يقضي الرئيس جو بايدن، أو ممثله المُعيّن لهذه المهمة مؤخراً وقتاً ممتعاً في التغريد حول أسعار البنزين، وفي كل مرة ينخفض فيها متوسط السعر المحلي بنساً واحداً، يغرد البيت الأبيض عن ذلك.
وصلنا إلى ذروة الذعر بشأن أسعار الغاز منذ حوالي شهر، وتعهد بايدن بخفضها، فانخفضت، ومن المؤكد أن البيت الأبيض يريد أن يُنسب الفضل إليه في ذلك لكن هذه مجرد سياسة.
الآن، يرجع الانخفاض إلى مجموعة من العوامل مثل ضعف الطلب، وهبوط أسعار النفط الخام، واستمرار تحرير النفط من الاحتياطي الاستراتيجي، وفي مرحلة ما سينفد احتياطي النفط الاستراتيجي وسيتعين إعادة تعبئته ربما بأسعار أعلى.
مارس بايدن أيضاً بعض الإقناع الأخلاقي على مالكي محطات الوقود، لكن أغلب مجتمع الأعمال سخر من ذلك إذ أن هامش الربح على البنزين ضئيل، وتبيعه محطات الوقود عملياً بسعر التكلفة بالفعل، وقد يمثل هذا نوعاً من الانتصار السياسي، رغم قصر أجله.
اقرأ المزيد: أسعار البنزين بأميركا تسجل أطول سلسلة تراجع في أكثر من عامين
نفس المصير
سعى رؤساء آخرون لأن ينسب إليهم الفضل في تحركات إيجابية في المتغيرات الاقتصادية، وطوال معظم فترة ولاية الرئيس دونالد ترمب الأولى، غرد بشكل مفرط حول سوق الأسهم، يومياً تقريباً لبعض الفترات من الوقت، وكان يعتقد أن سياساته المؤيدة للنمو رفعت الأسهم، وربما فعلت ذلك، في البداية على الأقل.
لكن نظراً لأن ترمب أخذ الفضل في صعود سوق الأسهم مراراً وتكراراً، كان من المحتم أن ينتهي الأمر بشكل سيئ، وفي عام 2020، ساءت الأمور بالفعل، ومحاولة بايدن الحصول على الفضل في الانخفاض في أسعار الغاز يمكن أن تعاني من نفس المصير، ويمكن أن يلقي ترمب باللوم في انهيار سوق الأسهم على "كوفيد 19"، ومن المحتمل أن يشير بايدن إلى فلاديمير بوتين أو شركات النفط عندما تسير أسعار الغاز في الاتجاه المعاكس.
لست متأكداً من سبب فعل الرؤساء ذلك، فمن خلال أخذ الفضل في انخفاض أسعار الغاز، والتي لن تنخفض إلى الأبد، يدفع بايدن الشعب إلى الاعتقاد بأن الرئيس يتحكم في متغير اقتصادي لا يملك حقاً سيطرة حقيقية عليه، ولا يوجد تخطيط أو نظر في العواقب بشأن الرسائل التي تصل للجمهور عندما تتوقف فاعلية الإجراء السياسي، وسترتفع أسعار الغاز لا محالة، وسيعاد توجيه اللوم، وسيظهر بايدن ضعيفاً وغير فعال، وهذا عكس ما يقصده تماماً، ولم يكن الرئيس ترمب بحاجة إلى الكثير من المساعدة ليبدو أحمق في بعض الأحيان، لكن خصومه كانوا سريعين في الانقضاض عليه عندما انهار سوق الأسهم.
النفط يتراجع مع تقييم الأسواق لضعف الطلب على الوقود في أميركا
تهيئة الظروف
السؤال هو: هل الرؤساء لديهم القدرة على تحريك الأسواق أصلاً؟ الجواب نعم لكن بفارق زمني طويل جداً أي أنه يمكن للرئيس أن يهيئ الظروف اللازمة لارتفاع الأسهم أو انخفاض أسعار النفط، لكن لا يمكنه في الواقع دفع الأسعار في اتجاه ما أو آخر لأي فترة زمنية، وعلى سبيل المثال، أنا من أشد المؤمنين بأن إصلاحات جانب العرض التي استحدثها الرئيس رونالد ريغان أدت إلى مكاسب سوق الأسهم على مدار العشرين عاماً اللاحقة.
لقد خلق الظروف التي كانت ضرورية لازدهار الأفراد والشركات، لكن الأهم من ذلك، أن الحكومة لم تشتر الأسهم، ولم يكن ارتفاع الأسهم هو الهدف النهائي للإصلاحات وإنما كان مجرد نتيجة ثانوية جيدة، وإذا أراد بايدن أن يختار، فبإمكانه أن يخلق الظروف اللازمة لانخفاض أسعار النفط عبر السماح بالحفر على الأراضي الفيدرالية، على سبيل المثال. قد لا يؤدي هذا إلى انخفاض الأسعار على الفور، ولكن يمكن أن يحدث ذلك على مدى سنوات، لكن لسوء الحظ، قلة من الناس يفكرون فيما هو أبعد من الدورة الانتخابية القادمة.
كان الرئيس باراك أوباما مذنباً بهذا أيضاً، وإن لم يكن بنفس قدر ترمب وبايدن، كان أوباما مهووساً بعض الشيء بمعدل البطالة وكان يعتقد أن هناك بعض الصلة المباشرة بين سياساته والبطالة، رغم تنصيبه أثناء قاع الأزمة المالية، وكان من الممكن أن تتحسن البطالة بمرور الوقت على أي حال مع تعافي الاقتصاد. يمكن للمرء أن يجادل بأن الانخفاض في معدل البطالة قد تأخر في الواقع من خلال تقديم 99 أسبوعاً من إعانات البطالة، ما أدى إلى إبطاء الانتعاش.
هل تستجيب السعودية لمناشدة ماكرون وبايدن بزيادة إنتاج النفط؟
وأحبُ أن أقول إنه نسبة لشخص قضى حياته المهنية بأكملها في السياسة، فإن بايدن أحياناً سيئ للغاية في السياسة، وفي هذه الحالة، فإن تغريداته حول أسعار الغاز قصيرة النظر، فعندما ترتفع الأسعار، سيخلق هذا خيبة أمل وربما يقلل من نسبة تأييده المنخفضة بالفعل، ويشعر الرؤساء بإغراء قوي لأن ينسبوا الفضل في التحركات الاقتصادية الإيجابية الخارجة عن سيطرتهم إلى أنفسهم لكن يبدو أنهم ينسوا أنهم يعرضون أنفسهم للوم عندما تسوء الأمور.