بلومبرغ
تستعدّ الصين لتشديد الرقابة على الشركات التي تسعى إلى طرح سندات ديون بالأسواق الخارجية، مع زيادة حالات التعثر في السداد إلى مستويات قياسية وتصاعد القلق بشأن الأضرار الناتجة عن قوة الدولار.
سوف يشترط على المؤسسات المقترضة، بما في ذلك الشركات المالية، تسجيل الديون التي تزيد آجال استحقاقها على سنة والإبلاغ عنها والحصول على موافقة لإصدارها، من خلال اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح في الصين، وفق ما أظهرته مسوّدة تعليقات منشورة على موقع اللجنة على الإنترنت بتاريخ 26 أغسطس، وتمتد فترة التشاور من تاريخ هذا اليوم إلى 26 سبتمبر.
منع المخاطر
وجاء في المسوّدة أن هذه الشروط الأخيرة جزء من محاولة الحكومة لتشجيع "التطور السليم والمنظم للتمويل الخارجي للشركات" والحيلولة دون مخاطر الديون الخارجية، ويأتي ذلك بعد أن قالت اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح في يناير إنها ستوجّه الشركات توجيهاً فعالاً نحو "تحسين هيكل أسعار الفائدة على ديونها الخارجية وآجال استحقاقها".
ويُعَدّ المقترح "أكبر تغير تنظيمي يتعلق باقتراض الديون الخارجية منذ عام 2015"، حسبما أفاد هاو زو، الشريك في شركة "كينغ آند وود مولسونز" (King & Wood Mallesons) للمحاماة.
تنص إحدى القواعد الجديدة في المسوّدة على أن يقدّم المقترضون معلومات بصورة منتظمة تشمل استخدامهم لحصيلة جمع الأموال إلى اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح، والإبلاغ عن الحالات الرئيسية التي قد تؤثر في سدادهم للديون.
وتسببت أزمة الديون في قطاع العقارات بالصين في رفع حالات التخلف عن سداد الديون الخارجية إلى مستوى قياسي بلغ 37.3 مليار دولار العام الحالي، وفق بيانات جمعتها "بلومبرغ". وفي الوقت نفسه فقد تراجعت حالات التخلف عن سداد الديون المحلية بشكل حادّ.
قال زو: "إنّ إضافة رقابة لما بعد الإصدار من شأنها أن تحث المقترضين على الإشراف بأنفسهم على أوضاعهم المالية. والأمر يتعلق بالجهات التنظيمية للسيطرة على مخاطر العجز عن السداد، فضلاً عن ضمان أن استخدام حصيلة الاقتراض يتسق مع مزاعم الشركات عندما حصلت على موافقات بإصدار الديون".
وفي الوقت نفسه أدى ارتفاع العائدات على مستوى العالم وقوة الدولار إلى تأجيج المخاوف بشأن تدفق رؤوس الأموال خارج الصين. واتخذ البنك المركزي الصيني الخطوة الأكثر حِدّة في أحدث معاركه في مواجهة ضعف قيمة اليوان يوم الثلاثاء، إذ حدد البنك السعر المرجعي للعملة عند ثاني أقوى مستوى على الإطلاق.
طمأنة المستثمرين
قال شانغ وي ليانغ، استراتيجي الاقتصاد الكلي في "دي بي إس بنك" (DBS Bank): "لا بد أن الخطوة الأحدث هذه تطمئن المستثمرين بأن الدَّين الخارجي للصين سوف يُراقَب على نحو سليم، وبذلك فلن يشكّل خطراً على الاستقرار، حتى في ظل قوة الدولار".
ومع تزايد حالات التعثر عن السداد هذا العام، جاء إصدار السندات الدولارية الجديدة في النصف الأول من قبل الشركات الصينية عند أدنى مستوى منذ عام 2016. وأدى ارتفاع تكاليف الاقتراض الخارجي مع رفع معظم البنوك المركزية أسعار الفائدة، إلى تحفيز الشركات للاستفادة بشكل متزايد من السوق المحلية الأرخص سعراً، إذ جرى خفض أسعار الفائدة وجاءت العائدات حول أدنى مستوياتها على الإطلاق.
وحتى الآن، يُطلب من الشركات فقط تسجيل خطط إصدار السندات الخارجية الخاصة بها لدى اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح. وكتب محللون في "كينغ آند وودز"، بمن فيهم زو، في تقرير يوم الاثنين، أن مقترح اللجنة من المتوقع أن "يزيد تحسين الأساس القانوني للإشراف على الديون الخارجية متوسطة وطويلة الأجل للشركات الصينية".