بعد أيام من إعلان شركة "أليمنتشن كوش تارد" الكندية عن خوضها محادثات مع متاجر البقالة الفرنسية "كارفور" بشأن صفقة استحواذ محتملة، انسحب الطرفان، ويبدو أن السياسة الفرنسية قطعت أوصال العلاقة.
وهذا التحول يحرم مساهمي كارفور، بمن فيهم أغنى رجل في فرنسا برنارد أرنو، من مخرج مثالي من موقف صعب مستمر منذ وقت طويل.
وفي حال قامت "كوش تارد" بإتمام الصفقة عند 20 يورو للسهم، لكانت قيمة كارفور ستقدر بـ16 مليار يورو (19.3 مليار دولار) - أي ما يعادل أعلى سعر سهم لها منذ أغسطس 2017 عندما تولى المدير التنفيذي أليكساندر بوبارد المنصب، وبدلا من ذلك، انخفضت أسهم متاجر البقالة بما يعادل 7.6% يوم الاثنين إثر وقف المحادثات.
مواجهة عمالقة التجارة الإلكترونية
حتى لو تغلبت الصفقة على العقبات السياسية، فمن غير الواضح كيف كان سينجح الاستحواذ، وعلى عكس بيع الفساتين أو الإلكترونيات، فإن تجارة المواد الغذائية بالتجزئة هي أعمال محلية أكثر، وتختلف أذواق المستهلكين بحدة عبر المناطق، كما أن خطوط إمداد المواد الغذائية الطازجة قصيرة ما يحد من مجال اقتصاديات الحجم، وتراجعت "ولمارت"، و"تيسكو"، وحتى "كارفور" نفسه من المراكز الدولية على مدار العقد الماضي، وفضلوا تعزيز أعمالهم المحلية.
وفي ظل عدم وجود أي عرض شراء على الطاولة حاليا، فإن كارفور عادت لنقطة الصفر، حتى بومبارد نفسه كان ليتمتع بخروجه من الشركة التي هزمت العديد من المديرين التنفيذيين، ويتعين عليه الآن العودة إلى الأعمال اليومية.
وتتمثل الحقيقة المحزنة في أن كارفور مثقل بحوالي 700 متجر عملاق عبر أوروبا، والعديد منها أداؤه ليس جيدا، وعندما وصلت هذه الأسواق الكبيرة إلى فرنسا في ستينيات القرن الماضي، قدمت للعملاء مكانا واحدا لشراء كل شيء من الطماطم إلى النعال، واليوم هذا المكان الواحد هو "أمازون إنك"، التي لا تزال تمثل تهديدا لمجهودات كارفور للتحول نحو الانترنت، وللمبيعات غير الغذائية في المتاجر، وعلاوة على ذلك، يتعين على سلسلة البقالة أن تنافس في فرنسا المنافسين المحليين المملوكين ملكية خاصة مثل "لوكلير" (Leclerc SA)، ومتاجر الخصومات الألمانية "ألدي" (Aldi)، و"ليدل" (Lidl).
إستراتيجية التطوير
ويبدو استعداد كارفور للتفكير في عرض شراء مثير للشكوك بشأن استراتيجيتها الخاصة لتطوير أعمالها لمتاجر صغيرة وتسوق عبر الانترنت وأطعمة عضوية في الوقت الذي تحاول فيه تقليص تعرضها لمشكلات المتاجر الضخمة.
ولكنها قد تكون أيضا بمثابة إثبات أن أحوال التجارة الحالية هي أفضل ما يمكن تحقيقه لفترة من الزمن، في وقت عزز الوباء التسوق من أجل الطعام نظرا لأن المستهلكين الأوروبيين أجبروا على المكوث في المنازل وأعادوا إحياء رحلات التسوق الأسبوعية، وهذا الطلب لن يستمر بمجرد تطعيم عدد كافٍ من الأشخاص الذين سيبدؤون الخروج مجددا.
وتبدو احتمالات محاولة أي مشترٍ آخرَ التقرب من كارفور ضعيفة أيضا، ورغم أن المتاجر الكبيرة تتمتع بعوامل جذب حاليا، مثل الطلب المرتفع على الطعام ومحافظ العقارات الجذابة، فإن أي مشترٍ سيشعر على الأرجح بالقلق من مواجهة نفس التدخل السياسي.
وستواصل "كوش تارد" العمل مع كارفور في مجالات مثل مشتريات الوقود، ولكن ستكون الفوائد محدودة لأن كارفور لديها بالفعل تحالف شراء مع "تسكو" البريطانية، ولكن على الأقل سيظل الطرفان على اتصال، ما سيكون مفيدا لبومبارد إذا أصبحت الحياة أكثر صعوبة في كارفور، ولم يظهر أي مفترس آخر.