بلومبرغ أن الصناديق العالمية ضخت 2.4 مليار دولار صافياً في المنطقة باستثناء سنغافورة حتى الآن، مع كون تايلندا مسؤولة عن جزء كبير منه.
في حين اضطرت معظم البنوك المركزية العالمية إلى تشديد السياسة في الوقت الذي تواجه فيه تضخماً حاداً مدفوعاً جزئياً بسنوات من التحفيز في زمن الجائحة، كانت المشكلة أقل حدة في جنوب شرق آسيا. حيث بدأت إندونيسيا، التي تُعدّ سوق أسهمها من بين أفضل الأسواق أداءً في العالم هذا العام، في رفع أسعار الفائدة في أغسطس فقط.
فضلاً عن ذلك، اكتسبت تقديرات الأرباح الآجلة لمقياس "إم سي إس آي لجنوب شرق آسيا" ما يقرب من 4% منذ بداية الربع، مقارنة بانخفاض 1.5% للمؤشر العالمي.
قال كراب من شركة "روبيكو" إن حكومات المنطقة "لم تستخدم سخاءها المالي، ولم تستخدم سخاءها النقدي، وما تزال المعدلات الحقيقية معقولة مقارنة بالعديد من الأماكن الأخرى؛ وقد رأينا أن الأرباح التي تأتي من أماكن مثل إندونيسيا كانت مرنة للغاية".