بلومبرغ
“وول ستريت" تقول إن أسهم الميم باقية، وهي الظاهرة التي وُلدت من رحم الملل أثناء فترات الإغلاق المرتبطة بفيروس كورونا، وظهور الوسطاء بدون رسوم، وغرف الدردشة على وسائل التواصل الاجتماعي، واستطاعت أن تجذب جيلاً جديداً من المتعاملين، الذين غذّوا موجات صعود ضخمة من خلال التكاتف لرفع أسعار أسهم الشركات التي كانت "وول ستريت" تراهن ضدها.
اتسمت أسهم الميم بكل العناصر التي تقول إنها بريق خاطف سرعان ما يخبو ويتلاشى وخاصة الارتفاعات الناتجة عن المضاربة التي أفسحت الطريق إلى هبوط السوق. مع ذلك، يرى المستثمرون الأفراد والمحترفون في "وول ستريت" إنها ستبقى جزءاً دائماً من المشهد في السوق: يتوقع نحو ثلثي 522 مشارك في أحدث استطلاع لـ"إم إل آي في بلس" (MLIV Pulse) استمرار شكل من أشكال هوس أسهم الميم.
أضافت تحركات الميم تقلبات في زوايا السوق التي تعاني بالفعل من ارتفاع أسعار الفائدة ومخاطر الركود والانخفاض الحاد عن التقييمات المرتفعة القياسية، وظهر ذلك الشهر الجاري في تحركات أسهم شركتي "بيد باث آند بيوند" و"إيه إم سي إنترتينمنت هولدينغز"، وهما سهما ميم مفضلان، إذ صعد كلاهما فقط ليتخليا عن المكاسب بالسرعة نفسها.
وسيلة أخرى
قالت كالي كوكس: "محللة الاستثمار بالولايات المتحدة في شركة "إي تورو" (eToro): "نرى جوانب مجتمعية داخل أسهم الميم، لذا طالما أن المستثمرين يخلقون مجتمعاً ومدخلا، فسيجدون طريقهم إلى أسهم الميم.. أسهم الميم هي مجرد وسيلة أخرى ينخرط بها المستثمرون الأفراد في السوق".
كانت المضاربة في أسهم الميم مؤلمة هذا العام، وحتى الجهود المنسقة لم تكن كافية للتصدي للتراجع الذي ضرب اختيارات المستثمرين الأفراد مثل أسهم التكنولوجيا عالية النمو والعملات المشفرة، وانخفضت سلة من 37 سهماً مفضلاً للمتعاملين الأفراد تتبعها "بلومبرغ" بنسبة 40% تقريباً في العام الماضي.
يبدو أن المؤشر، الذي يضم "إيه إم سي" و"غيم ستوب كورب" و"بلاك بيري"، مهيأ لخسارة أخرى اليوم الإثنين مع انخفاض جميع الأسهم الثلاثة بنسبة 3% على الأقل في التداولات السابقة للجلسة. تستعد الأسهم الأمريكية لمزيد من الانخفاضات بعد أن أشار جيروم باول إلى أن الاحتياطي الفيدرالي على استعداد لمواصلة تشديد السياسة، حتى لو كان ثمن ذلك الانكماش الاقتصادي.
تراجع شهية الشراء
ينقسم المتخصصون في "وول ستريت" حول ما إذا كانت السوق لن تصل إلى القاع حتى يسحب المستثمرون الأفراد دعمهم ويصبحون بائعين للأسهم في صافي تعاملاتهم، وقد ضخّت هذه الفئة من المستثمرين مؤخراً 1.2 مليار دولار يومياً في الأوراق المالية المدرجة في الولايات المتحدة، وفق "فاندا ريسيرش"، التي جاءت الأرقام أقل من توقعاتها بتدفق 1.3 مليار دولار إلى 1.4 مليار دولار، وفي ظل تراجع مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" عن أعلى مستوياته في منتصف الشهر، فإن هذا يشير إلى تضاؤل محتمل في الرغبة في الشراء أثناء التراجعات الحالية.
يقول محللو "فاندا" إن مجموعة المستثمرين الأفراد يواجهون "نقطة تحول حاسمة مع اقتراب انتهاء الصيف".
وجد استطلاع "إم إل آي في بلس" أنه رغم ترجيح استمرار ظاهرة أسهم الميم، فإن 69% قالوا إنه من غير المرجح أن تشهد نفس أحجام التداول التي حققتها خلال ارتفاعها في يناير 2021، كذلك لا يُنظر إلى هذه الأسهم على أنها رهان جيد للفترة المتبقية من العام.
عندما سُئلوا عما إذا كانت العملات المشفرة أو أسهم الميم أو ما يُسمّى بشركات الشيك على بياض ستوفر أفضل قيمة على مدار الأشهر الستة المقبلة أم لا، اختار 51% من المشاركين العملات المشفرة و32% شركات الشيك على بياض بينما فضّل 17% فقط أسهم الميم.
شريان حياة
ومع ذلك، فإن الارتفاعات في بعض أسهم الميم قدّمت شريان حياة مالي لشركات معينة، ما سمح لها بجمع الأموال عن طريق بيع الأسهم أو الاستفادة من خطوط الائتمان، وأجرت "بيد باث آند بيوند" محادثات مع شركة الاستثمار "سيكسث ستريت بارتنرز" (Sixth Street Partners) للحصول على خط ائتمان جديد، حسبما أفادت "بلومبرغ"، نقلاً عن أشخاص على دراية بالمناقشات الخاصة.
وزاد سعر السهم من 4.5 دولار إلى 23 دولاراً في سلسلة صعود انتهت في 17 أغسطس، لكن منذ ذلك الحين، فقدت الأسهم أكثر من نصف قيمتها، ومن المقرر أن تعقد شركة تجارة التجزئة مؤتمراً عبر الهاتف يوم الأربعاء لمناقشة خطط تحسين النمو وتقوية مركزها المالي.
قال جايمي روغوزنسكي، مؤسس المنتدى الأكثر شعبية على الإنترنت للدردشة حول الأسهم "وول ستريت بتس" (WallStreetBets9)، لتلفزيون "بلومبرغ": "أسهم الميم تبرز وتنزوي سريعاً ويحدث نفس الشيء مع هذه الأسعار".
أسهم الميم خطر؟
وجود أسهم الميم شيء يراقبه المستثمرون ويحرصون على متابعته، غير أن آراءهم تباينت حول ما إذا كان تقلبها يشكل خطراً على السوق بوجه عام، وقال 57% منهم إنها لا تشكل خطراً في حين رأى 43% عكس ذلك.
قال إد مويا، كبير محللي السوق في "أواندا: "تداول أسهم الميم لن تتوفر له أموال كافية لدعم التحركات الطويلة الكبيرة التي تحدد الاتجاهات طويلة الأجل، لكنه سيكون أشبه بضخ وسحب السيولة للمضاربة على حركة الأسعار".
في مقياس لمعنويات السوق الأوسع، قال أكثر من نصف المشاركين في استطلاع الرأي إنهم يتوقعون أن تحقق سندات الخزانة الأميركية عائداً معدلاً بعد حساب أثر التقلبات أفضل من الأسهم الأميركية خلال الشهر المقبل، وقفز العائد على السندات الأميركية لأجل عامين إلى أعلى مستوى منذ نوفمبر 2007 في صباح اليوم الإثنين في التعاملات الآسيوية بعد أن رجّح رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، في جاكسون هول الإبقاء على موقف التشديد "لبعض الوقت" وقوله إن "التاريخ يحذّر بشدة من تخفيف السياسة قبل الأوان".